مازال ملف شهداء الثورة وجرحاها يثير استياء الأهالي لعدم اقتناعهم بوجود استراتيجية واضحة في التعاطي مع هذا الملف. في هذا الاطار قرّرت عائلات الشهداء والجرحى تنظيم وقفة احتجاجية غدا أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي. الوقفة الاحتجاجية تهدف لدعوة اللجنة المختصة الى عقد جلسة عامة استثنائية تخصّص للنظر في ملف الشهداء والجرحى تصدر عنها قرارات نهائية وحاسمة في خصوص تسوية وضعيات العائلات مع تحديد السقف الزمني لنفاذ تلك القرارات.
أي مطالب يريدون؟
أفادت المنسق العام الاستاذة ليلى الحداد لخمس جمعيات وهي الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق شهداء وجرحى الثورة التونسية «لن ننساكم» وجمعية النهوض بجرحى الثورة وجمعية أحرار القصبة وجمعية الحرية والكرامة وجمعية شهداء وجرحى ثورة الكرامة بالقصرين أنه تم الاتفاق على دعوة المجلس التأسيسي لتفعيل محاسبة جميع المورطين والمسؤولين عن سقوط الشهداء والجرحى أثناء أحداث الثورة وضبط القائمة النهائية والرسمية لشهداء وجرحى الثورة كما طالبوا بفصل ملف الشهداء والجرحى عن ملف العفو التشريعي العام وتفعيل حق العائلات في التشغيل في المؤسسات العمومية وتمثيل تلك العائلات في اللجان المعنية بملفهم لا يكون الا بتوافق من قبل الأكثر تمثيلا لعائلات الشهداء والجرحى وليس مسقطا بالتعيين. مطلب آخر طالبت به العائلات هو احداث مؤسسة عمومية تعنى بعائلات الشهداء والجرحى وتكون ممثلة من المعنيين بالأمر، مع المطالبة بالرعاية الصحية والنفسية اللازمة لجرحى الثورة حسب ما يقتضيه الأمر.
وأضافت الأستاذة الحداد بخصوص التعويض أن الجمعيات المذكورة اتفقت على مطلب سن معيار لقيمة التعويض عن نسبة الضرر والسقوط البدني التي لحقت شهداء وجرحى الثورة تأخذ بعين الاعتبار قيمة التضحيات التي بذلوها وجسامة الآلام والاضرار التي تكبّدوها. وطالبت بضرورة الأخذ بعين الاعتبار لمشروع القانون المقدّم بخصوص التعويض لشهداء الثورة ومصابيها الى المجلس الوطني التأسيسي.
ماذا جاء بالمشروع؟
صرّحت الاستاذة ليلى الحداد ل «الشروق» أن مشروع هذا القانون يحمل المبادئ الاساسية التي تكفل وتحمي حقوق عائلات الشهداء والجرحى خاصة بعد مرور عامين من الثورة إذ لا وجود لقائمة رسمية يقع اعتمادها، الأمر الذي أفرز عدم الثقة لدى العائلات لذلك كان مطلب جعل ملف الشهداء والجرحى من أنظار لجنة مستقلة عن ملف العفو التشريعي العام أوّل طلب في المشروع. وفيما تعلّق بالقائمة النهائية ذكرت الاستاذة الحداد أنها طالبت باعتماد القائمة الموجودة بالمحاكم العسكرية وعلى الملفات المتوفّرة لدى المحامين ويجب ألا تكون الملفات قانونية، كذلك يمكن الاعتماد على القائمات المتوفّرة لدى اللجان الطبية التي شكّلت بطلب من وزارة العدالة الانتقالية ووزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية بالمستشفى الجامعي بصفاقس ومستشفى سهلول بسوسة ومستشفى الاصابات والحروق البليغة ببن عروس مع اعتماد جدول زمني في تحديد قائمة نهائية للشهداء والجرحى. النقطة السادسة من المشروع تضمّنت انشاء مركز خاص للاحاطة الطبية والمعالجة النفسية باحد مستشفيات العاصمة.
