عدم استماع السلطات التحقيقية الى تصريحات رجل الأعمال فتحي دمق وعدم البحث بجدية في مسألة الأمن الموازي والتشكيك في الأبحاث بدأت تثير مخاوف جديدة في صفوف المتابعين لقضية الشهيد شكري بلعيد. أثارت مسألة عدم استجابة قاضي التحقيق بالمكتب الثالث عشر بالمحكمة الإبتدائية بتونس لمطلب سماع رجل الأعمال فتحي دمق في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد تخوفات وشكوكا صلب الأطراف المعنية بالقضيتين سواء من قبل هيئات الدفاع أو القائمين بالحق الشخصي. أسئلة عديدة طرحت في أذهان المتابعين للقضيتين منها لماذا خرج رجل الأعمال فتحي دمق عن صمته وقرر البوح بمعطيات هامة في قضية الاغتيال؟ وما هي علاقة الأمن الموازي بالملفين؟ ولماذا تفاعلت السلطات التحقيقية ببرود مع مطلب رجل الأعمال فتحي دمق؟.
الأمن الموازي على الخط
كشفت مصادر مطلعة ل«الشروق» أن هناك رابطا بين ملف اغتيال الزعيم السياسي شكري بلعيد وملف رجل الأعمال فتحي دمق في خصوص تدخل الأمن الموازي بوزارة الداخلية والتي قيل انها تعمل لصالح حزب سياسي حاكم خاصة أن الجهة التي قامت بتصوير الفيديو موضوع قضية صفقة الأسلحة المشبوهة هم من كشفوا عن وجود قائمة اغتيالات ذكر فيها اسم الشهيد شكري بلعيد وهذه الجهة هي عبارة عن مجموعة مخبرين يعملون لصالح السلطات الأمنية وقد تم الكشف عن أسمائهم عبر وسائل الإعلام وهذا الأمر طرح نقاط استفهام لماذا كشفت وزارة الداخلية عن مخبريها؟ والحال أن المتعارف عليه عالميا هو أنه لا يتم الإفصاح عن المخبرين حتى لا تتعرض حياتهم للخطر الى جانب امكانية مواصلتهم للعمل في ملفات أخرى. المتابعون والملاحظون للقضيتين يتساءلون لماذا قرر رجل الأعمال فتحي دمق الذي وجهت اليه أصابع الاتهام من بعض الجهات غير الرسمية في كونه من يقف وراء اغتيال الشهيد شكري بلعيد قرر بعد أشهر من ايقافه الخروج عن صمته. وفي هذا السياق ذكرت مصادرنا أنه كان يعلم في البداية أنه محمي من بعض القيادات السياسية المنتمية الى حزب حاكم إذ أنه لم يكن يعتقد أنه سيتورط بالفعل في ملف صفقة شراء الأسلحة المشبوهة خاصة أنه وقع اطلاق سراح نجله صادق دمق. وأضافت مصادرنا أنه بعد تقدم الأبحاث أصبح فتحي دمق خائفا على حياته من التصفية الجسدية من طرف مصالح الأمن الموازي التي تعمل لفائدة حزب سياسي والتي تتلقى أوامرها من أحد القيادات السياسية وقد راج مؤخرا أنها خارج تراب الجمهورية وتبين في ما بعد أنها موجودة بتونس وهي من العناصر الفاعلة بوزارة الداخلية .
