هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    دورة مدريد: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة العاشرة عالميا    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    انتشار ''الإسهال'' في تونس: مديرة اليقظة الصحّية تُوضح    تقلبات جوية في الساعات القادمة ..التفاصيل    مفزع: 17 حالة وفاة خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    الكشف عن توقيت نهائي رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي و الأهلي و برنامج النقل التلفزي    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    غار الدماء: قتيلان في انقلاب دراجة نارية في المنحدرات الجبلية    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    50 % نسبة مساهمة زيت الزيتون بالصادرات الغذائية وهذه مرتبة تونس عالميا    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصّة الكاملة لموت حكيم مخنوقا بأيادي البوليس الفرنسي
«الأسبوعي» سألت شهود عيان ومحامي الضحية وحصلت على شهادات ممضاة واطّلعت على تقرير الطبيب الشرعي
نشر في الصباح يوم 21 - 07 - 2008

قراس- تونس - الاسبوعي: وُري جثمان المهاجر حكيم العجيمي التراب مؤخرا بمسقط رأس عائلته بالمصدور من ولاية المنستير بعد موته في ماي المنقضي.. لكنّ وقائع موته لن تلقى نفس المصير كما أرادت لذلك بعض الجهات من البوليس الفرنسي..
فالمسكين كان يختنق في قبضة أعوان الأمن ويطلب النجدة لأنه سيموت والمواطنون الذين كانوا يشاهدون الفاجعة كانوا يطلبون من رجال البوليس وقف اعتدائهم لكن لا من مجيب.. «الاسبوعي» بحثت في ملابسات الحادثة في مدينة «قراس» الفرنسية والتقت شهود عيان هناك ومحامي الضحية وفي مايلي كل التفاصيل:
تفاصيل هذه الحادثة المؤلمة انطلقت من احد فروع بنك «كريدي اقريكول» بقراس الفرنسية والذي فتح فيه حكيم العجيمي حسابا بنكيا منذ سنوات بعد أن تعرض لحادث شغل ويعيش حالة بطالة في انتظار صرف مستحقاته المتأتية من احدى شركات التأمين تعويضا عن هذا الحادث. في الاثناء تحدث حكيم الى المسؤول البنكي عن امكانية حصوله على سلفة أي مصروف جيب في انتظار وصول مستحقاته التي ينتظر تنزيلها في حسابه البنكي لكن رفض المسؤول البنكي أثار غضب حكيم الذي شتمه ولطمه ثم انصرف وهو أمر أكده لنا المسؤول البنكي قائلا «لو كنت ادري ان 100 أو 150 أورو التي طلبها مني حكيم ستودي بحياته لكنت اعطيته إياها من مالي الخاص.. أنا لم أظلم هذا الشاب وقد فسرت لوالده كل ما حدث بالتفصيل. كيف يمكن أن أسلم أموال البنك دون ضمانات». وكاحتجاج منهم على ما حصل لحكيم وتسجيل منهم لموقف رسمي من البنك أوقف أفراد عائلة العجيمي حساباتهم الجارية به.
على مسافة دقائق من البيت
وفي الطريق وعلى بعد 300 متر من وصوله الى بيته التحق بحكيم ثلاثة من رجال البوليس الفرنسي بعد أن أعلمهم مدير البنك بالامر في البداية حاول الشرطي الاول ايقافه لكنه تمكن من التخلص منه ليهجم عليه فيما بعد البقية فوقعت بينه وبينهم مشادة كلامية انتهت بمواجهة عنيفة وبوضع قيود في يديه ورجليه وتولى الشرطي «ألاكس» احكام خنقه الى أن شلّ حركته نهائيا وبالرغم من توسل حكيم وإعلامهم بأنه لم يعد قادرا على التنفس الا أن البوليس واصل خنقه الى أن اصبح جثة هامدة. حصل هذا امام جموع عديدة من الناس وتزامن مع يوم عيد الورد بمدينة قراس الذي يشهد اقبالا كبيرا من الفرنسيين الذين حاولوا ايقاف الكارثة بتدخلهم كي يضع الشرطي «آلاكس» حدا لعملية خنق حكيم لكن دون جدوى فتعنت هذا الاخير حال دون ذلك وحتى نضعكم في الصورة أكثر نشير الى ان «آلاكس» هذا يبلغ من الطول مترا و90 صم ويفوق وزنه 100 كغ بينما يعرف حكيم بنحافة جسمه وبنيته ووزنه الذي لا يزيد عن 55 كلغ على حد تعليق والده.
