سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعارضة فوّتت على نفسها المنعرج التاريخي من 1987 إلى 1989 برفضها اقتراح القائمات الائتلافية الموحدة أحاديث الصباح: المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرّري
خارج نظام «الكوتا» لن يكون ثمة حضور للمعارضة في البرلمان وجب استثمار حضور الرئيس بن علي على رأس الدولة وما حقّقه من أوضاع استقرار سياسي ومن تطوير تدريجي للعملية الديمقراطية العديد من القوى من الداخل والخارج تتربص بالتجربة الديمقراطية التونسية تونس - الصباح: تعيش الساحة السياسية والحزبية في تونس هذه الايام على وقع تحرك سياسي نشيط، استعدادا لاستحقاقات الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر اجراؤها في شهر اكتوبر المقبل. وتنظر مختلف الاوساط السياسية لهذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة بكثير من الاهتمام، وتعتبرها من اهم الاستحقاقات التي ستعكس نضج المسار الديمقراطي التعددي في تونس الذي بدأ عوده يشتد وسط اجواء من الامن والاستقرار كان لها كبير الاثر في تحقيق معدلات نمو اقتصادي واجتماعي هامة. حول المشهد السياسي الراهن والاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية المنتظرة وخاصة بالنسبة لأحزاب المعارضة التي يرى بعض الملاحظين والخبراء أنها لم ترتق بعد الى درجة المنافسة السياسية والثبات والرسوخ في واقع الحياة السياسية ،كان لل"الصباح" هذا اللقاء مع السيد المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري الذي حدثّنا عن المشهد السياسي في تونس،واقع المعارضة وإستعداداتها للانتخابات وما بعد الانتخابات.. هذا الى جانب الحديث عن الحزب الاجتماعي التحرري برامجه.. آفاقه ودوره محليا وخارجيا. * ونحن على أبواب سنة حافلة بالتظاهرات السياسية والانتخابية ،كيف تقيّمون المشهد السياسي الراهن وأي صورة تقدمونها عن الواقع السياسي ككل وواقع أحزاب المعارضة بصفة خاصة؟ - هناك بالفعل استحقاق انتخابي لسنة 2009 سيكون هاما من حيث انه يأتي كتتويج لمسار من الحراك السياسي.ولا بد من أن نسجل الديناميكية الخاصة التي ميزت الساحة السياسية الوطنية منذ سنتين على الاقل ،عودة الى الحوار والمنتديات والجدل ووجود مساحة هامة في إطار المشهد الإعلامي أتاحتها هذه الديناميكية وأبرزت العديد من الوجوه والعديد من المواقف وطرحت العديد من القضايا..مشهد تعددي بأتم معنى الكلمة جمع مختلف الألوان السياسية .والشيء الذي يستحق التثمين هو وجود مصالحة غابت منذ مدة بين النخب السياسية والنخب الأكاديمية..هناك عودة المثقف الى الساحة السياسية والفكرية وعودة الى الجدل والصراع الايديولوجي بين مكونات الساحة السياسية والفكرية.وهذا لم يكن على هامش المؤسسات وانما تم في إطار المجالس الإستشارية وفي إطار الدستورية من برلمان ومجلس مستشارين...كانت هناك تقييمات وطروحات متميزة..المعارضة كالعادة برزت في تلونها وتعدد قراءاتها وموضوعيا تكتل الوسط بمكوناته التقليدية (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين،حزب الوحدة الشعبية،الحزب الاجتماعي التحرري،حزب الخضر،الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) وكذلك تكتّل المعارضة "الراديكالية" برز كذلك من خلال اصداراته ومن خلال مواقفه وتلك هي الصورة التعددية ووضع الحراك السياسي.ونتوقع أن تكون المحطة الإنتخابية المقبلة تتويجا ومحصّلة لهذه الديناميكية الجديدة ونعتقد ان اجراء هذه الانتخابات في اطار الشفافية وفي اطار التنافس النزيه من شأنه أن يحقق مراكمة هامة في اتجاه ما نصبو اليه من ارساء ودعم دعائم مجتمع ديمقراطي ودولة القانون والمؤسسات. * تحدثتم عن التعددية وعن الحراك السياسي ،لكن يبدو أن هذا الحراك السياسي لدى أحزاب المعارضة ظلّ داخليا بمعنى أن حيوية هذه الاحزاب داخلية ولا تتجاوز الصراعات الداخلية والتناحر الذاتي في ظل غياب البرامج الوطنية التي من شأنها ان تنافس الحزب الحاكم مثلا. - شأن طبيعي أن تشهد الأحزاب صراعا داخليا حول قضية الترشحات وحول قضية توزيع القائمات وحول قضية إشباع طموح العديد من الكوادر والمناضلين..