فيما تركّّّّزت الأنظار حول بعض الإضرابات والتحرّكات الاجتماعية والاعتصام حول عدد من المؤسّسات الاقتصادية الكبرى من بينها "بريتش غاز" وبعض مصانع الاسمنت ومؤسّسة "المركّب الكيمياوي "ومصنع" الاسمنت بقابس (المموّل الرّئيسي للجنوب)، فتح باب المؤسّسات التي كانت تابعة كلّيا أو جزئيا لمقرّبين من بن علي .. فما جديد هذا الملفّ ؟ وما مصير نحو 112 مؤسّسة صدر بشأنها قرار مصادرة وأكثر من 180 شركة قد تخضع بدورها إلى التأميم بحكم وجود مساهمين فيها من بين المقرّبين من بن علي ؟ حوالي 200 رجل أعمال وخبير قاموا بمناقشة هذه الملفّات في ندوة نظّمت في مدرج المدرسة الوطنية للإدارة من قبل منتدى من أجل جمهورية جديدة « نور» ومنتدى ابن رشد للدّراسات المغاربية بتونس.. نقاط استفهام الشركات المعنية بملفّات الغلق والمصادرة والتّتبع القضائي بما فيها نحو 112 من الشركات التابعة كلّيا لمقرّبين من الرّئيس السّابق وحوالي 200 من الشركات التي يمتلك مقرّبون منه أسهما فيها.. حسب الخبير الاقتصادي حسن الزرقوني مدير مؤسّسة «سيغما» ورئيس اللّجنة الاقتصادية في جمعية « نور» فان الإطار القانوني والاقتصادي والسياسي لملفّ المؤسّسات التي وقعت مصادرتها يتراوح بين سيناريوهات التّأميم والخوصصة والإدراج (كلّيا أو جزئيا ) في البورصة بعد استكمال الإجراءات القانونية والقضائية والّتي قد تدوم بضعة أشهر ... ويمكن أن تدوم مرحلة التّقاضي بالّنسبة لبعضها مدّة طويلة مع ما يعنيه ذلك من احتمال الإضرار بمصالح العاملين فيها وشركائها والمؤسّسات البنكية وشركات الإنتاج والخدمات التي يرتبط مصيرها بها.. ليس هناك مجال للاجتهاد بعض الخبراء القانونيين والاقتصاديين أثاروا بالمناسبة تحدّيات كثيرة تواجه هذه الشّركات ومالكيها وشركاءها والعاملين فيها من بينها أن المتصرّف القضائي فيها لا يحقّ له أن « يجتهد في التّعامل مع النّصوص القانونية وقرارات المصادرة او التّجميد « ..من ذلك لا يسمح له ب»الاجتهاد « والاذن بقيام المؤسّسة التي كلّف بها مؤقّتا بالقيام باستثمارات جديدة خلال المرحلة الانتقالية .. وان كان الاستثمار سيحدّد مصيرها واحتمال غلقها على غرار بعض المؤسّسات الزّراعية والاستثمارية التّابعة كلّيا أو جزئيا لمقرّبين من الرّئيس الساّبق . ألفا شركة قد تتضرّر كما أثير ملفّ نحو ألفي شركة مرتبطة من حيث خطتها في الإنتاج والتسويق والتموين بالمؤسسات المعنية بالمنازعات والتي يمتلك مقرّبون من بن علي أسهما فيها ..أي أن إفلاس مجموعة من ال200 مؤسّسة محل نزاع او غلقها او تعثّر عملها سيؤدّي الى تعثّر حوالي الفي شركة اخرى فضلا عن المضاعفاتالتي ستشمل سوق التشغيل بسبب احتمال إحالة جموع من العمال والكوادر على البطالة . ولا يخفى انّ من بين مضاعفات قرارات المصادرة أو التاميم أنّ الجهد الكبير الذي قامت به الدّولة التونسية منذ 1986 في سياق برنامج الاصلاح الهيكلي للاقتصاد واسفر عن تشجيع الخوصصة يوشك أن ينال من هذ المكسب ..