هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    تعرض طائرة مروحية على متنها رئيس إيران لحادث    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    الحرس الوطني: هذه آخر المعطيات المتعلقة بالهجرة غير النظامية    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    صفاقس ولي يصفع معلما ويلوذ بالفرار    العاصمة: وقفة مساندة للرئيس قيس سعيد    الجمعية النسائية ببرقو تصنع الحدث    طقس الاحد: امطار غزيرة وتساقط البرد بهذه المناطق    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السي ان ان في تقرير عن الجماعات المتطرفة في بلاد المغرب العربي

مع إعلان البيت الأبيض خطة إنشاء قيادة عسكرية موحدة لأفريقيا قبل نهاية 2008 ستكون مكافحة الإرهاب، من دون شكّ، إحدى أبرز مهماتها، ومع تقارير غير مؤكدة وغير دقيقة عن تهديد لفرنسا أثناء فترة الانتخابات، تكون الجماعات المسلحة في المغرب العربي وما لها من علاقات جنوب الصحراء الأفريقية، قد طفت إلى صدارة الاهتمامات لاسيما بعد خمس سنوات، كانت فيها على الأقل جغرافيا، بمنأى عن أشدّ العمليات العسكرية التي تستهدف تنظيم القاعدة في آسيا.
وإذا سلّم الخبراء بأنّ هناك فئتين من الجماعات التي تتخذ من الدين برنامجا لها، أحدهما معتدل والآخر متشدد، إلا أنّه في حكم الواضح أنّ الجماعات المتطرفة لها خطوط التقاء بالجماعات التي عدّت "معتدلة" على الأقل من حيث "المرجعية التاريخية" حتى وإن باتت تعتبرها هي أيضا في خانة الحركات "المرتدة."
وفيما يوفّر على أهمية الضلع الجزائري، أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر مؤخرا تغيير اسمها إلى "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" بناء على "تشاور مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن" وفق ما ورد في بيان للجماعة.
على خلاف جارتيها الشرقية تونس والغربية المغرب، ليس للحركة الإسلامية في الجزائر "عمق تاريخي" بالمفهوم الزمني باستثناء ما عرفت به البلاد من توق إلى "التعريب والدفاع عن الهوية الإسلامية" في مواجهة واحد من أقسى التجارب الاستعمارية التي عرفتها البشرية.
وفي دولة اختارت منذ استقلالها المثال الاشتراكي الصارم الذي يعتمد على الجيش، وفي ظلّ التركيز طيلة أكثر من عقدين من الزمن على "ربح الزمن الضائع" من خلال برامج التعليم التي ارتكزت على "استعادة الهوية العربية والإسلامية" وفي ظلّ جوّ عام من النظر بريبة إلى كل ما هو غربي، شكل التوجه الإسلامي أبرز أفق "للانعتاق" لدى الجزائريين.
وأقر الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد عام 1988، تحت تأثير الظرف العالمي الذي شهد انهيار حائط برلين والمعسكر الشرقي، تعديلا أنهى سلطة الحزب الواحد المتمثل في حزب جبهة التحرير وهو ما أدى إلى إنشاء عشرات الأحزاب كانت الأحزاب الدينية أقواها ولاسيما جبهة الإنقاذ الوطني التي تزعمها عباس مدني وعلي بلحاج.
غير أنّ الجيش، سرعان ما تفطّن إلى "ما يمكن أن ينتج عن الجديد" فعمت الفوضى ودخلت البلاد حربا أهلية شهد انشقاق حركات "فرعية" عن جبهة الإنقاذ سرعان ما اندثر أضعفها وبقي منها حركتان أساسيتان هما الجماعة المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال.
وفيما لا يعرف أي فرق أيديولوجي بين الجماعتين، يرجح فريق من الملاحظين أنّ صراع زعامات هو فقط الذي لا يجمعهما.
فيما يعتقد خبراء أمنيون أنّ الفرق في الأهداف هو الذي يفصل الجماعتين حيث تركز الجماعة المسلحة على الأهداف المحلية فيما للجماعة السلفية للدعوة والقتال بعد "كوني يجعلها على علاقة وثيقة بتنظمي القاعدة."
ويعتقد خبراء أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال خفضت من هدفها الأصلي وهو الإطاحة بالحكومة لصالح استهداف الغربيين والترويج لعملياتها من خلال استخدام مهارات متزايدة في الانترنت.
