قبل خمسة سنوات اندلعت ثورة في تونس.. وكالنّار في الهشيم تعوْلمتْ، حتّى سمعنا هتافنا التونسي المشهور "الشّعب يريد إسقاط النّظام" في أنحاء العالم، و هتف به كما هو بالعربية الّذين خرجوا سنة 2011 في شارع "وول ستريت" بمدينة "نيويورك" الأمريكية و الّتي حملت شعار "احتلّوا وُول سْتريت "، وفي غيرها من الإحتجاجات التي امتدت أيضا إلى مدينة "لوس أنجلوس" مثلا ثمّ امتدّت في أكتوبر من نفس العام إلى مدينة "سينسيناتي" في ولاية أوهايو الأمريكية تحتَ شعار "احتلوا سينسيناتي" و في مدينة "لندن" البريطانية المحتجّون بدّلوا شعار "احتلوا وول ستريت" إلى "احتلوا البورصة"، واحتشدوا وقتها في حيّ "سيتي أف لندن" وهو مركز المال والاقتصاد في المدينة. وهناك نادَوْا أيضا بصرختنا التونسية "الشّعب يريد.." و في مدينتَيْ لشبونة بالبرتغال وروما بإيطاليا، حدث نفس الشّيء وسمعْنا نفس الصّيحة التّونسية "بلكنات عديدة" ثمّ سمعناها في مدن اليونان المنهارة في الطّرق المحفوفة بالزّهور المؤدّية إلى منتجعات أغنياء أوروبا هناك.. وباختصار رأينا العالم يغلي على نار كالمرجل حتّى شهدنا مظاهرات في ما يقرب من 1000 مدينة في 25 دولة يضم بعضها مراكز أكبر اقتصادات العالم، ورأينا أنفسنا أمام حركة عالمية "بحقّ وحقيقي" كما يقول المصريون.. فما الّذي حدث في تلك الثّورة التّونسية المنطلق و العالمية الإنتشار وماذا جنيْنا وما المأمول في المستقبل..؟؟ ما الّذي حدث؟: باختصار هو أنّ الإنسان في أنحاء هذا العالم امتلأ قلبه غيضا على قادة العالم وسياسييه، لسوء تصرّفهم في المال العالمي ممّا أدّى إلى تجويع شعوب كثيرة وانتشار الفقر و الخصاصة و انعدام الأمن الإقتصادي.. وأيضا من أجل سوء سياساتهم في تسيير هذا الكون سياسيا ودفعه نحو التّأزم والتّأجّج والحروب.. وأيضا اتّضح للمواطن العالمي أنّ كيانا صغيرا حقيرا إسمه إسرائيل هي وراء عدم التّوازن الحادث في الكون على مستوى دورة المال العالمية، وما يتبعها من كوارث ومصائب.. ماذا جنينا؟: حصول جرأة وشجاعة للمواطن الكوني على حكّامه وعلى المنظومة السّياسية المشبوهة الّتي تشرف على تنصيب الحكّام العملاء لشبكة المافيا السّياسية العالمية وتلك الجرأة لن تتراجع مستقبلا وأصبح الإنسان في العالم يطالب ويتثبّت و يحقّق فيما يقدّمه له السّياسيون على أنّه ديمقراطية.. المأمول: أن تستمرّ ثورة هذا الإنسان العالمي المعاصر منطلقا من ثورة الإنسان التّونسي، على نار هادئة كما يحدث في تونس نفسها على كلّ الأصعدة: السّياسي والإقتصادي والثّقافي وغيرها والسّعي نحو رفع يد عصابات السّياسين الموبوئين الّذين يقودون الثّورات المضادّة، على حياة ومصائر النّاس لينعتقوا نهائيا فيختاروا بعد ذلك أنظمتهم السّياسية و الاقتصادية الّتي يشتهون، ويعتنقوا الأفكار والاتجاهات الّتي يريدون... لن يسكت الإنسان في هذا الكون بعد أن اندلعت تلك الثّورات عن الإستبداد الّذي يلقاه على مستوى معتقده واقتصاده وعن التّلاعب برزقه وأمنه والتّحكّم في توجّهه السّياسي.. إذن باختصار: شعوب العالم، أو بعبارة أخرى الإنسان في هذا الكون يريد إسقاط النّظام العالمي السّائد الآن، فهل سيستطيع..؟؟ - وإلى تدوينة أخرى