الاسعاف حصل بعد الوفاة
امام هذا المشهد المرعب الذي تابعه الناس باعداد غفيرة جاءت التعزيزات الامنية بهدف اخلاء المكان والتستر على المشهد التراجيدي وليس لإسعاف حكيم ورغم مبادرة أحدهم بدعوة الاسعاف فقد طرده البوليس ثم امر بإيقافه قائلا «سنتكفل نحن به» وكان حكيم وقتها قد فقد الوعي تماما فَرُمي به في سيارة الشرطة (لابد هنا من الاشارة الى اختلاف الروايات فالبعض قال بانهم رموه في موضع الامتعة بالسيارة) وحمل جثة هامدة الى منطقة الامن بقراس لتبدأ المسرحية كما ذكر والد حكيم السيد ابوبكر العجيمي (عامل بناء مقيم في فرنسا منذ 32 سنة) حيث باشر البوليس اسعافه بمساعدة الاطباء لكن بعد فوات الاوان أي بعد وفاته بوقت لا يسمح بتنشيط قلبه الذي سكت نهائيا.
يقول السيد ابو بكر العجيمي في هذا الصدد «لقد اخبرني أحد الاطباء بأن إسعاف ابني ممكن علميا في وقت أقصاه 20 دقيقة من توقف قلبه نظرا لصغر سنه ولصحته الجيدة لكن الظاهر ان وفاة ابني مر عليها وقت طويل».
والغريب أن مكان الحادثة مجهز بكاميرا مراقبة (360 درجة) لكن الشرطة والبلدية هناك اخبروا عائلة حكيم بانها معطبة يومها ولم تقم بتسجيل أي شيء. وكاد ملف حكيم أن يغلق بتقرير طبي يتضمن عبارة «توفي بسكتة قلبية» وقد أشار المسؤول الأمني بمنطقة قراس على والد حكيم بأنه بامكانه بدء إجراءات نقله لتونس لدفنه لكن نصيحة إحدى الفرنسيات التي جاءت لتقديم التعازي ببيت حكيم غيرت كل شيء. يقول والد حكيم «اشارت عليّ سيدة فرنسية خبيرة بشؤون تقارير الطب الشرعي باعتبارها كانت تشتغل في البوليس قبل تقاعدها بتقديم اعتراض والمطالبة باجراء فحوص بواسطة سكانار وتشريح كامل للجثة لان البوليس له من الخبرة ما يمكنه من اخفاء الحقيقة بحكم أن طرقهم في القتل قد لا تظهرها تقارير طبية بسيطة».
وهذا ما فعله والد حكيم حيث قدم اعتراضا رسميا (تحصلنا على نسخة منه) آثار استغراب البوليس على حد ما أعلمنا به. الذي نبهه بأن دفن حكيم سيطول بعض الشيء وهو أمر سيرهق كثيرا عائلته على المستوى النفسي. فقد لاحظنا عند ذهابنا لعائلة حكيم بقراس بأن البيت لا يقفر من الناس القادمين للعزاء الى ساعات متأخرة من الليل زيادة على أن الهاتف لا يكف على الرنين بسبب مكالمات المعزين والصحافة.
سكتة قلبية أم إختناق؟
هل كان موت حكيم بسكتة قلبية أم باختناق تسببت فيه طريقة مسك البوليس كان هذا هو السؤال المحير الذي يطرحه الجميع بما في ذلك الصحافة الفرنسية لكن اليقين عند عائلة الراحل هو الافتراض الثاني بالطبع. وفي مرحلة اولى وللمطالبة بحق ابنهما بادرت عائلة المرحوم بتنظيم مسيرة جابت شوارع قراس وتوقفت امام منطقة الامن والبلدية بقراس حيث كان في استقبالهم نائب رئيس البلدية الذي تفهم موقف العائلة ووعد باجراء بحث عادل لايفاء حكيم حقه على حد ما أعلمنا به والد حكيم كما أدان هذا المسؤول الحادثة وعبر عن تضامنه مع العائلة.