وقال أوليفييه روي وهو خبير في شؤون التشدد الإسلامي بالمركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية إن الجماعات المتشددة المسلحة في الجزائر والمغرب من غير المرجح أن "تقوم بالدور الأساسي" في تحدي سلطة الدولة لان هناك قوى سياسية أخرى تعمل في تلك البلاد.
وفيما باتت "أخبار" الجماعة المسلحة نادرة، تزايدت في الآونة الأخيرة التقارير عن أنشطة للجماعة السلفية للدعوة والقتال ولاسيما في غضون السنوات الثلاث الماضية، حيث نفذت أعمالا مسلحة في الصحراء والنيجر ومالي وتشاد وكذلك في موريتانيا.
لى أنّ التقارير تشير أيضا إلى أنّ الجماعة "منكهة" بفعل الاستنزاف ومقتل رموزها مثل نبيل صحراوي واعتقال "خلفائه" مثل عماري صيفي المعروف بالبارا وهو ما أدى، وفقا للسلطات الجزائرية، إلى تضاؤل أعداد أعضائها من 28 ألفا أواسط التسعينات إلى نحو 800 حاليا.
على أنّ "خطورة العنف" الذي تمارسه الجماعة القريبة جدا من الغرب(أوروبا) وكذلك "مغاربية" نشاطها في الآونة الأخيرة، و"الخبرة" التي أحرزتها في مواجهتها، تجعل منها "خطيرة" في كل الأوقات.
تختلف تجربة المغرب مع الحركات الإسلامية من حيث "العمق التاريخي" و"قانونية أنشطتها" عن بقية دول المغرب العربي، غير أنّ نقاط تشابه تجمعها بتجربة الجزائر من حيث انتهاؤها إلى حركتين تركز إحداهما على البعد المحلي فيما للثانية علاقات بتنظيم القاعدة.
فقد كان المغرب سباقا في هذا المجال حيث شهد صداما بين "الشبيبة الإسلامية" والنظام الملكي منذ الستينات، قبل أن يتمّ تأسيس حركتين هما "حركة العدل والإحسان" و"حركة الإصلاح والتجديد" على أنقاض الشبيبة الإسلامية في بداية الثمانينات.
ومع إجراء تعديلات دستورية فتحت الباب أمام التعددية الحزبية كان للحركتين الإسلاميتين حضور واضح في الحياة العامة.
ويقول محللون إنّ كون طبيعة النظام في المغرب غير جمهورية، جعل من "الطموح نحو كرسي السلطة" أمرا ممكنا للجميع على خلاف الأنظمة الجمهورية في الدول العربية التي تتميّز بشدة قبضة الأحزاب فيها على مقاليد الحكم.
ونجح الإسلاميون في الفوز بانتخابات بلدية غير أنّ الفشل كان نصيبها وهو ما فسره الملاحظون على أنها كانت خطة "ذكية" من العاهل المغربي الراحل بحيث وضعهم في فوهة بركان من حيث التعاطي مع تفاصيل الحياة اليومية التي لا يدركون كيفية التعاطي معها.
وقال محمد زيتوني وهو محلل سياسي مغربي إنّه وفي "الظاهر يمكن الفصل بين الحركات الإسلامية في المغرب من حيث اعتدالها وتشددها، ولكن لا يمكن فعليا التغاضي عن أفكار "ما يعدّ معتدلا" هي التي شكّلت الخطوة الأولى باتجاه الجيل الجديد من المتطرفين."
وأضاف أنّ أغلب متشددي الجماعتين الإسلاميتين في المغرب لهم عرى وثيقة مع حركة العدل والإحسان مثلا.
ولذلك فإنّ الحكومة المغربية بدأت عام 2004 إصلاحات في وزارة الأوقاف وكذلك في تشريعات تتعلق بالمرأة.
وبالتوازي مع ذلك حكمت على أكثر من ألف شخص، 900 منهم بالسجن في تهم تتعلق بالإرهاب بعد هجمات هزت مدينة الدار البيضاء في مايو/أيار 2003.
وكشفت الهجمات عن وجود جماعتين هما "السلفية الجهادية" التي قالت السلطات إنها تقف وراء الأعمال الانتحارية وكذلك "الجماعة المقاتلة الإسلامية المغربية" ذات الارتباط الدولي بتنظيم القاعدة.