شهادة دمق وملف الشهيد
وأكدت مصادرنا أن فتحي دمق قرر البوح ببعض المعطيات والمعلومات خاصة بعد أن لعبت وسائل الإعلام والصحف دورها في الآونة الأخيرة من خلال كشفها لوجود أمن مواز بوزارة الداخلية الى جانب أنه أصبح من الصعب جدّا دفن ملف الشهيد شكري بلعيد بسهولة وهو ما جعل رجل الأعمال فتحي دمق يشعر بأنه خارج قائمة من يمكن تصفيتهم. وهو الأمر الذي حفزه على التقدم بمطلب الى قاضيي التحقيق بالمكتبين الخامس عشر والثالث عشر إلا أنهما رفضا الاستجابة لمطلبه وهو ما دفع بمحاميته الأستاذة نجيبة شريف الى عقد ندوة صحفية لتسليط الضوء على مطلب منوبها الذي لم تتعامل معه السلطات المعنية بجدية. هيئة الدفاع عن ملف الشهيد شكري بلعيد تحركت وتفاعلت مع مطلب لسان دفاع رجل الأعمال فتحي دمق حيث قدمت مطلبا كتابيا الى قاضي التحقيق بالمكتب الثالث عشر قصد الاستماع الى أقوال رجل الأعمال فتحي دمق وهو مسلك آخر يمكن أن يمكن السلطات التحقيقية من بداية الكشف عن الجهة التي تقف وراء اغتيال الشهيد شكري بلعيد خاصة أنه تبين أن السجين فتحي دمق كان على علاقة ببعض القيادات السياسية. من جهة أخرى استغربت هيئة الدفاع من رد قاضي التحقيق الذي لم يتعامل مع الأمر بجدية وقد أفادنا الأستاذ نزار السنوسي أن هيئة الدفاع بعد التثبت من موقف قاضي التحقيق في خصوص المسألة فإنه سيكون لهيئة الدفاع رد رسمي بناء على موقف قاضي التحقيق.
تشكيك في الأبحاث
وفي سياق آخر أكدت الأستاذة منية العابد القائمة بالحق الشخصي في قضية رجل الأعمال فتحي دمق أنها ستستأنف قرار ختم البحث أمام دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس على أساس أن قاضي التحقيق لم يستجب لعدة طلبات اضافة الى أن الأبحاث والتحقيقات كانت سطحية ولم يجتهد فيها و لم يستمع الى عدة أطراف فاعلة في هذه القضية ولعبت دورها. وأكدت الأستاذة منية العابد أن قاضي التحقيق بالمكتب الخامس عشر بالمحكمة الابتدائية بتونس لم يأخذ بعين الاعتبار طلبات الدفاع المتعلقة أساسا بسماع الشهود والأطراف التي لها علاقة بالملف من ذلك الاستماع الى المستشار الأمني السابق لوزير الداخلية توفيق الدبابي وذلك على خلفية تصريحاته المتعلقة بوجود جهاز امن مواز صلب وزارة الداخلية وذلك وفق ما نشر بإحدى الصحف. كما طالبت هيئة الدفاع بسماع مدير التكوين بوزارة الداخلية الذي تبين عبر الصحف أنه توجد خطة لتدريب أعوان أمن الى جانب الاستماع الى الزميل رمزي الطيبي الذي سبق له أن طرح مسألة الأمن الموازي. كما طالبت هيئة الدفاع بسماع رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي الذي كان قد صرح للمحامي محمد جمور أن هناك تهديدات بتصفية شخصيات سياسية ووطنية وذلك حسب ما أفادت به الأستاذة منية العابد التي تقدمت بمطلب الى قاضي التحقيق قصد سماع أقوال وزير الداخلية السابق علي العريض وذلك بناء على تصريحاته المتعلقة بقضية الشهيد شكري بلعيد و أضافت الاستاذة العابد أن قاضي التحقيق لم يستجب الى جملة هذه المطالب التي من شأنها الكشف عن النقاط الغامضة صلب القضية واماطة اللثام عن تفاصيل هذه الشبكة. واعتبرت الأستاذة منية العابد أنه توجد علاقة مباشرة ووطيدة بين ملف شكري بلعيد ورجل الأعمال فتحي دمق خاصة أن قائمة الاغتيالات تضمنت اسم الشهيد وهذا يعني حسب رأيها أن هناك خيطا رابطا بين القضيتين .
حقائق مرعبة
وتبقى الحقائق مرعبة وخطيرة في ملف الشهيد شكري بلعيد وملف فتحي دمق الذي أجمع المتابعون له وكذلك الأطراف التي لها علاقة قانونية بالملف أن هذين الملفين مرتبطان ويمكن أن تكون شهادة فتحي دمق بداية جديدة في ملف الشهيد الذي عرف ركودا في الآونة الاخيرة وبقي الرأي العام بصدد انتظار الرواية المتماسكة لوزارة الداخلية حول وضعية المتهم الرئيسي كمال القضقاضي. كما ان الرأي العام ينتظر اجابة واضحة وجلية من السلطات التحقيقية التي تجاهلت مطلب رجل الأعمال فتحي دمق رغم اعرابه عن رغبته في تقديم معطيات في قضية الاغتيال منذ أكثر من شهر.