يعتبر قطاع التكوين المهني الخاص ركيزة هامة من ركائز تكوين الكفاءات في تونس وذلك بالنظر إلى الإسهام الفعال لهذا القطاع في دفع عجلة الاقتصاد ...
من خلال ما يوفره من مواطن شغل لحاملي شهادات التكوين الخاص تحاكي في كفاءتها شهادات التعليم العالي. ولكن رغم الأهمية يجدر القول بان هذا القطاع يشهد هو الاخر جملة من العوائق والتحديات جعلته يساهم في تفاقم مشكل البطالة بدلا من ان يكون حلا لها. في هذا الإطار وحول الصعوبات التي يتعرض لها القطاع وانعكاساتها على المتدرب وسبل اندماجه في سوق الشغل, اتصلنا بالأطراف المعنية ذات صلة مباشرة بقطاع التكوين الخاص لاستجلاء حقيقة الوضع. "الامتحان الوطني هو الحل" السيد هيثم عطوف مسؤول بالإدارة الجهوية للتكوين المهني أفادنا بان إلغاء الامتحان الوطني الذي يتحصل على اثره المتدرب على شهادة ختم تكوين مطابقة للمواصفات التي تضبطها الوزارة أمر عمق الأزمة في صلب القطاع . مضيفا أن هذا الامتحان كان عبارة عن معيار لتقييم الهياكل المختصة في التكوين من خلاله يستطيع الشاب اختيار مركز التكوين الذي يستجيب لرغبته في التكون في الاختصاص الذي يكسبه المهارات اللازمة والتي تساعده على الاندماج بسهولة في سوق الشغل. وفي ذات الصدد أكد أن تعويض الامتحان الوطني بالشهائد المنظرة جعل من القطاع مفتوحا أمام الدخلاء الذين استغلوا هياكل التكوين الخاص لغايات تجارية بحتة لا تستجيب لمعايير الجودة و الكفاءة. السيد كمال بن الحاج "كراس شروط همشت القطاع" الأمر الذي أكده السيد كمال بن الحاج مدير هيكل تكوين مهني خاص و أضاف أن عدم وجود هيئة تمثل المراكز المهنية الخاصة و تنظم القطاع جعل هذا الأخير يرزح تحت وطأة التهميش و فتح الباب على مصراعيه للفساد فحسب تعبيره "الآن الكل ينجح طالما انه يحقق الأغراض التجارية للمركز" واعتبر السيد كمال بان إخضاع القطاع لكراس شروط هو أمر في غاية الخطورة فمراكز التكوين الخاصة يجب أن تخضع لنظام الترخيص الذي وقع إلغاؤه مع موفى سنة 2001 والذي انجر عنه الانتشار الكبير لمراكز التكوين التي أصبحت تسلم شهائد لا تستجيب لشروط التكوين وهو ما عمق مسالة البطالة لحاملي هذه الشهائد من المراكز الخاصة حتى وان كانت منظرة ومصادق عليها من طرف الدولة. "التجاوزات تضر بالقطاع" السيدة مباركة الرقوبي رئيسة مصلحة التكوين المهني الخاص بالإدارة الجهوية للتكوين المهني بتونس أفادتنا بان الإدارة تسعى للجعل التكوين مطابق لكل معايير الجودة و ذو مرد ودية عالية , وذلك من خلال المراقبة الدورية التي تقوم بها الإدارة خاصة مراقبة مدى مطابقة الهيكل لما تضمنه كراس الشروط من بنود وقوانين. جدوى هذه المراقبة حسب ما أكدته السيدة مباركة رقوبي تتمثل في حماية للمتدرب ومنع إمكانية حصول تجاوزات تضر به أو تمثل عائقا للاندماج في سوق الشغل. فالتدابير و الإجراءات التي يتم اتخاذها ضد الهياكل التي تمارس تجاوزات من قبيل المغالطة سواءا في الإشهار المعروض او الشهائد المسلمة وهي من المسائل المضرة بالمتدرب, الذي يجد نفسه بعد عامين من التكوين وبعد دفع مبالغ باهضة من المال عرضة للبطالة سواء لأنه لم يتلق تكوينا يسمح من الاندماج في سوق الشغل بكفاءة أو لان الاختصاص غير مطلوب في البلاد وحتى ان كان موجودا فانه لا يستقطب متكونين, وهو أمر في غاية الخطورة و يزيد من حدة أزمة التشغيل وما تعانيه البلاد من حالة احتقان اقتصادي. لزهر بنوري لم ننس في طرحنا لإشكال قطاع التكوين المهني و إسهامه في امتصاص البطالة الطرف الأساسي ألا وهو المتكون, الازهر بنوري البالغ من العمر 20 سنة أفادنا بأنه يتلقى تكوينا لمدة أربع ساعات يوميا في اختصاص صيانة إعلامية بأحد مراكز التكوين المهني الخاصة. ويسعى الازهر من خلال هذا التكوين إلى دخول سوق الشغل وإيجاد عمل ويعتبر هذا الأخير التكوين الخاص حلا لانه الطريق الأقصر والأنجع للحصول عمل ولكن هذا الأمر يشترط الكفاءة العالية والمردودية في المتكون وفي الشهادة المتحصل عليها من قبل هيكل التكوين الخاص. السيدة منية الطريقي بو صرصار "عزوف الشباب عن التكوين عمق أزمة التشغيل" هو ما أفادتنا به السيدة منية الطريقي بو صرصار مديرة الإدارة الجهوية للتكوين المهني والتشغيل بتونس التي أكدت على المجهودات التي يتخذها المسؤولين عن القطاع قصد العمل على تقليص البطالة لكن هذه الإجراءات التي تتضمن تحفيز يتعامل معها جل الشباب بمنطق العزوف. وفي ذات الحديث أفادتنا السيدة منية ان برامج من قبيل برنامج صك التكوين الأساسي في القطاع الخاص والذي تتكفل فيه الدولة بدفع ثلثي معلوم الترسيم لا يلاقي إقبالا من قبل الشباب. وأكدت ان ضعف الإقبال على هذا البرنامج أو غيره من البرامج التي تدعمها الدولة مرده ان هذه الاختصاصات ذات طابع حرفي كالبناء, النقل المتعدد الوسائط , تقني في معالجة المياه في حين ان الشاب يقبل على كل ماهو ايداري كالإعلامية والمكتبة وهي اختصاصات لم تعد تستقطب من قبل سوق الشغل كما هو الحال من قبل . "فاعلية التكوين المهني مرتبطة ارتباطا وثيقا بثقافة المجتمع و و عي الأفراد" أمر أكدته السيدة منية الطريقي بوصرصار واعتبرت عزوف الشباب عن التكوين المهني الخاص نتاج عقلية وثقافة ,ودعت إلى ضرورة تغيير مفهوم الأفراد للتكوين المهني ككل باعتباره معيارا أساسيا وركيزة من ركائز تفعيل منظومة التشغيل مثله في ذلك مثل التعليم العالي. ويبقى تداخل جملة العوامل التي تم ذكرها من قوانين هيكلية ومراقبة وجودة التكوين والبرامج بالإضافة إلى الثقافة والوعي من أهم الأسباب التي عمقت عدم مردودية القطاع و إسهامه في الخروج من أزمة البطالة التي تتفاقم يوما بعد يوم والتقليص من نسب الاحتجاجات التي تكتسح البلاد مطالبة بالتشغيل وهو الأمر الذي يستوجب مزيد الإجراءات والحرص من قبل كل الأطراف لتفعيل منظومة التكوين المهني الخاص في البلاد. نجوى