وإذا كان الغرب يتخوف من الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية "لخبرتها" القتالية وقربها من أوروبا، فإنه يتخوف من العناصر الإسلامية المتشددة المغربية بحكم ما عرف عن المغربيين من "تعلق مفرط بهويتهم" ورفضهم سياسات الاندماج التي تشجع الحكومات الغربية المهاجرين عليها.
وأحصت أجهزة الاستخبارات الغربية عديد العناصر المغربية أو من أصل مغربي مثل "الانتحاري رقم 20" في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 زكريا الموسوي وكذلك في ألمانيا في خلية فراكفورت الشهيرة مثل منير المتصدق أو عبد الغني المزودي.
كما كشفت التحقيقات في إسبانيا أنّ عناصر مغربية تنتمي للجماعة المقاتلة شاركت في الهجمات التي هزّت مدريد في 11 مارس/آذار 2004.
وفي الآونة الأخيرة قالت السلطات الإسبانية إنّ المغربي مبارك الجعفري أشرف على تدريبات في معسكرات تابعة لتنظيم القاعدة في أفغانستان عام 2001 وهو ينشط حاليا في مجال استقطاب انتحاريين ومقاتلين يتم إرسالهم إلى العراق.
تتماثل التجربة التونسية مع الحركة الإسلامية مع المغرب من حيث "الامتداد التاريخي" ومع الجزائر من حيث كيفية التعاطي السياسي والأمني.
فقد شاركت شخصيات ذات نفس إسلامي في حركة التحرير بتونس منذ عقد العشرينات من القرن الماضي وأبرزها الشيخ عبد العزيز الثعالبي قبل أن "يزيح" الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الوجوه "الزيتونية"(نسبة إلى تحصيلها العلمي في جامع الزيتونة) ويؤسس برنامجه من أجل التخلص من الاستعمار على أساس "مدني علماني" واستمر في ذلك مع استقلال البلاد عام 1956.
وحتى أواخر السبعينات من القرن الماضي كانت التجاذبات السياسية في تونس بين الحكومة التي يسيطر عليها الحزب الاشتراكي الدستوري(التجمع الدستوري الديمقراطي حاليا) والاتحاد التونسي للشغل وحركات يسارية سرية.
ومع وصول البلاد إلى أزمة اقتصادية عميقة في بداية الثمانينات مع تصاعد "حرب خلافة بورقيبة" وجد وزير التربية الذي تمّ تعيينه آنذاك رئيسا للحكومة محمد مزالي، ذو النفس العروبي، الفرصة مواتية لإعلان التعددية السياسية في مسعى للتنفيس السياسي.
غير أنه تمّ إقصاء الإسلاميين من إضفاء الشرعية على نشاطهم فأسسوا حركة تدعى "الاتجاه الإسلامي" اختارت العمل السري.
كما شهدت تونس تأسيس فرع لحزب التحرير الإسلامي المعروف أنه يأمل الاستيلاء على السلطة بواسطة الانقلاب.
غير أنه سرعان ما تمّ تفكيكه قبل أن يعلن قبل بضعة أسابيع وجوده في تونس من دون أن يتمّ التأكد من دقة ذلك.
وبعد أن غيرت حركة الاتجاه الإسلامي اسمها إلى حركة النهضة، تماشيا مع دستور البلاد الذي يحظر إنشاء الأحزاب على قاعدة دينية أو لغوية أو عرقية، وقعت على وثيقة "الميثاق الوطني" بعد صعود الرئيس الحالي زين العابدين بن علي إلى السلطة في انقلاب غير دموي وشاركت في لائحات مستقلة في أول انتخابات تجري في عهد الرئيس الحالي.
وكشفت تلك الانتخابات عن صعود التيار الإسلامي الذي حاز، وفقا لأرقام غير رسمية، على نحو ربع نسبة الأصوات وهو ما جعل السلطات التونسية تدخل في مواجهة حاسمة معه أدت فيما بعد إلى إدخال أغلب أعضائه السجن والمنفى.
ويجدر القول إنّ "الخصوصية" التونسية التي تتمثل في كثير من مناحي الحياة انعكست بدورها في التعاطي مع "الظاهرة الإسلامية" في مجتمع غلب عليه التحديث حتى "التغريب" مثلما يصر على ذلك النشطاء الإسلاميون.