وفي هذه المسيرة التي شاهدناها عن طريق الفيديو ببيت الراحل حكيم رفع المتظاهرون لافتات ورددوا شعارات وعبارات مثل «حراس امننا قتلة ابنائنا» «البوليس هو المجرم» «العدالة لحكيم».
وذكر السيد أيمن فحفاح (مهاجر تونسي) بفرنسا بأن «قراس شهدت تعزيزات امنية تحسبا لرد الفعل لكن كل الفرنسيين بهروا بالاسلوب الحضاري الذي تم به التعبير عن غضبنا كجالية تونسية بعيدا عن العنف والشغب».
ويذكر أن عائلة الراحل حكيم كلفت محاميين اثنين لمتابعة القضية وهما الاستاذان دي فيتا وبون كما بادرت السفارة التونسية بفرنسا عن طريق القنصلية بنيس بتكليف المحامي التونسي المقيم بفرنسا الاستاذ رياض جعيدان بمتابعة الموضوع ويأتي هذا الاجراء داعما لموقف تونس من هذه الحادثة التي استنكرها الجميع.
42 يوما في مستشفى باستور
بمستشفى باستور بنيس مكث جثمان الراحل حكيم العجيمي 42 يوما وهو مستشفى مختص في التشريح والطب الشرعي وهناك كان لعائلته فرصة زيارته والقاء نظرة عليه عساها تخفف من درجة حزنها.
يقول السيد ابو بكر العجيمي في هذا الصدد «كنا مصحوبين في هذه الزيارة بالمحامين وبقضاة التحقيق وتمكنا من التعرف على ابننا الذي شقت كل اعضائه من أعلى الرأس الى أسفل الرجل كما لاحظنا أثارا حمراء وزرقاء في مستوى يديه وساقيه بسبب القيود التي وضعت له كما وقفنا على اثار ضرب في مستوى راسه. ويذكر في هذا الصدد أن احد جيران المرحوم وهو أيمن فحفاح كان رافقنا الى اماكن عدة شهدت وفاة حكيم منها مكان الحادثة واطلعنا هناك على البلور المهشم لوكالة أسفار رغم سمكه والذي ارتطم به رأس حكيم اثناء المواجهة مع البوليس.
معاناة شديدة
لاشك أن موت حكيم كان بمثابة الصدمة القاسية لافراد العائلة وخاصة والدته السيدة زهرة التي تنهمر دموعها من حين لآخر وينتاب هذه الأم شعور بالذنب لا تتوقف عن التحدث عنه وهو وقوفها امام رغبة حكيم للعودة لتونس لاخذ نصيب من الراحة تقول «كانت رغبة ابني في العودة لتونس جامحة وكان في مناسبات عديدة يترجاني لكنني كنت اجيبه بأن عودتنا ستكون جماعية كالعادة في كل صيف.. ليتني ما اعترضت على رغبته» اما شقيقه الاصغر حلمي فهو لا يصدق الى الآن موت حكيم لأن الامر بالنسبة اليه بمثابة الحلم والكابوس المزعج وهذه هي الحقيقة المرة التي ترفض ان تتقبلها ايضا شقيقته اكرام.
شهادات خطية
كانت حادثة وفاة التونسي حكيم العجيمي على مرأى ومسمع من عدة فرنسيين ومهاجرين عربا وأفارقة... كنا تحصلنا على شهادات خطية من بعضهم على غرار السيد «امانياهيو» الذي خط بيده «اشهد اني حضرت ايقاف السيد عبد الحكيم عجيمي الذي ميزته القوة والعنف بعد أن فُرِش على الارض وشدت يداه وساقاه بقيود ثم رُمي به في السيارة مثلما ترمى حقيبة في الصندوق الخلفي للسيارة.