ويحرج المؤسّسات الاقتصادية والسياسية التونسية مع شركائها الأوربيين والدّوليين وفي المنظمة العالمية للتجارة والمناطق الحرّة التي سبق ان انخرطت فيها تونس . وقد كان من بين شروط الانخراط تشجيع المنافسة والمبادرة الحرّة والتخلّي عن خيار الدّعم والتّعويض وعلى اعتماد مؤسّسات الانتاج والخدمات على الدّولة. منافسة غير متكافئة من جهة أخرى اثأر الخبير الاقتصادي الحبيب الكشو والجامعي رضا الشكندالي أن من بين التحديات التي تواجه بعض المؤسّسات الخاصّة التونسية الحالية مثل شركات « الاتصالات « ( ومن بينها اورانج ) وتوريد السّيارات وترويجها والمؤسّسات الاعلامية لأنها وجدت نفسها فجأة تسير نحو منافسة غير متوقّّعة وغير متكافئة مع الدّولة في قطاعات «استراتيجية «.. وهو معطى لا يمكن أن يدوم طويلا .. علما أن قرار مصادرة املاك 112 عائلة من بين المقرّبين من الرّئيس الساّبق صدر يوم 14 مارس الماضي ويهمّ شخصيات من عائلتي بن علي والطرابلسي واصهارهما و4 من ابرز المسؤولين السابقين في الحكومة والدّيوان الرئاسي . ونصّ الامر على أن قائمة المعنيّين به يمكن ان تتوسّع وان تشمل الشخصيات التي ستكشف الابحاث انّها اثّرت بطرق غير مشروعة بسبب علاقاتها العائلية ببن علي وزوجته. وحدد الأمر مدة شهرين للمؤسسات التي استدان منها هؤلاء لتقدم كشوفا . وتقدر قيمة تلك الديون ( واغلبها بنكية تونسية ) بحوالي 3 مليار دينار.. أما بالنّسبة للشركات المزوّدة للمؤسّسات المصادرة ال112 فقد منحها القرار6 أشهر الإبلاغ بديونها لدى تلك الشخصيات وشركاتها. حسب الفصل 8 من نفس الأمرفان لجنة المصادرة اوكلت لها مهمّة اتخاذ الاجراءات الادراية والقضائية اللازمة ضد العقارات والارصدة والاملاك المعنية بالقرار. وكالة للتنمية الجهوية وبعد تسديد ديون المؤسسات المعنية بالمصادرة كيف سيقع التصرف فيها وفي بقية املاك اصحابها ؟ حسب السيد حسن زرقوني يمكن استبدال قرار التاميم او سيناريو فتح راس المال للاكتتاب في البورصة ( او توسيع نسبة الاكتتاب ) برصد تلك الاموال لاحداث وكالة وطنية جديدة لتنمية الجهات الداخلية ومعالجة معضلات الفقر والبطالة فيها .. وفي كل الحالات اعتبر عدد من الخبراء بينهم السيد ماهر قلال أنه لا بد من ضمان احترام الإجراءات القانونية ودعم الشفافية ..لان من أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهت تونس في الأعوام الماضية ولا تزال مسالة « الشفافية ». ودعا الأستاذ ماهر القلال إلى ضرورة إعطاء أولوية للشفافية الإعلامية والمعلوماتية والى تقديم عنصر الثقة على الاعتبارات الأمنية و إلى اعتبار المواطن شريكا اقتصاديا مسؤولا جديرا بالانفتاح والوصول إلى مصادر الخبر . كما دعا الدكتور فتحي التوزري الخبير في علم النفس الاجتماعي و السياسي بالمناسبة التونسيين والتونسيات الى التوجه الى البناء والتفكير في المستقبل الاقتصادي والسياسي في تونس برؤية تربط بين الواقعي والتمشي الاصلاحي الذي يتجاوب مع مشاغل الراي العام وياخذ بعين الاعتبار مجموعة من الشروط من بينها التلازم بين الحق في التنمية والتلازم بين الاستقرار والإصلاحات السياسية والمؤشرات الاقتصادية في تونس بعد الثورة ..