تأخر صرف الأجور لموظفي بعض القطاعات العمومية ولّد حيرة لدى الشغالين حول دوافع هذا التأخير غير المبرر وخلق لديهم تخوفا من امكانية عجز الحكومة فعلا عن تسديد رواتبهم. تجاوز المدة المحدودة لصرف رواتب الموظفين في بعض القطاعات العمومية جعلهم يتساءلون إن كنّا فعلا أمام عجز حكومة عن تسديد الرواتب والى متى ستتواصل هذه المحنة أمام الغلاء المشط للأسعار وعجز المقدرة الشرائية وتشعب متطلبات الحياة اليومية؟
ولرصد انطباعات هؤلاء الأجراء التقينا بالبعض منهم حيث أكد عادل الحاج سالم أن تأخر صرف الأجور خلال هذا الشهر مسألة ربما تكون عادية لوجود بعض العوامل الادارية أو غيرها عطلت عملية صرفها في الآجال المحددة لكن الصعوبات الحقيقية والتخوف الحقيقي قد يظهر خلال شهر أفريل المقبل نتيجة عدم خلق التنمية والثروة وغياب برنامج تقشف حقيقي اذ ان الحكومة تشغل عديد الوزراء والمستشارين الأمر الذي يزيد من نفقاتها المادية، مضيفا أن سياسة «التداين» المعتمدة من قبل الحكومة مثل حصولها على قرض ب500 مليون دينار من البنك الدولي واعتمادها على القروض الاستهلاكية دون الكشف عن الشروط السياسية والاجتماعية لهذه القروض سيزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية التونسية.
عجز مرتقب
وقال عادل الحاج سالم ان المشكل الحقيقي اليوم لا يكمن في تأخر صرف الرواتب خلال هذا الشهر وانما في العجز المرتقب في الاشهر القادمة خاصة في غياب التوزيع العادل للثروات وخلقها قائلا: «الموظف اليوم مهدد في راتبه ولكن بعد أشهر» وأرجع ذلك الى غياب برنامج اقتصادي واجتماعي واضح للحكومة في جميع القطاعات ودون استثناء مما يهدد مستوى عيش المواطن، مشيرا الى أن الزيادات في الأجور التي شملت أغلب القطاعات ستكون وبالا على الاقتصاد الوطني وكان من الأجدر تخصيصها لخلق مواطن شغل جديدة. وقال ان الحكومة تلهث من أجل رتبة الشريك المميز للاتحاد الأوروبي وهو ما احتج عليه التونسيون في عهد بن علي في اتفاقية الشراكة مع أوروبا لوجود ملاحق تعطي الحق في التدخل في شؤوننا الوطنية ومع ذلك فإن هذه المسألة لم تطرح اليوم وتساءل عن الشروط السياسية لوضعية الشريك المتميز.
من جانبها صرّحت هاجر خنفير أن تأخر صرف الرواتب ينبئ بزيادة تأزم الوضع الاقتصادي التونسي وأرجعت ذلك الى تدهور في الميزانية بسبب صرف الأموال في مسائل ثانوية أوّلها الزيادات في أجور نواب المجلس التأسيسي رغم أجورهم الضخمة وقالت إن صرف رواتب الاجراء كان من الأجدر إيلاؤه الاولوية لدى الحكومة مشيرة الى أن القروض والهبات المتأتية من الدول الاجنبية لن تحل الاشكال بقدر ما تزيد الوضع تأزما وتنحدر بنا نحو الهاوية والمواطن البسيط هو الذي يدفع «الفاتورة» وأوّلها حرمانه من راتبه في الآجال المحددة لذلك.
الموقف ذاته سجّلته سنية كافي التي أبدت استياءها من عدم تلقيها لجرايتها الى حد الآن اضافة الى عدم تمتعها بمنحة الانتاج ومنحة ساعات مراقبة الامتحانات بالنسبة للسنة التاسعة أساسي والباكالوريا وقالت إن الاعانات والقروض التي تحصلت عليها الحكومة الى جانب الأموال المتأتية من بيع بعض ممتلكات بن علي والطرابلسية وغيرها من شأنها أن تزيد من تحسين وضع المواطن التونسي لا حرمانه من راتبه الذي لا يكفيه لتغطية مصاريفه اليومية خاصة أمام الإرتفاع المشط للأسعار. وقالت إن الحكومة غير عاجزة ماديا عن تسديد رواتب الطبقة الشغيلة وإنما ما هو حاصل يعود إلى سوء التصرّف، وهو ما أيدته اقبال قيقة التي قالت: «أشك أن تكون الحكومة عاجزة عن خلاص رواتبنا».
أما فيصل البختي فقد أكّد أن عدم صرف رواتب موظفي بعض القطاعات سببه عجز في الميزانية نتيجة الأموال التي يقع اهدارها في مسائل لا علاقة لها بالمصلحة العامة وقال: «ما هو آت أصعب».