انا لا أفهم كل هذا العنف من البوليس الفرنسي والذي صدمني كثيرا». ومن بين الحاضرين على عين المكان ليلى وهي فرنسية وليست عربية كما قد يظن البعض من خلال الاسم تقول «كنت مارة بالصدفة عندما شاهدت خمسة أفراد من البوليس جاثمين على شاب وكان احدهم يمسكه بقوة من عنقه وآخر ينهال عليه ضربا كان المشهد مذهلا وكان حكيم يريد منا نحن المواطنون المجتمعون حوله بان نفعل له شيئا لكن احدا لم يقدر على ذلك وعندما حاولوا ايقافه على رجليه لم يتحرك ولم يتكلم لقد كان فاقدا للوعي تماما فرموا به في السيارة وأمام هذا المشهد الذي لن يمحى من ذاكرتي توجهت بنفسي الى مركز الأمن بالجهة لاروي لهم ما شاهدت ومستعدة لاي شهادة أخرى في المحكمة أو عند قاضي التحقيق حتى اثبت حق حكيم».
اما السيد لودوفيك جيرار فهو الى الآن يعيش على وقع هول ما شاهده يقول «انا من مدينة «كان» وجئت لقراس لزيارة صديقة وبالصدفة مررت بجانب مجموعة من البوليس يعنفون شابا . أنا اعرف الطرق السليمة التي بها يمكن للبوليس السيطرة على أي متهم.. كنت أشاهد الشاب وهو ملقى على وجهه على الارض ويستغيث ويقول لم أعد قادرا على التنفس. كان لونه بنفسجيا يميل الى الزرقة ومع ذلك كان شرطي يواصل ضربه بالساق. بدأت اصور المشهد بواسطة هاتفي الجوال كان الشاب يقاوم لمدة 10 دقائق لينهار تماما فيما بعد.
عبرت عن غضبي تجاه البوليس فامروا بايقافي وبوضع القيود في يدي ثم قادوني الى مركز الامن هناك وضعوني في غرفة انفرادية وكنت استمع الى امرأة تقول اطلبوا الاسعاف انه سيموت.. اطلقوا سراحي على الساعة السابعة مساء وسلموني هاتفي الجوال الذي لا يوجد به أي شيء مما صورت».
هل يعاني حكيم من مرض نفسي؟
هل كان حكيم مريضا نفسانيا معلومة اكدها لنا بعض اصدقائه حيث قال احدهم «كنا مجموعة من الاصدقاء محيطين بحكيم نحاول أن نخرجه من ازمته النفسية فقد كان يدخن الى حد غياب وعيه كما دخل حكيم في عدة مناسبات للمصحة الاستشفائية لتلقي العلاج النفسي واستدرك احدهم قائلا: ومع ذلك كان حكيم يعرف باخلاقه العالية بين الجيران والاصدقاء».
اثرنا هذه النقطة بناء على راي شرطية من قراس حيث اخبرتنا ان وضع حكيم الهستيري الذي كان عليه هو الذي اوصلنا لهذه النتائج التراجيدية.
لكن والده السيد ابو بكر العجيمي نفى ان يكون حكيم يعيش حالة نفسية مرضية او مستعصية وكل ما في الامر انه احس بارهاق فكري وببعض الضغط نتيجة حادث الشغل وفقدانه لعمله. والدليل على هذا أنه في آخر مرة طلبت مني طبيبته بأن آخذه للبيت رغم أني طلبت منها ان يظل في المستشفى لمزيد الراحة لكنها ذكرت بان ابني لا يعاني من اي مرض نفسي.
وقد تحولنا الى المستشفى الذي عالج به حكيم وهو يبعد بعض الكيلومترات عن قراس المدينة لكننا لم نتمكن من مقابلة طبيبه المباشر له لانه لم يكن موجودا وقتها ولكن هل يعني كل هذا أن يلقى حكيم هذا المصير نأمل أن تقول العدالة كلمتها لينام هذا الشاب نومته الابدية قرير العين.
