الجسر/ إعداد: محمد مصطفى عبد العزيز مارست الأممالمتحدة من خلال " لجنة حقوق الإنسان" و "المفوضية العليا لحقوق الإنسان " ضغوطا من أجل فرض الاحترام لحقوق الإنسان على المستوى الدولي، ولكن عابها غياب الإرادة السياسية، على حد قول السفير السابق " ستيفان هيسّل "في مقالة أكد فيها ضرورة بناء ضمير مشترك على الصعيد الدولي وتوفير قوة تنفيذية لشرعية الأممالمتحدة . تصويت بالأغلبية أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخامس عشر من الشهر الجاري بأغلبية ساحقة، تأسيس مجلس لحقوق الإنسان، عوضا عن المفوضية التابعة لها في إطار خطة إصلاح المنظمة. وصوتت 171 دولة من أصل 191 لصالح الهيئة الجديدة، وعارضتها أربع دول بينها الولاياتالمتحدة. فيما امتنعت ثلاث دول أخرى عن التصويت. وقدم مشروع القرار الخاص بالمجلس من قبل رئيس الجمعية السويدي "يان إلياسون" ، واستمرت المفاوضات بشأنه نحو شهر قبل عرضه على التصويت. ودافع " إلياسون" عن المجلس قائلا : " أنه لا يعطي أي دولة ما تريده، لكنه سيقوي حقوق الإنسان ويتشدد في معايير العضوية للدول التي ستشارك فيه" وعبرت بعض الدول، مثل فنزويلا قبل جلسة التصويت عن تحفظاتها بشأن ما تضمنه مشروع القرار من عناصر رأتها في غير صالح الدول النامية، مما دفعها إلى الامتناع عن التصويت، وحذت إيران حذوها. وتساءل مندوب كوبا في كلمته أمام أعضاء الجمعية العامة، عن إمكانية مطالبة المجلس الجديد لحقوق الإنسان الولاياتالمتحدة بتحمل المسئولية إزاء انتهاكاتها في معتقل "غوانتانامو" وسجن "أبو غريب". وسيتولى المجلس -الذي سيحل محل المفوضية التي تتخذ من جنيف مقرا لها- مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، ومساعدة الدول على تطوير تشريعاتها الخاصة بحقوق الإنسان. مواصفات المجلس يضم المجلس الجديد 47 عضوا يجري انتخابهم عبر تصويت سري لمدة ثلاثة أعوام من قبل الجمعية العامة، على أساس التوزيع "يان إلياسون" رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة المعتمد للمجموعات الإقليمية، بواقع 13 مقعدا لأفريقيا و13 لآسيا وستة لأوروبا الشرقية وثمانية لأميركا اللاتينية والكاريبي، وسبعة لكتلة الدول الغربية الرئيسية وضمنها الولاياتالمتحدة وكندا. وبمقدور أعضاء المجلس الجديد الاحتفاظ بعضويتهم لولايتين فقط، على أن يعقد جلساته كل عشرة أسابيع وفي حالات الطوارئ، وسيكون مقر المجلس الجديد في فيينا وسيحل محل مفوضية حقوق الإنسان الدولية الحالية، بعد تعرضها لكثير من الانتقادات بسبب ضعف إجراءاتها حيال الانتهاكات ، وسماحها لدول ذات سجل ضعيف في حقوق الإنسان بالمشاركة في إصدار الأحكام. وبموجب مسودة القرار سيتم تشديد معايير العضوية، كما يمكن للمجلس أن يعلق عضوية أي دولة، يعتبر سجلها في حقوق الإنسان غير مقبول. ويأتي إنشاء المجلس الجديد لحقوق الإنسان في ضوء الضغوط المتزايدة على الأممالمتحدة لإصلاح مؤسساتها، والنقاشات الحادة التي جرت بين أعضاء الجمعية العامة خلال الأسابيع الماضية، والتي أظهرت تبايناً في مواقف عدد من الدول، لا سيما بين الاتحاد الأوروبي الذي صوت أعضاؤه لصالح مشروع القرار ، والولاياتالمتحدة. ومن المتوقع أن يقوم أعضاء المجلس الجديد، بمراجعة كافة جوانب عمل المجلس وتحسينه في غضون عام من إنشائه، على أن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بمراجعة عمل المجلس بعد خمس سنوات من تأسيسه. تحفظ أميركي أعلن مندوب الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة "جون بولتون" في وقت سابق سعى بلاده للحصول على ضمانات؛ كي يشغل الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن مناصب في مجلس جديد لحقوق الإنسان ، لافتا إلى رغبة الإدارة الأميركية في ضمان عدم حرمان الولاياتالمتحدة مرة أخرى، من عضوية الهيئة الرئيسة لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة مثل ما حدث عام 2001. ولوح إلى وقف بلاده دفع مستحقاتها للمنظمة الدولية ؛ إذا لم تأت الإصلاحات متفقة مع المطالب الأميركية. وقدم "بولتون" مقترحات لمجلس أصغر حجما، مع قيود على الدول التي يمكن أن تصبح أعضاء فيه، داعيا إلى مزيد من المداولات "جون بولتون" .... تحفظ أميركي وهو ما رفضه رئيس الجمعية العامة "يان إلياسون" قائلا:"ليس أمامنا وقت للتضييع إذا ما كنا نريد ضمان منظمة دولية قوية". ورفضت واشنطن مساندة المجلس الجديد، بدعوى أنه لا يتجاوب مع مفهوم الإصلاح الجذري، الذي ترغب بإحلاله في المنظمة الدولية، والذي يحول دون مشاركة دول تصنفها واشنطن كمنتهكة لحقوق الإنسان . ورغم ذلك حرص "بولتون" على التأكيد أن الولاياتالمتحدة ستدعم جهود المجلس الجديد وستسعى لنيل عضويته . وسعت الولاياتالمتحدة إلى ضمان انتخاب أي دولة إلى عضوية المجلس الجديد بثلثي أصوات الدول الأعضاء في الجمعية العامة، إلا أن مشروع القرار الجديد قرر انتخاب أي عضو في المجلس، عن طريق الاقتراع السري وبالأغلبية البسيطة، أي 96 من أصل 191 دولة. قبل التصويت في الخامس والعشرين من فبراير الماضي حذرت المفوضة السامية لشؤون حقوق الإنسان في الأممالمتحدة "لويز آربور" من تعطل مسار حقوق الإنسان ؛ حال فشل الجمعية العامة في اعتماد قرار بإنشاء مجلس حقوق الإنسان . ونقل عنها مركز أنباء الأممالمتحدة قولها: إن الاقتراح الذي تقدم به رئيس الجمعية العامة لإنشاء مجلس حقوق الإنسان، يقدم ترحيب من الاتحاد الأوروبي فرصة فريدة لبدء نظام متجدد لنشر وحماية حقوق الإنسان حول العالم وهو بالفعل يستحق دعم الدول الأعضاء. وأكدت " آربور " قدرة المجلس الجديد على التعامل بموضوعية ومصداقية أكبر مع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم أجمع. من جانبه رحب الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان" بالخطة، رافضا الدخول في مفاوضات تتناول نص المبادرة حرفيا . وأعلن بيان للرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي، في وقت سابق عن دعم الاتحاد لمشروع إنشاء مجلس لحقوق الإنسان ، ووصفته بالتجاوب مع المطالب الأساسية لإنشاء مجلس لحقوق الإنسان. وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يدعم كليا، الجهود التي يبذلها رئيس الجمعية العامة من أجل الحصول على أوسع دعم ممكن لإنشاء مجلس لحقوق الإنسان في أسرع وقت ممكن. ومن الجدير بالذكر أن قمة الأممالمتحدة التي عقدت في سبتمبر من العام الماضي ، قد فشلت في إقرار هذا المجلس؛ ضمن خطة شاملة لإصلاح الأممالمتحدة، وتعهد حينها "بول مارتين" رئيس الوزراء الكندي بمواصلة جهوده للخروج بمقترحات تشمل إنشاء مجلس لحقوق الإنسان، عوضا عن مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان قائلا : "لا أخفى خيبة أملنا الكبيرة في عدم تمكننا من الاتفاق في هذه القمة على جميع المبادئ، حتى تكون جاهزة للتطبيق". تقرير راديو هولندا العالمي