افتُتِح اليوم، رسميًّا المجلس الجديد لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية. ويأتي المجلس خلفًا لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للمنظمة نفسها؛ التي تعرضت لكثير من الانتقادات؛ بسبب سمعة بعض أعضائها السيئة في مجال حقوق الإنسان؛ فضلا عن بعض الأعمال المستترة التي قاموا بها لمنع إحالة جرائم حقوقية خطيرة للمفوضية. ووفقا ل"لويز إربور" المفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان؛ فإن المجلس الجديد أكثر تنظيمًا من سلفه؛ إلا أنه لا يوجد ما يضمن أن تؤدي مهامها بصورة جيدة. تقول "لويز" لإذاعة هولندا: "تبقى المسألة مسألة إخلاص للعمل". وتعتقد "لويز إربور" أنها فرصة تاريخية عظيمة لإصلاح مفوضية حقوق الإنسان؛ لكنها ترى أيضا أن المفوضية السابقة برغم كل الانتقادات كانت في منأى عن الإخفاق، وقامت ببعض الأعمال الممتازة، وهو ما تبينه عندما تقول: "خرجت من عباءة هذه المفوضية كل الأدوات الرئيسية لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية بشأن الحريات العامة والحريات السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الأطفال، ومعاهدة منع التعذيب. كل هذا صار ممكنا مع مفوضية حقوق الإنسان". متنفس ووفقا ل"إربور" فإن المفوضية السابقة لحقوق الإنسان قامت بعمل جيد كمتنفس للنقاش؛ لكنها أخفقت في مراقبة تنفيذ هذه الحقوق في مختلف الدول. وعند هذه النقطة بدت المفوضية وكأنها مسيسة على نحو خطير. وترى "إربور" أنه لا يوجد ما يضمن النجاح لمجلس حقوق الإنسان الجديد، برغم التحسينات الهامة التي أُدخلت عليه. وكانت إحدى هذه التحسينات هي أن الجمعية العامة للأمم المتحدة هي التي ستختار أعضاء مجلس حقوق الإنسان، كما سيلتقي هؤلاء الأعضاء أكثر بكثير مما كان يحدث في ظل المفوضية؛ التي كان أعضاؤها يجتمعون مرة واحدة في العام لمدة ستة أسابيع. ومن الجديد أيضا أن السياسة الحقوقية لكافة الدول الأعضاء بالأممالمتحدة سيتم تقييمها، إلا أن "لويز إربور" لا ترى في كل ذلك ضمانًا لأن يحقق المجلس الجديد نجاحا أكبر من سابقته؛ حيث تقول: "تبقى القضية قضية إخلاص للعمل؛ فكثير من الدروس استوعبناها من المفوضية، وأصبح لدى المجلس الجديد عدد من الأدوات تجعله أكثر تنظيما وتجهيزًا؛ لكن هذا لا يلغي الاحتمال من أن يتحول هذا المجلس إلى كيان مسيس". وتضيف "لويز": "يتم اختيار الأعضاء من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لذا فهو من ناحية التعريف كيان سياسي. إنه ليس مفوضية للخبراء، ولا منظمة قانونية؛ بل كيان سياسي في النهاية؛ لكن الخبراء فيه يتم انتقاؤهم على أساس التعهدات التي قدمها المجلس والأهداف؛ التي يبتغيها، وهو ما لم يحدث مع المفوضية السابقة، كما يتم اختيار الأشخاص في هذا المجلس عن طريق التصويت برفع الأيدي، وهو ما يؤكد أن فرص هذا المجلس في النجاح أكبر من المفوضية السابقة". تنحية الماضي جانبا وقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان"؛ الذي كان أحد المبادرين بإصلاح المفوضية، مجلس حقوق الإنسان بتنحية الماضي جانبًا، وقال: إن المفوضية السابقة كانت وسيلة؛ لتتمكن الدول الأعضاء فيه من حماية نفسها من الانتقاد". وبرغم التشكيل الجديد للمجلس إلا أن عددًا من الدول ذات السمعة الحقوقية السيئة احتفظت بمقعد لها في المجلس ككوبا والجزائر وأذربيجان وبنجلاديش ونيجيريا وتونس. وترى "لويز إربور" أنه ليست هناك دولة تخلو من انتهاكات حقوق الانسان وتقول: "لا يستطيع مجلس حقوق الإنسان أن يعمل فقط مع الدول التي تعتبر نفسها غير مدانة في مجال حقوق الإنسان؛ فأي مجلس جيد لابد من أن يكون منتدى لآراء وأيديولوجيات مختلفة. من المهم أن يُناقش كل شيء بأسلوب محترم". لذا فإن من المخيب جدًّا للآمال ألا تكون الولاياتالمتحدة إحدى الدول الأعضاء في المجلس؛ لأن واشنطن لا ترغب في العمل مع دول ككوبا والجزائر. إذاعة هولندا العالمية