----------------------------------------------------------


الأستاذ رياض جعيدان (محامي عائلة الضحية) ل« الأسبوعي»:
جمعنا كلّ الوثائق والادلّة لإثبات حقّ حكيم
متابعة من «الاسبوعي» لملف قضية الشاب التونسي الذي قتل منذ شهرين في قراس الفرنسية ودفن بتونس خلال جوان المنقضي جمعنا لقاء مع محاميه التونسي المقيم بفرنسا الاستاذ رياض جعيدان الذي حل بيننا منذ أيام قليلة. وكانت القنصلية التونسية بنيس كلفته بمتابعة القضية والمرافعة فيها اضافة للاستاذين دي فيتا وبون اللذين كلفتهما عائلة الضحية بمتابعة القضية. وقد أخبرنا الاستاذ جعيدان أنه يعمل مع زميليه الفرنسيين في اطار جماعي يعتمد بالاساس تقسيم المهام والتعاون والتشاور في مختلف حيثيات الملف.
آخر التطورات
انطلقنا في حديثنا مع الاستاذ جعيدان من سؤال محوري وهو «هل ثبت حق حكيم بعودة جثمانه الى تونس؟» فأجاب: من المفروض أن يكون كذلك باعتبار أن كل الخطوات التي بادرنا بها والنتائج التي توصلنا اليها كانت في صالح القضية. ولعل أهم هدف هو تفنيد ما جاء في التقرير الاول للطبيب الشرعي حيث أراد ان يبعد السبب الرئيسي للموت وهو الخنق ويعلله بأنه ناجم عن سكتة قلبية مزعومة. وقد أثبتنا أن حكيم لا يعاني من أي مشكل في القلب من خلال ملفه الطبي العائلي وإجازته الرياضية باعتباره يمارس الرياضة في إطار جمعية كرة قدم بقراس ويخضع لفحوصات دائمة من طبيب الجمعية زيادة عن ملف طبيب الشغل. ويضيف الاستاذ جعيدان وبعد أن كنت معترضا على عودة جثمان حكيم الى تونس لدفنه سمحت مع زميلي بذلك بعد جمع القرائن السالف ذكرها والشهادات التي أدلى بها من شاهدوا الحادثة (وعددهم 20) لقضاة التحقيق زيادة عن التقرير الثاني للطب الشرعي الذي لا يستبعد الموت الناتج عن الخنق بل يؤكد ذلك وقد اعتبرنا ان كل القرائن هي في صالحنا ولا فائدة في مزيد بقاء جثمان حكيم».
التقارير الاضافية
وبالرغم من أن الامور واضحة على حد تعبير الاستاذ جعيدان إلا أن غلق ملف التحقيق نهائيا مازال الى حد كتابة هذه الاسطر متوقفا على تقارير طبية مخبرية اضافية ودقيقة تجرى حاليا بمستشفيات فرنسية مختصة وما يزال موعد صدورها غير محدد حسبه. اما بخصوص المتهمين بقتل حكيم من البوليس الفرنسي وحول حقيقة عودتهم الى عملهم على حد ما أخبرنا به والد الضحية قال الاستاذ جعيدان «المعلومات عندي عكس هذا تماما فهم ليسوا فقط موقوفين عن العمل بل خضعوا الى تحقيقين على الاقل الى حد الآن الاول قامت به الشرطة الفرنسية المختصة والثاني قضاة التحقيق الذين يباشرون القضية وهي تحقيقات تسير الى حد الآن في نزاهة وشفافية على حد ما أعلمنا به محدثنا واشار الاستاذ جعيدان الى أن المحامين لهم كامل الحق في استنطاق المتهمين قبل ختم البحث حسب القانون الفرنسي وهو ما قد نلتجئ اليه اذا وجدنا أن التقرير غير عادل.
قتل على وجه الخطأ أم عمدا؟
لن يختتم البحث في قضية حكيم قبل موفى شهر أوت على حد ما اعلمنا به الاستاذ جعيدان على أن يكون موفى سنة 2008 موعد غلق القضية نهائيا حسب توقعاته. وما يزال الى حد الآن غير متأكد وواضح لدى الدفاع ان كانت القضية ستكون من مشمولات محاكم الجنح أو الجنايات. وهذا متوقف حسب الاستاذ جعيدان على التهم التي ستوجه للمتهمين وخاصة تهمة القتل العمد أو على وجه الخطأ. وقال الاستاذ جعيدان أن الدفاع لن يقبل بالثانية وسيلتجئ الى درجات اخرى من التقاضي.
وحيد عبد الله
للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.