تونس الصباح: يتسع مجال التوجيه الجامعي من خلال ما يقدمه الدليل الخاص به في كل سنة إلى أكثر من 700 شعبة. وهذه الشعب تمثل مجمل الاختصاصات التي تتوفر بالتعليم العالي بكل مراحله الطويلة والقصيرة والمتوسطة. لكن رغم الحرص على إثراء المشهد التربوي، وربط الجامعة بمحيطها وبحاجيات سوق الشغل اعتبارا للسياسة التربوية القائمة على هذا البعد، فإن هذا التمشي يتطلب المراجعة ليكون دوما متجددا ومستجيبا لمتطلبات المرحلة ولتطور سوق الشغل وطلباته. رغم الحاجة والطلب على هذه الاختصاصات الحاجة إلى الاطار شبه الطبي تبقى مطلوبة على الدوام وأساسية بالنسبة للقطاع الصحي خاصة خلال هذه المرحلة باعتباره مغذيا له ومستجيبا لحاجياته عددا ونوعية. كما أن ديناميكية المجتمع والعلوم والطب تتطلب ثراء في هذا الاطار لا يقل قيمة عن الحاجة إلى الاطباء وحتى الاختصاصيين باعتبار الاطار شبه الطبي يبقى المنفذ للمجالات والخدمات الصحية على اختلاف أنواعها، علاوة على الخدمات الاخرى. ولعلنا لو نظرنا إلى هذا الاطار، وأوليناه ما يستحق من تكوين وتعليم للاحظنا أولا أن ما يتوفر منه لا يستجيب للقطاع الصحي العمومي والخاص في البلاد، وذلك منذ سنوات عديدة. وهذا النقص في الاطار شبه الطبي يعود إلى أنه لم يأخذ حظه وما يستحق في التعليم العالي وفي برامج الدولة ومخططاتها في بعث المزيد من مدارس علوم التمريض. وزد على هذا فإن الطلب على الاطار شبه الطبي التونسي مثل حاجة عديد الدول العربية والغربية والافريقية. ولذلك كثرت الانتدابات منه في كل من إيطاليا وبريطانيا وكندا وأخيرا فرنسا التي يشار الى حاجتها الى 3 الاف ممرض تونسي وذلك ضمن اتفاقية الهجرة الاخيرة التي أبرمت بين تونسوفرنسا. كما لا ننسى الطلب العربي على تونس في هذا المجال، حيث لا تزال المملكة العربية السعودية وقطر والامارات وغيرها تسعى سنويا لانتداب إطار شبه طبي تونسي باعتبار كفاءته العالية في عديد الاختصاصات وقدرته على ذلك بما يتوفر فيه من كفاءات مختصة أيضا. مدارس علوم التمريض وخريجوها محدودون في تونس فبين طلب القطاع الصحي التونسي المتزايد من سنة إلى أخرى ومن مرحلة إلى مرحلة لعل آخرها منظومة التأمين على المرض التي يجري إرساؤها، وكذلك الطلب الخارجي المتزايد على هذا الاطار لعل آخره ما يرد من عديد الدول الافريقية يتضح أن ا الطلب بتزايد على الاطار شبه الطبي التونسي، والحاجة متزايدة إليه والى اختصاصات الحيوية. لكن الثابت أيضا من خلال دليل التوجيه الجامعي أنه لا مدارس علوم التمريض قد تطورت ضمن منظومة التعليم العالي ولا أيضا ضمن مخططات الدولة في تنميته وارساء المزيد من مؤسساته. كما أن القطاع الخاص كانت مساهمته محتشمة جدا في تكوين نواتات للدارسة في هذا المجال، علاوة على وجود عراقيل بخصوص تنظير الشهادات والاعتراف بها. ولعل الاغرب من كل هذا والذي بات يشاهده القاصي والداني هو التآكل الذي أصاب القطاع العمومي للصحة في مجال الاطار شبه الطبي، وذلك بفعل هرب الممرضين والاختصاصيين إلى القطاع الخاص. وأمام هذا الواقع تتولى وزارة الصحة العمومية بجهد كبير محاولة ايجاد توازن للاطار شبه الطبي، وذلك من خلال دعم دارس علوم التمريض وتكوين الممرضين أخرها كان ما وضعته من خطة لفترة تكوينية إنتقالية تمتد ما بين 2008 2009 وذلك من خلال دورات متتالية لبلوغ ما يحتاجه القطاع الصحي من هذا الصنف. مراجعة دليل التوجيه الجامعي وإيلاء تدريس علوم التمريض ما يستحق استراتيجية التعليم العالي تتجلى من خلال دليل التوجيه الذي يتجدد في كل سنة طبقا للحاجيات النوعية من خريجي الجامعة وطلبات سوق الشغل. لكن دراسة هذا الجانب يجب حسب اعتقادنا أن تكون معمقة ودقيقة وواعية كل الوعي لا بطلبات الشغل في تونس فحسب بل بالطلب العالمي على اعتبار أن تصدير الكفاءات بات أمرا أساسيا والطلب عليه كبير وكثير. من هذا المنطلق نعتقد أن مراجعة جذرية لشعب التعليم العالي وللاختصاصات الموضوعة بها لابد أن تتم في أقرب وقت ممكن، وذلك لتفادي ظاهرة خريجين لا حاجة بهم، أو خريجين لا طلب على اختصاصاتهم، أو خريجين أيضا يفوق عددهم الحاجة. كما نعتقد أنه لابد من تعميق الرؤية بخصوص الحاجيات الى الاختصاصات المطلوبة والتركيز عيها بالاساس.