شرعت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية، بتونس مؤخرا في النظر في ملف قضية تتعلق باتهام بن علي ومسؤولين سابقين من بينهم المنذر الزنايدي في تسوّغ بناية بالبحيرة بطرق يشتبه في كونها مخالفة للقوانين المعمول بها وأضرّت تكاليف التسويغ بالادارة. وفي هذا الاطار فإن الوزير الأسبق للتجارة المنذر الزنايدي محال في هذه القضية بحالة فرار وقد كان لنا لقاء مع محاميه الأستاذ وسام السعيدي الذي تحدّث إلينا عن ملابسات هذه القضية، وكشف لنا، حسب تعبيره «حقائق» لا يمكن دحضها برأيه وهي كافية لتبرئة ساحة منوّبه.
خروج قانوني
في بداية حديثه معنا، أفادنا الأستاذ وسام السعيدي أن منوبه المنذر الزنايدي، لا يستوي الأمر قانونا، عند اعتباره محالا بحالة فرار، لأنه من الثابت مغادرته للبلاد التونسية عبر الأطر القانونية المعمول وعبر مطار تونسقرطاج الدولي، حيث لم يكن أنذاك مطلوبا لدى أي جهة كانت، أمنية أو قضائية ولا وجود لأي قرار بمنعه من السفر وأنه غادر تونس للعمل بدولة أوروبية في إطار مؤسّسة عالمية عادة لا تتعامل إلا مع الكفاءات من جميع دول العالم.
سعر أقلّ مما أقرّه الاختبار
وعن فحوى القضية أفادنا الأستاذ وسام السعيدي أن وزارة التجارة احتاجت سنة 2006 الى توفير مقرّ لأربع إدارات عامة تابعة لمصالحها، بالاضافة الى مؤسّستي معهد الاستهلاك ومعهد الميترولوجيا، وجميع هذه الادارات في حاجة الى بناية ذات مساحة شاسعة للقدرة على احتضانها، فتمّ الاختيار على بناية بالبحيرة، وعند الاتصال بوزارة المالية لاعلامها وأخذ موافقتها على تسوّغ البناية اشترطت توفير جزء من البناية لاحتضان مقرّات لها، على غرار قباضة مالية وإدارة عامة للأداءات، لتصبح لاحقا وبعد إبرام العقد حائزة على أكثر من 60٪ من البناية.
كما أضاف الأستاذ وسام السعيدي فإن عقد التسويغ لم يتمّ إمضاؤه إلا بعد اجتماع لجنة الصفقات التابعة لوزارة التجارة، بحضور ممثلين عن الوزارة الأولى، وزارات: المالية، التجارة، وأملاك الدولة، بالاضافة الى المراقب العام للمصاريف. وأن وزارة التجارة اتصلت لاحقا بموافقة كتابية من الوزارة الأولى على تسوّغ البناية.
أما بخصوص ما روّج له من تحقيق مالك البناية لمنفعة بغير وجه قانوني، فإنه أمر لا يمتّ للواقع بأي صلة، باعتبار أنه تمّ تسوّغ البناية بسعر قدره 100 دينار عن المتر المربع الواحد، في حين أن الاختبارات التي أذن بإنجازها قاضي التحقيق، توصّلت الى أن معدل كراء المتر المربع الواحد سنة 2006 بالبحيرة، يصل الى حدود 118 دينارا، فعن أي مضرّة أو منفعة بغير وجه قانوني، يمكن الحديث هنا؟ علما وأن السادة الخبراء أفادوا بأن سعر تسوّغ المتر المربع الواحد يمكن أن يصل الى 134 دينارا.
سنة 2009 الزنايدي وزيرا للصحة
كما جاء في ملف القضية أن وزارة التجارة ومن وراءها تحمّلت سنة 2009 تكاليف اصلاحات أدخلت على البناية بسبب ظهور عيوب عليها، وقدّرت تكاليف الاصلاحات بحوالي 285 ألف دينار، في حين أن المالك هو الذي كان يفترض عليه القيام بتلك الاصلاحات، مما سبّب مضرّة بميزانية الوزارة كانت في غنى عنها.
وعن هذه النقطة أكد الأستاذ وسام السعيدي أن الأمر مثير للغرابة والدهشة، لسبب واقعي بسيط، وهو أن الاصلاحات تقرّر القيام بها، سنة 2009، في حين أن ملف القضية فيه ما يثبت أن المنذر الزنايدي، لم يعد وزيرا للتجارة منذ سنة 2007، حيث أصبح منذ سبتمبر 2007 وزيرا للصحة، أي عامين كاملين بعد مغادرته لوزارة التجارة! وهو ما أثبتته تقارير تكميلية أنجزها السادة الخبراء، لكن لم يتمّ تمكيننا من نسخة منها لأسباب لازلنا نجهلها، وقد رفعنا شكاية في الغرض.
بالاضافة الى شكاية ضد لجنة تقصّي الحقائق من أجل التدليس، باعتبار أنها ذكرت أن عقد التسويغ أبرم بتاريخ 1 مارس 2006 أي قبل حصول المصادقة على التسويغ. في حين أن هناك ما لا يقبل الدحض، بأن العقد أبرم بتاريخ 8 ماي 2006 بعد مصادقة لجنة الصفقات بالوزارة والموافقة الكتابية للوزارة الأولى. وختم محدثنا بالقول بأن التاريخ يشهد بالانجازات التي تحققت للتجارة الداخلية والخارجية زمن اشراف المنذر الزنايدي على وزارة التجارة وأن الوزير مكلف بالسّهر على توازن السّوق الداخلية وحماية القدرة الشرائية للمواطن، حيث لم يتجاوز مؤشر الأسعار في تلك الأعوام 3٪ وفتحت الأسواق الخارجية أمام الصادرات التونسية وغيرها من الأعمال المضنية.