كانت البداية مكالمة هاتفية تلقاها مركز الحرس الوطني من منطقة الجواودة القريبة من الشبيكة بتونس مفادها وجود جثة فتاة عمرها 19 سنة ملقاة بحفرة وسط أرض زراعية.. وحسب محلية تونسية قامت السلط المعنية بإجراء المعاينة والتحريات المستوجبة، فتبين أن الوفاة مسترابة فيها، فأذنت النيابة العامة بفتح بحث في الموضوع... وتبيّن من التقرير الطبّي أنّ الفتاة قتلت بواسطة الخنق بقبضة اليد بلغت إلى حدّ تكسير أحد عظام الرقبة على مستوى وضع إبهام اليد اليمنى، وفقدت أنفاسها بواسطة راحة اليد اليسرى، إضافة إلى كدمات على مستوى مقدمة الرأس، مع كدمات أخرى باليدين نتيجة التحامها بمواد صلبة عند الشروع في قتلها - وبالتحري مع أفراد العائلة حول ظروف خروجها من المنزل إلى حين العثور عليها، تبين أن والدها هو من عثر عليها، وبسماعه أفاد بأنه أثناء القيلولة، وبعد تناول الغداء، نصحته زوجته بالبحث عن ابنته التي خرجت ولم تعد، وأشارت عليه بالتوجه إلى مكان معيّن، حيث رأت شخصين يمران بسرعة في تلك الناحية، فخرج - وكذلك فعل ابنه - للبحث الى أن عثر عليها بحفرة، فأسرع بإخراجها وجعل يصيح طالبا الماء لنجدتها وأقبل الأجوار والأهل، ما عدا زوجته، ورغم رشها بالماء تبين أنّها ماتت.. ومع ذلك لم تقبل والدتها لرؤيتها - وأوضح أن سيرة ابنته طيبة، وليس لها علاقات، ولا عداوات، وهي متعودة على تواجدها في الحقل لملاحقة طيورها لإرجاعها - وبسماع الأم ذكرت أن ابنتها خرجت لملاحقة الدواجن كالعادة، ولما أبطأت خرجت للبحث عنها، ولما لم تجدها سألت الأجوار ثم أعلمت زوجها، وعند سماعها الخبر صدمت وعجزت عن التحرك.. وظلت تندب... وصرحت إحدى بناتها بأن الأم خرجت للبحث، وبعد حوالي ساعة رجعت، وطلبت منهم البحث عن الهالكة، وذكر بعض الأجوار أن الأم سألتهم عن ابنتها.. وأفاد أحد أفراد العائلة بأنه في تلك الفترة من الوقت وبينما كان بانتظار كمية من البنزين لجراره شاهد الأم في الزرع على مسافة قريبة من الموضع الذي وجدت به الفتاة، وكانت تبحث حولها عن شيء ما... فلم يعر ذلك اهتمامه، وجاء في تقرير البحث أنه عاين المكان، وظهر أن الموت حصل بالخنق خارج الحفرة وبالنظر إلى الآثار بالمكان اتضح أن الجريمة لم تكن بسبب المواقعة أو ما شابه لعدم معاينة علامات، وجاء في التقرير الطبي أيضا أن الأم المتهمة تحمل آثار عضة آدمية بيدها اليسرى، الا أنه لم يمكن مقارنتها بأسنان الهالكة حيث لم يقع ذلك في الحين، ولم يثبت أن الهالكة تناولت مواد سامة. وبختم البحث رأت دائرة الاتهام أن الأفعال المنسوبة للمتهم من قبيل تعمد قتل الوالد لولده، وتوجيهها عليها وإحالتها على المحاكمة طبق الفصل 210ق.ج... وفي الجلسة الأخيرة لم تحضر المتهمة، وإثر المفاوضة القانونية قضت المحكمة بسجن الأم(!!) مدة إثني عشر (12) عاما.