ما مصير «الترويكا» في ظل الانشقاقات التي تشهدها ؟ وما هو وزنها الحقيقي الآن داخل المجلس التأسيسي ؟ وهل يمكنها هذا الوزن من تمرير ما ترغب في تمريره؟ وهل سيعوض مفهوم «التوافق» مصطلح «الأغلبية» في علاقة الترويكا بباقي الكتل النيابية؟. «ماكينة التصويت» التي تحدث عنها عدد من النواب في المجلس التاسيسي بدات تتعطل, ويظهر ذلك بوضوح خاصة بعد فشل المصادقة على مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في صيغته الاصلية والتي دعمتها الترويكا وهي لا تتضمن التنصيص على استقلالية الهيئة, هذا العطل دفع الى البحث عن توافقات يمكن ان تغطي حالة الضعف التي بدت عليها الترويكا مؤخرا خاصة وان المرحلة القادمة تعتبر حاسمة باعتبارها ستكون مخصصة للمصادقة على مشاريع فصول الدستور التي قدمتها اللجان التأسيسية.
الوزن الحقيقي للترويكا
بعد الاتفاق الحاصل بين حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات فمن المفترض ان يكون عدد الأصوات التي تصادق على مشاريع القوانين التي تعرض على المجلس التاسيسي والتي تحظى بموافقة الترويكا, مجموع عدد مقاعد حركة النهضة (89 مقعد) ومقاعد حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (29 مقعدا) وحزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات ( 20 مقعدا ) اي 138 صوتا.
الاختبارات الاولى لتماسك الترويكا
اول اختبار حقيقي لتحالف الترويكا كان انتخاب رئيس المجلس التأسيسي الذي تحصل على 145 صوتا ,ثم ومن مشاريع القوانين الاولى التي عرضت على المجلس التأسيسي مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2012 والذي مثل احد الاختبارات الهامة لتماسك الثلاثي الحاكم الذي نجح في توفير اغلبية ب137 صوتا وافقوا على المصادقة على نص مشروع قانون المالية التكميلي في صيغته المقترحة.
الشاذلي العياري بداية الازمة
الاسبوع الماضي تم التصويت على قرار تعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي بالمجلس الوطني التأسيسي وبنسبة 96 صوتا موافقين على التعيين و87 ضد التعيين و7 محتفظين بأصواتهم.ورافق تعيين الشاذلي العياري على راس البنك المركزي جدل حول «ماضيه التجمعي» وهو ما اضعف موقف الترويكا في الحصول على تاييد بعض الكتل الاخرى او حتى أصوات النواب المستقلين.
استقلال القضاء يعمق اهتزاز الترويكا
أثناء مناقشة نواب المجلس التأسيسي مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث هيئة وقتية تشرف على القضاء العدلي رفض النواب إضافة كلمة مستقلة الى «الهيئة الوقتية» التي تشرف على القضاء العدلي بالرغم من التصويت عليها بأغلبية 88 صوتا مقابل 80 صوتا وذلك باعتبار أن الموافقة على تغيير اسم الهيئة وإضافة كلمة مستقلة يستوجب التصويت بالأغلبية المطلقة. هذا التقارب بين الشق الرافض والشق الذي يطالب بإضافة كلمة مستقلة طرح استفهاما حول وزن الترويكا داخل المجلس.
ثم لم يتحصل مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في صيغته المقدمة من قبل لجنة التشريع العام على موافقة الأغلبية المطلقة داخل المجلس التأسيسي ولم يستطع جمع الا 101 صوت في التصويت على فصله الأول, لم يمكنوه من المرور باعتباره قانونا أساسيا يفترض التصويت علية بالأغلبية المطلقة التي تساوي 109 صوتا من مجموع النواب .
أسباب اهتزاز الترويكا
من اهم ما اضعف الترويكا في المجلس التأسيسي وافقدها وزنها الانشقاق الذي حصل داخل كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية, حيث انفصل 12 نائبا من الكتلة وشكلوا كتلة جديدة تحت اسم «كتلة الوفاء للثورة» برئاسة عبد الرؤوف العيادي . اضافة الى ان لائحة اللوم لسحب الثقة من الحكومة والتي تم تقديمها لمكتب رئيس المجلس التأسيسي ووقع فيها 74 عضوا حملت امضاء 3 نواب من كتلة التكتل وهم سليم عبد السلام وعلي بالشريفة وسلمى مبروك خرجوا عن الموقف الرسمي للحزب المؤيد لتسليم البغدادي المحمودي الى ليبيا حينها وعبروا عن مواقفهم الشخصية الرافضة لمبدإ التسليم.
هذا اضافة الى عدد من نواب حزب المؤتمر من اجل الجمهورية والذين لم ينشقوا عن الكتلة لكنهم مستاؤون من تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية في تسليم البغدادي المحمودي وظهر عدم التوافق بينهم وبين نواب كتلة التكتل و كتلة حركة النهضة حتى في جلسات اللجان.