أصبح الشيخ سعيد رمضان البوطي الناطق الرسمي الأول باسم الرئيس السوري بشار الأسد، وحوّل جامع الأمويين في دمشق إلى منبر سياسي أكثر منه ديني، إذ هاجم في صلاة الجمعة لنهار أول أمس المفكر السوري برهان غليون الذي يعيش في أوربا وتم ترشيحه لرئاسة المجلس السوري الانتقالي... * وقال أن الرجل ملحد ومارق وعميل للأمريكان، وهو نفسه يعترف بأنه علماني ولائكي ولا يعترف بالدين بما في ذلك الدين المسيحي، والغريب أنه في الشأن السوري يبدو أكبر الخائفين من سقوط النظام هو الكيان الصهيوني الذي مازالت الضبابية وعدم تمكن الغرب من التدخل في القضية وبالتالي تبني الثورة هو ما يؤرق الصهاينة الذين عاشوا السلام الحقيقي في الجانب السوري أكثر من أي حدود أخرى رغم أن الشكل وليس المضمون يقول أن سوريا هي البلد الوحيد الذي لا تجمعه أي علاقة مع إسرائيل ولن تجمعه حتى وإن بقي بشار الأسد رئيسا مدى الحياة أو حتى إذا تغير نظام الحكم.. أما المضمون فيدفع للسؤال المحير وهو لماذا لا تدخل سوريا في حرب كرامة لاسترداد هضبة الجولان التي مر الآن قرابة النصف قرن عن ضياعها بطريقة غريبة ومبهمة مازالت لغزا ليس فقط في طريقة ضياعها وإنما أيضا في عدم بذل أي جهد لأجل استعادتها ولو بحروب هامشية كما تفعل حركة حماس أو حزب الله.. إذ لم يحدث في تاريخ البشرية وأن عاشت منطقة مستعمرة بالقوة في سلم وأمان كما يحدث الآن مع الجولان التي لا تمتلك شهيدا واحدا حتى أن كلمة جولان صارت ممنوعة التداول في سوريا قبل إسرائيل وغيرها من بلدان العالم. * ولمن لا يعرف فإن مدينة الجولان اللغز والتي تحوّلت إلى مجرد هضبة وتم تصغيرها من أجل نسيانها فقدها السوريون في حرب الإنتكاسة منذ 44 سنة عندما كانت سوريا تحت قيادة الرئيس المنقلب عليه نورالدين الأتاسي وكان في ذلك الوقت حافظ الأسد هو وزير الدفاع، أي أن أكبر خسارة حدثت للعرب في فضيحة سميناها بالنكسة حدثت في عهد الأسد عندما تمكنت القوات الصهيونية من سحق الجيوش العربية دون أن تتمكن من الرد، بل أضاعت سيناء والضفة وكامل القدس وأيضا الجولان التي انسحب منها الجيش السوري ودخلها الإسرائيليون دون أن يتعرضوا إلى أي أذى، وقارب تواجدهم فيها الآن النصف قرن دون أن يواجهوا أي صعوبات كما حدث لهم في كل المناطق العربية التي احتلوها ومازال يحدث في الأراضي المحتلة رغم الجدران العازلة ورغم حرمان الفلسطينيين من السلاح.. وكان منذ سنتين تقريبا قد فجّر الطبيب الشخصي للرئيس المغتال أنور السادات قنبلة مدوية عندما أصدر كتابا تحدث فيه عن عملية بيع هضبة الجولان السورية من طرف وزير الدفاع السابق حافظ الأسد نظير مساعدته على تسلم زمام سوريا، وقال الطبيب الكاتب محمود جامع في لقاء تلفزي أن أنور السادات في إحدى رحلاته إلى دمشق أخبره بأن جمال عبد الناصر كان على علم بالصفقة التي قادها حافظ الأسد من أجل منح الغرب الأمان حتى يساعده في الانقلاب على الأتاسي وتسلم السلطة بعد ذلك، وقال أن حافظ الأسد قبض مبلغا مهما حوّله إلى حسابه في سويسرا.. والتاريخ يشهد أن سوريا أبلت البلاء الحسن في حرب 1973 ودعمت حزب الله وحركة حماس في حربهما مع الصهاينة معنويا فقط، ولكنها رفضت أن تفتح جبهة مدمرة على إسرائيل للمطالبة بالجولان.. الصحف الصهيونية تقول أن الإسرائيليين بلا استثناء يخافون سقوط النظام السوري، لأنهم يحبون الحكام الطغاة الذين يرفعون شعارات ولا يحاربون أبدا، وخلُص إلى أن حالة من القلق انتابت الأواسط الإسرائيلية منذ أن اشتدت الاحتجاجات في سوريا، لأنهم يعلمون أن الشعوب العربية تكره فعلا إسرائيل ولولا الحكام الذين كبحوا تحركها لما بقيت في الوجود.