تتصاعد دعوات التحقيق في الدور الذي لعبه عضو مجلس الحكم المعين في العراق أحمد الجلبي وجماعة المؤتمر الوطني العراقي الذي يتزعمه والمحسوب على المتطرفين في البيت الأبيض والكونغرس والقيادة المدنية لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في الترويج للمعلومات الاستخبارية المضللة والكاذبة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة التي استخدمها ارئيس الأمريكي جورج بوش وكبار مساعديه في حملتهم لتبرير الحرب على العراق واحتلاله، مقابل الحصول على أموال نقدية من البنتاغون تقدر بملايين الدولارات. وي الوقت نفسه قال مسؤول عسكري أمريكي يشارك في الخطط الأمريكية الخاصة بالعراق، ومن أشد منتقدي الجلبي وجماعته «إن دور الجلبي قد أوشك على الانتهاء، وأن الوقت قد حان لذلك.» مضيفا بان «الكثير من المعلومات التي قدموها كان مشكوكا فيها منذ البداية وكان بعضها زائفا بصورة مضحكة. ومع ذلك فقد ظلت مستمرة، وأنه في اللحظة التي وصل فيها الجلبي وجماعته إلى بغداد أخذنا نسمع عن قصص مرعبة عنه باستيلائه على ممتلكات الناس الآخرين، وبيوتهم وما إلى ذلك. وإننا الآن ننظر لنرى إن كانوا حشروا أنوفهم في عملية إعادة الإعمار بعد الحرب، والمكاسب المتأتية عن العقود. وكان البنتاغون قد علق الأسبوع الماضي بعد احتجاجات من شركات بولونية منافسة، عقدا بقيمة 327 مليون دولار كانت منحته لشركة «نور يو إس إي» التي يملكها أبو الهدى الفاروقي بمشاركة مع الجلبي. وذكرت مصادر في الكونغرس والحكومة الأمريكية أن الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي طلبوا من وكالة الاستخبارات العسكرية تسليمهم سجل المعلومات والتقارير الاستخبارية التي قدمها جماعة المؤتمر الوطني العراقي (المعارض سابقا) لمراجعتها لمعرفة مدى دقتها وصدقيتها. نهاية حليف وذكرت مصادر الكونغرس أن الأعضاء الديمقراطيين يتملكهم الغضب إزاء التقارير التي تذكر أن وكالة الاستخبارات العسكرية التابعة للبنتاغون تواصل دفع نحو ما بين 3-4 ملايين دولار سنويا لجماعة الجلبي لصالح «برنامج جمع المعلومات» الذي كان بدأ العمل به في عام 2001، بالرغم من أن كافة المعلومات التي سبق أن قدموها حول أسلحة العراق وارتباطاته المزعومة بتنظيم القاعدة، تتسم بالزيف. ومما ساهم في تصعيد موقف الديمقراطيين أن الدفعات المالية تتواصل في الوقت الذي تجري فيه سبعة تحقيقات مستقلة حول تلك المعلومات الاستخبارية من بينها التحقيق الذي تجريه لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ حول دور جماعة الجلبي في تقديم تلك المعلومات. وكان ديفيد كاي رئيس فريق التفتيش الأمريكي في العراق قد أثبت زيف كل المعلومات التي استندت إليها الاستخبارات الأمريكية لتبرير غزو العراق، مؤكدا أن بغداد لا تمتلك أسلحة محظورة. وإلى جانب علاقاته المتميزة مع متطرفي البنتاغون، فقد نجح الجلبي في إقامة علاقات متميزة مع مكتب نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني مما جعله يحظى في واشنطن بلقب «رجل البنتاغون في العراق». ويعرف عن الجلبي حرصه على أن يقيم العراق علاقات «سلام» مع الكيان الصهيوني ومنح الولاياتالمتحدة قواعد عسكرية دائمة في العراق لكي تستخدمها واشنطن في حربها ضد ما تسميه «الإرهاب». ورغم أن البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في عهد حكومة الرئيس السابق بيل كلينتون في التسعينات من القرن الماضي، لم تثق في معلومات جماعة الجلبي بسبب وجود مصالح خاصة قوية له في الإطاحة بصدام، إلا أن الأمور قد تغيرت في عهد الرئيس بوش. وقال مسؤول أمريكي كبير إن قدرا كبيرا من المعلومات التي قدمها جماعة الجلبي لم تكن مفيدة. دور جديد للجلبي وقال مسؤولون أمريكيون كبار أن المزاج العام في البيت الأبيض تجاه الجلبي وجماعته قد تغير بشكل واضح في أعقاب التصريحات التي كان أدلى بها لصحيفة ديلي تلغراف البريطانية يوم الثامن عشر من شهر فبراير الماضي والتي قال فيها أنه ليس من المهم أن تكون المعلومات التي قدمتها جماعته قبل الحرب على العراق صحيحة أم لا نظرا لأن الهدف الذي سعت له قد تحقق وهو الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين. وقال الجلبي «نحن أبطال واقعون في خطأ. وفي رأيي أننا نجحنا بشكل تام.. لقد ذهب صدام حسين وجاء الأمريكيون إلى بغداد». مضيفا في إشارة إلى تأكيده على العلاقات المتميزة مع حكومة بوش بأن «حكومة بوش تبحث عن كبش فداء ونحن مستعدون لذلك إذا أراد». وقالت مصادر مطلعة أن الرئيس بوش قد شعر بالغضب من تصريحات الجلبي، وقرر معرفة ما إذا كان جماعة المؤتمر الوطني العراقي أو أي شخص آخر له علاقة بهم قد سعوا إلى الاستفادة من الحرب على العراق. وقال مسؤول أمريكي كبير «إن دور (الجلبي) قد أوشك على الانتهاء بسرعة». وذكر العضو السابق في مجلس سياسة الدفاع ريتشارد بيرل الذي يعتبر أبرز المدافعين عن الجلبي أن الأخير بعث بعد يومين من نشر الصحيفة تصريحاته برسالة إلى الديلي تلغراف يوم العشرين من الشهر الماضي قال فيها أن الصحيفة أخطأت في اقتباس تصريحاته، وقال بأن تقرير الصحيفة «يتضمن بأنني اعترفت بنشر معلومات مزيفة، إن هذا بالتأكيد غير صحيح. وللتاريخ فإن المؤتمر الوطني العراقي لم يقم مطلقا بتدريب منشقين عراقيين أو أننا قمنا بتقديم معلومات كاذبة». ويرى مراقبون أن الجلبي قد خسر باستقالة بيرل من مجلس سياسة الدفاع، سندا قويا له في واشنطن، فيما نفى بيرل يوم الجمعة الماضي أنه قدم استقالته يوم الثامن عشر من الشهر الماضي بناء على طلب البيت الأبيض.