بين العدالة الانتقالية والعدالة القضائية مازال ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر قيد الدرس، فبين تصريحات وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية وبين تصريحات وزير العدل نورالدين البحيري تناقض كبير، فمتى يتم الحسم ؟ يعتبر ملف رجال الأعمال من أهم الملفات المطروحة على الحكومة الحالية نظرا لقيمته الاقتصادية، فأن يمنع حوالي 2160 رجل أعمال من السفر مما عطل مصالحهم يعتبر أمرا كارثيا على اقتصادنا الذي يشهد بدوره عديد التعثرات.
العدالة الانتقالية
أكد سمير ديلو، وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية أن ملف رجال الأعمال سيحل داخل أسوار وزارته وهذا ما صرّح به عديد المرات، ولعل هذا ما يفسر اللقاءات العديدة مع رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بوشماوي.
وعندما سئل ديلو أين وصلت المفاوضات بين وزارته ومنظمة الأعراف، أجاب بابتسامته المعهود التي تخفي الكثير من الأسرار «المجالس أسرار». وإن كانت المجالس أسرار، هل سيبقى يا سيد ديلو ملف رجال الأعمال من الأسرار الغامضة في الحكومة؟
وإن كانت هناك مفاوضات بين الأطراف المعنية بالأمر، لماذا تسير الأمور في كنف السرية؟ أليس من حق المواطن التونسي أن يتابع بدوره تطورات هذا الملف الخطير؟ وكيف لملف هام كهذا يشغل ملايين التونسيين ويحرّك الاقتصاد تتم فيه المناقشات بسرية تامة؟ إن أسئلة عديدة تطرح حول هذا الملف ونقاط استفهام عديدة محيطة به.
العدالة القضائية
بأسلوبه الساخر، قال نورالدين البحيري، وزير العدل «من يريد من رجال الأعمال أن يواصل عمله خارج حدود الوطن عليه أن يستعمل «السكايب»، فنحن في عصر التكنولوجيا»، وهذا ما جعل أحد رجال الأعمال الممنوعين من السفر يجيبه هل سنمضي على اتفاقياتنا الاقتصادية بالسكايب»؟
أصرّ البحيري عديد المرات في كل لقاء اعلامي معه أن ملف رجال الأعمال لن يخرج من سور وزارة العدل وسيحل داخل قاعات المحاكم وعن طريق القضاء ولا غيره، ولكن بقيت مجرد تصريحات اعلامية لأن الملف ضاع بين وزارتين وكل وزير منهما يؤكد على أحقيته في الاطلاع على هذه القضية.
سنة ونصف مرت وملفات هامة حلّت، وقضايا خطيرة فكت رموزها، ولكن بقي ملف رجال الأعمال سرّا غامضا وورقة ضغط من قبل بعض المسؤولين على هذه الفئة.
عدالة فقط
وبغض النظر عن نوعية العدالة التي ستعتمد كوسيلة لفك رموز ملف رجال الأعمال، ولكن يكفي أن يكون هناك عدالة، تسارع في التحقيق في هذه القضية لعلّ حينها يمسح الغبار عنهم وسنعرف عندئذ المذنب من البريء «ويبقى المتهم بريئا حتى تثبت إدانته»، ولكن اقتصادنا يحتاج الى كل رجل أعمال للنهوض به، وخاصة في الجهات المحرومة والتي مازالت تعاني بعد الثورة الفقر والخصاصة والبطالة، ولم تتحصل إلا على وعود واهية وزيارات ميدانية ووعود بالاستثمار وهنا نسأل الحكومة أين مشروع مصنع الحليب بسيدي بوزيد؟ وأين المشاريع بقفصة؟ وأين المصنع الذي سيبعث في القصرين؟