تطرّق المشروع ايضا الى ضرورة احداث يوم ذكرى لشهداء أحداث السجون وتنقيح مصطلح المصابين بمصطلح الجرحى باعتبار ان مصطلح المصابين مصطلح غير دقيق وشامل وعام. وطالبت ايضا الاستاذة الحداد صلب المشروع بتنقيح مصطلح «الذين خاطروا» بالذين «ضحّوا» لما للمصطلح الأول من تحميل مسؤولية للشهداء والجرحى في الأحداث. وقالت إنه من الضروري الاستجابة لحاجيات هذا الملف بالشكل والقيمة المستوجبة لشهداء وجرحى الثورة حتى لا يكون هذا الملف رهين التجاذبات السياسية ويكون الملف وقودا للحملات الانتخابية.
فيما تعلّق بتعريف الشهداء والجرحى خلال الفصل السادس من المشروع فقد لاحظت الأستاذة الحداد انه من الثابت من خلال القضايا المنشورة في المحاكم العسكرية والمحاكم العدلية ان العديد منها تاريخ وقوع واقعة القتل ومحاولات القتل بطلق ناري صادر إما عن أفراد من الوحدات العسكرية او وحدات التدخل لاحقة لتاريخ 28 فيفري 2011. وجاء في مشروع الوزارة انه يتم تعين شخصيتين تمثلان الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الانسان يختارهما رئيس اللجنة، لكن في المشروع المقدّم من طرف الجمعيات اعتبرت ان نسبة التمثيل ضعيفة باعتبار ان هذه اللجنة تعنى خصيصا بأوضاعهم وبالتالي وجب الرفع من نسبة التمثيل حتى يكون أهم صوت في اللجنة قادرا على حماية وضمان حقوقهم.
نسبة السقوط البدني
رأت الأستاذة الحدّاد انه يجب اعتماد تقدير نسبة السقوط البدني من قبل لجنة فنية تحدث لدى وزارة الشؤون الاجتماعية حصريا الا بالنسبة الى الجرحى الذين لم تقدّم ملفاتهم الى القضاء ولم تحدد بالتالي نسبة السقوط للانتفاع بأحكام هذا المرسوم وطالبت بالتسريع في عملية درس الملفات والتقليل من تكوين اللجان.
الجراية
تعرّض الفصل الثامن من المشروع الى مسألة الجراية التي توزّع على والدي الشهيد انصافا بالتساوي بينهما. وفي صورة إذا ما كان الشهيد في قائم حياته متزوّجا وخلّف أولادا فإن الجراية المستحقة توزّع على النحو التالي: 10٪ للوالدين و40٪ للقرين و40٪ لأبناء الشهيد بالتساوي بينهم.
العلاج
جاء في مشروع الوزارة الحق في مجانية العلاج والاقامة بالهياكل العمومية للصحة وبالمستشفى العسكري ما لم يكن متمتعا بتغطية اجتماعية. في المقابل طالبت الاستاذة الحداد في مشروعها بتنقيح هذا الفصل في فقرته الثانية وذلك بحذف التضييق «ما لم يكن متمتعا بتغطية اجتماعية» لأن الحق في مجانية العلاج فيه امتيازات تتناسب مع وضعية الجريح. وقد تكون التغطية الاجتماعية قاصرة على منحة تلك الامتيازات وتكون سببا في عرقلة علاجه فضلا عن تبسيط الاجراءات في التكفل بالعلاج وعدم ارهاق الصناديق الاجتماعية في التكفل بالمصاريف. إذن يبقى ملف شهداء وجرحى الثورة من أهم الملفات التي يجب ان تطرح في أقرب وقت على طاولة اللجنة المختصة صلب المجلس الوطني التأسيسي حتى تهدأ نفوس العائلات.