فعلى خلاف الجزائر والمغرب، يرفض المجتمع التونسي، ناهيك عن السلطات الحاكمة، أي نفس "وهابي منغلق" في الحركات الدينية حيث أن تونس تعدّ واحدة من أبرز العواصم الإسلامية في التاريخ مثل القاهرة وبغداد ودمشق فضلا عن كون الكثير من علمائها شكلوا مرجعية "للشرق الإسلامي" مثل الطاهر بن عاشور وكذلك شيخ الأزهر خضر حسين التونسي.
غير أنّ تلك "زيف الخصوصية" انكشف عندما اهتز منتجع جزيرة جربة على عملية انتحارية في أبريل/نيسان 2002 نفذها تونسي بأمر من مهندس هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 خالد شيخ محمد بواسطة هاتف جوال من مخبئه في باكستان.
وشكّلت تلك العملية صدمة في دولة تقدم نفسها "عصيّة" على الإرهاب.
غير أنّ المحلل السياسي عادل منتصر يشدد على أنّ هجوم جربة ليس دليلا على وجود القاعدة في تونس لأنّ من نفذها قدم خصيصا من خارج تونس كما لم يثبت أي تورط لتونسي من داخل البلاد فيها.
ولا تتوفر في مواقع الشبكة الإلكترونية وكذلك في وثائق الاستخبارات المعلنة أي إشارة إلى وجود تنظيم مسلّح متشدد في تونس باستثناء ما تداولته أجهزة استخبارات غربية عن وجود تنظيم على علاقة "بأنصار السنة" سرعان ما تبين لاحقا أنه غير دقيق أو في أفضل الأحوال فإنّ الأمر ربما يتعلق بتنظيم تونسي متشدد مجهول خارج البلاد.
وللمفارقة فإنّ عددا من "أبرز وجوه تنظيم القاعدة" في خارج تونس هم تونسيون "تميّزوا" أكثر من غيرهم في تنفيذ عمليات "نوعية" كان لها أثر مأساوي.
فقد أثبتت التحقيقات أنّ من اغتال قائد تحالف الشمال الأفغاني أحمد شاه مسعود هما "صحفيان مزيفان" تونسيان.
وشكّلت عملية الاغتيال تلك منعرجا في التناحر بين الفصائل الأفغانية.
وفي فبراير/شباط 2006 فجّر تونسي من عناصر تنظيم القاعدة، وفقا للسلطات العراقية، وجرى اعتقاله، ويدعى "أبوقتادة التونسي" قبّة الإمامين الهادي والعسكري مما شكّل حسب الكثير من المحللين منعرجا صوب حرب أهلية في العراق.
كما يقول المحققون الإسبان إنّ مخطط الهجوم على مدريد في 2004 تونسي.
وتزامنت نهاية 2006 وبداية 2007 مع "اشتباكات مسلحة" في تونس بين قوات الأمن هناك مدعومة بالجيش، وعناصر "مجرمة" وفقا للسلطات التونسية التي قالت لاحقا إنّها على علاقة بعناصر "سلفية" في الجزائر.
وحتى البيان المجهول الذي تبنته جماعة أطلقت على نفسها اسم "شباب التوحيد والجهاد بتونس" تبين لاحقا وفقا للسلطات التونسية، وكذلك خبراء مستقلين، زيفه.
غير أنّ الحديث عن تنظيم بالمعنى الحرفي للكلمة يبدو مبالغا فيه على الأقل حتى وفي ظل شح المعلومات المتوفرة بما فيها تلك التي أعلنتها الحكومة التونسية.
وحتى ما أعلنته الحكومة التونسية في بداية الاشتباكات من أنّ الأمر يتعلق بمخطط "لضرب سفارات أجنبية" قالت تقارير لاحقة إنهما سفارتا بريطانيا والولايات المتحدة، يبدو موضع تساؤل لدى الكثير من المحللين لاسيما أنّ المحكمة التي مثلت أمامها دفعة ممن تمّ اعتقالهم على خلفية تلك الأحداث، لم توجه لها تهمة الإعداد لضرب سفارات وإنما "محاولة لقلب نظام الحكم."
