نفى قاضي التحقيق المتعهد بملف اغتيال الزعيم الوطني الشهيد شكري بلعيد، أن يكون قد أذن لوزير الداخلية السيد علي العريض، بتقديم معطيات حول ملف القضية والتطورات الحاصلة فيه، وذلك وفق ما أكده تقرير المرصد التونسي لاستقلال القضاء في بيان له. الندوة الصحفية التي عقدها وزير الداخلية مؤخرا، وتم منع عدد من الصحفيين ووسائل الاعلام من متابعتها، لعرض آخر التطورات في ملف قضية المناضل الوطني الشهيد شكري بلعيد أصبحت محل انتقاد. ففي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الداخلية أن انعقاد تلك الندوة كان بتنسيق مع قاضي التحقيق المتعهد بملف القضية فند رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني ما جاء على لسان وزير الداخلية بعد اتصاله بالمعني بالأمر. «الشروق» اتصلت بالاطراف المعنية للوقوف على الحقيقة..
السيد أحمد الرحموني.. لم يصدر أي إذن من قاضي التحقيق
السيد أحمد الرحموني قال للشروق إنه استوضح مسألة التنسيق مباشرة من قاضي التحقيق الذي نفى أن يكون قد تلقى أي اتصال من أي جهة رسمية للإدلاء بمعلومات تخص القضية. بل إنه تابع الندوة الصحفية كعامة الشعب. رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أصدر بيانا صحفيا أكد فيه الغياب الكلي للتنسيق وأضاف ل«الشروق» أن الغاية من ذلك البيان هي تحديد المسؤوليات لأنه وردت بالندوة الصحفية معلومات تخص قضية مازالت منشورة أمام التحقيق. كما أنه لم يصدر أي إذن من قاضي التحقيق للإدلاء بأي معلومة.
أوضح السيد الرحموني أن أهم عنصر في تلك الندوة هو الإشراف القضائي على المعلومات التي أدلى بها وزير الداخلية خاصة وأن تلك المعلومات تخص قضية جنائية وقاضي التحقيق هو رئيس الضابطة العدلية أعطى انابة عدلية لفرقة مقاومة الإجرام بالقرجاني لتتكفل بالابحاث. وفرقة مقاومة الإجرام لا يمكن أن تعطي أي معلومة للوزير إلا بإذن من قاضي التحقيق.
اضاف رئيس المرصد ان الندوة الصحفية جمعت بين صنفين من المعلومات الصنف الأول ذو طبيعة جنائية يتعلق بالاعتقالات وصنف ثاني ذو طبيعة سياسية تعلق بالجهة المنفذة والتي وصفها وزير الداخلية بالسلفية وهنا قال الرحموني انه لا يمكن لقاضي التحقيق بأي حال أن يدل بأي معلومة أو يأذن بنشرها.
ثم قال «أعتقد أن وزير الداخلية اضطر لاقحام قاضي التحقيق في الندوة». فما صرح به الوزير هو بمثابة استباق لنتيجة الأبحاث التي سيتوصل اليها قلم التحقيق والتي مازالت في طور جمع المعلومات والأدلة. وقد حاولنا الاتصال بالسيد قاضي التحقيق الا أنه لم يتسنّ لنا ذلك لكثرة مشاغله.
وزارة الداخلية تتمسك
ردا على النفي الذي أكده بيان المرصد التونسي لاستقلال القضاء اتصلت «الشروق» بالمكلف بالإعلام بوزارة الداخلية السيد خالد طروش الذي قال إن ذلك البيان لا يلزم الوزارة بشيء باعتباره لم يصدر عن قاضي التحقيق المتعهد بملف القضية مجددا ما ذكره وزير الداخلية بأنه وقع التنسيق مع قاضي التحقيق لعقد الندوة الصحفية حتى لا تخرق القانون ويلتزم بما تمليه الدولة المنظمة . وأضاف الناطق الرسمي باسم الوزارة انه في مرحلة أولى قررت الوزارة إصدار بلاغ صحفي تقدم فيه بعض الايضاحات ثم استقر الرأي على عقد ندوة صحفية لاطلاع الرأي العام على آخر مستجدات القضية وفي حدود ما يسمح به القانون أي دون الخوض في التفاصيل. وهو ما تم إعلام قاضي التحقيق به. وأضاف السيد خالد طروش أن الوزارة حريصة على احترام مبدإ سرية الأبحاث. واستشارت قاضي التحقيق قبل ذلك.
هيئة الدفاع.. نخشى توظيف الملف
تعليقا على تصريح وزير الداخلية بخصوص التنسيق مع قاضي التحقيق المتعهد بملف الشهيد شكري بلعيد قال الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع الأستاذ نزار السنوسي إن الأمر فيه تداخل بين السلطة التنفيذية و سلطة قاضي التحقيق متهما وزير الداخلية بخرق القوانين المعمول بها. وأكد أن الغاية من تلك الندوة هي التوظيف السياسي لتلميع صورة الوزير الذي طالبت هيئة الدفاع بضرورة الاستماع الى شهادته في القضية. ثم أشار الأستاذ السنوسي إلى ما جاء بمراسلة الهيئة الوطنية للمحامين التي ذكرت صلبها وزارة الداخلية أن الشهيد شكري بلعيد ليس محل تهديد بل هو محل مراقبة أمنية.
الاستاذ السنوسي وصف ندوة السيد علي العريض بالمسرحية وقال إن هيئة الدفاع لا تثق فيه وان لها شكوكا وخوفا كبيرا من طبيعة التعامل مع ملف القضية ومن طريقة معالجته. وما أصدره المرصد التونسي لاستقلال القضاء من نفي قاضي التحقيق قطعيا ما ورد بشأن التنسيق مع وزارة الداخلية يؤكد شكوكهم وقال إنه لا يتصور أن قاضي التحقيق يخرق القانون فكيف لوزير الداخلية أن يتجرأ على ذلك؟
اضاف الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع انهم لا يريدون توظيف الملف لمصلحة أي كان بل إنهم يسعون لكشف الحقيقة كاملة. وأشار إلى ما صدر عن وزير الداخلية عندما اتهم الزعيم الوطني الشهيد الشهيد شكري بلعيد بالوقوف وراء الاعتصامات في حين أن شكري بلعيد كان في تلك الفترة خارج تونس وهو ما يعني أن وزير الداخلية سقط بدوره في التحريض عليه وكان بالتالي أن ينأى عن تلك الندوة الصحفية.
قضية الزعيم الوطني الشهيد شكري بلعيد مرشحة لتطورات أكبر خاصة أمام إصرار هيئة الدفاع على الاستماع إلى أقوال وزير الداخلية علي العريض من قبل قاضي التحقيق التي ربما تكشف عن جانب آخر من شأنه أن يحدد الجهة التي تقف وراء هذه الجريمة الارهابية النكراء. من جهة ثانية قالت مصادر بهيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد، ان عددا من المحامين وهيئة الدفاع يعتزمون مقاضاة وزير الداخلية لتعمده خرق سرية الأبحاث في قضية ارهابية وللادلاء بمعطيات في قضيّة لم تتم تلاوة ملفاتها في جلسة علنية، كما تطالب هيئة الدفاع باستدعاء العريض وسماع اقواله في قضية اغتيال الزعيم الوطني الشهيد شكري بلعيد.