وقال المحامي عبد الرؤوف العيادي الذي يتولى الدفاع عن بعض منهم إنّ عددا من المتهمين كان رهن الاعتقال أو "الاختفاء" عند وقوع تلك الأحداث.
ويقول أوليفييه روي الخبير الأمني الفرنسي "المجهول هو تونس. في تونس من الواضح أن الحكومة تمكنت من إحداث فراغ سياسي وهو ما ليس متحققا في الجزائر أو المغرب...هناك قدر كبير من الاستياء حتى بين الطبقات الوسطى العلمانية (في تونس) حاليا. لذلك أعتقد أن الطريق ممهد الآن بشكل أفضل للحركات المتشددة في تونس رغم ذلك."
وذكر مسؤول أمريكي على اطلاع بالمنطقة عن تونس "نحن قلقون. هذه الموجة الأخيرة من الاضطرابات في تونس تمثل جرس إنذار نوعا ما.. دعونا لا ننسى تونس."
ومضى يقول "إن لديهم نفس الشبان الذين اتجهوا للتشدد ونفس نوع الجماعات الإرهابية المناهضة للحكومة بشكل تراكمي تماما مثل الدول المجاورة الأخرى في شمال أفريقيا."
ليبيا وموريتانيا:
يتشابه الوضع في كل من ليبيا وموريتانيا ويختلف نسبيا عن الوضع في بقية دول المغرب العربي.
فعلى خلاف تونس والمغرب والجزائر، لم تشهد ليبيا عملية مسلحة بالمعنى الدقيق للكلمة، كما أنّ الأعمال المسلحة التي شهدتها موريتانيا لم تكن "إرهابية" أو ذات "خلفية إسلامية متشددة."
على انه يجدر التذكير بكون كلا البلدين يحتوي على وجود "بشكل أو بآخر" لعناصر "متشددة" حتى وإن كانت لا ترتبط بتنظيم القاعدة.
ففي موريتانيا، قالت السلطات إنّ "لجهاديي" الحركة الإسلامية الموريتانية "علاقة" بالجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية .
وحاكمت نواكشوط حوالي خمسين اسلاميا موريتانيا متهمين بإقامة علاقة مع شبكة القاعدة التي اعلنت الجماعة السلفية ولاءها لها.
وقالت السلطات إنّ هؤلاء "تدربوا على المعارك في مخابىء الجماعة السلفية للدعوة والقتال."
وخاض هؤلاء الجهاديون في 2004 و2005 معارك ضد الجيش المالي وضد الجيش الجزائري.
وفي 2003، خطفت الجماعة السلفية للدعوة والقتال 32 سائحا أوروبيا في الصحراء الجزائرية.
وقال المحلل الموريتاني أبيه ولد الشيخ إنّ الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التي سبق أن أعلنت هجومها على قاعدة للجيش الموريتاني، ترى في موريتانيا هدفا "مهما" بالنظر لما تمثله من معبر نحو أفريقيا وهي التي لطالما كررت نواياها في تأسيس خلايا في القارة السمراء.
وأضاف أنّ أخطر عضو، ترى فيه موريتانيا التهديد الأكبر لها وللغرب في أفريقيا، هو مختار بلمختار المعروف بلقب "بالاعور" والذي انشق عن الجماعة السلفية للدعوة والجهاد ويقوم بعمليات تهريب في الصحراء الجزائرية والدول المجاورة.
وفي ليبيا، ألقى نظام القذافي بتبعاته على كل شيء بما فيها "وجود التيارات الإسلامية" حيث يعتبر كلّ من ينشط سياسيا باسم الإسلام "زنديقا" ويصر في بياناته على اعتبار تلك العناصر "زنادقة لا علاقة لهم بالإسلام."
وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وضمن الحرب على الإرهاب طفت على السطح أسماء "قياديين مهمين" في تنظيم القاعدة من الجنسية الليبية من ضمنهم أبو فرج الليبي وأبويحيى الليبي.
وفيما يغيب أي توثيق لتلك الحركات في ليبيا إلا أنّ الاستخبارات الغربية ولاسيما الأمريكية صنّفت "الجماعة الإسلامية المقاتلة" في خانة الجماعات الإرهابية.
وفي الآونة الأخيرة قالت تقارير إنّ نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام يعقد مفاوضات مع أعضاء من هذه الجماعة لإقناعهم بنبذ العنف و"العودة إلى البلاد" والمشاركة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.