لكن المشكل في كل هذا هو مشكل طريقة تسيير وشفافية المعايير والمقاييس والمرجعية التي ترسيها كل قيادة داخل كل حزب لتكون عملية الترشح في آخر الأمر ناجعة.فبالنسبة للتحرري مثلا فان مرجعيتنا هي أولا صورة الحزب وحظوظه للحصول على القدر الأكبر من الأصوات. أكيد أن هناك أوضاعا هشاشة لا نخفيها داخل الأحزاب ،هشاشة متولدة عن مرحلة يطول شرحها من الانكماش السياسي وتراجع اقتحام النخب لدائرة الفعل السياسي والمدني... حالات من الاستقالة لدى الشباب..لكن الآن لا بد من أن نعتبر أن ما تشهده الأحزاب حاليا من زخم ومن مدد شبابي ومن مشاركة نخبوية حتى وان كانت حاملة في ثناياها لبعض التوترات أو لبعض الاضطرابات فهي في مجملها مثمرة.وبكل تأكيد كل الأحزاب تقبل الاختراق من عناصر انتهازية ووصولية.. * تحدثتم عن الانتخابات والرهانات السياسية القادمة،لكن وبالرغم من أن نظام "الكوتا" هو الذي ساهم في دخول بعض الاحزاب السياسية المعارضة للمجلسين النيابيين فان بعض الهياكل أو بعض الأطراف تعلن عن رفضها لهذا النظام وللتعامل به..فهل ترى أن بعض الأحزاب قادرة على المنافسة ودخول مجلسي النواب والمستشارين اذا ما تم التخلي عن "الكوتا؟ - لنكن في منتهى الصراحة في هذا المجال.فالمعطى الأول هو أن "الكوتا" ليست بدعة.. بل هي من الآليات المعتمدة لدعم الأقليات وضمان حضورها داخل المجالس النيابية وليست ميزة تونسية وان كانت غالبا ما توظف في اطار ضمان حق المرأة في التواجد داخل البرلمانات أو المجالس الاستشارية بالنسبة للعديد من البلدان الغربية.في تونس هناك فرصة تاريخية تم تفويتها فيما يتعلق بالمنعرج التاريخي من 1987 الى 1989 وهو مقترح القائمات الائتلافية الموحدة التي يمكن ان تضم مختلف الاحزاب.. آن ذاك طرحت فكرة قائمة وطنية موحدة تضم الحزب الحاكم وعدد من الأحزاب الديمقراطية الناشئة في تلك الفترة .وبالطبع رفض المشروع من قبل العديد من الأطراف السياسية المعارضة وبعض الأطراف التي كانت آن ذاك في السلطة. والآن الاشكال هو هل يمكن للمعارضة أن تكون حاضرة داخل البرلمان خارج نظام "الكوتا"..وبالنسبة لنا فرأينا واضح.. نقول أن هذا غير ممكن وذلك لعدة اعتبارات منها قلة الامكانيات المادية والبشرية بالنسبة لأحزاب المعارضة بكل أطيافها ودون تمييز..راديكالية ومعتدلة..باختلاف مشاربها الايديولوجية ونقول أن خارج "الكوتا" لن يكون ثمة حضور يبقى أن هناك طرح آخر لا بد أن نعتبره وهو قضية الغاء نظام "الكوتا" والتأسيس لعملية فرز طويلة المدى من خلال ضمان الحد من التمويل العمومي لكل حزب قانوني معترف به ويراجع النظام الانتخابي وينجز اصلاحات جوهرية في مستوى المشهد الاعلامي وعند ها سيفضي هذا المسار الى عودة المعارضة الى البرلمان والى حضورها الفاعل .وليس من المعقول اليوم أن نسجل غياب المعارضة عن مجلس النواب أو مجلس المستشارين وهذا سيقرأ على أنه انتكاسة للعملية الديمقراطية التي لا نزال نعتبر أنها ما تزال فتية في بلادنا وانها تتم اليوم بفضل إرادة الرئيس زين العابدين بن علي وليست لدينا أوهام من أن العديد من القوى من الداخل والخارج تتربص بهذه التجربة . ويمكن التوفيق بين هذا وذاك في اتجاه إيجاد صيغ قانونية وتشريعية لجعل كل الأحزاب المعترف بها تحظى بدعم وبتمويل عمومي أولا والمعطى الثاني أن الحضور البرلماني من شأنه ان يعزز تمويل هذه الأحزاب. وفي مستوى آخر مراجعة المجلة الإنتخابية لعلّنا نجعل العبور الى التتمثيل البرلماني أكثر يسر وأكثر حفظ لحقوق ولإمكانات الأقليات السياسية.ونعتقد أن تمثيل الأقليات عملية ضرورية فرغم أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية لكنها كذلك أولا وقبل كل شيئ قدرتها على حماية الأقليات وعلى صيانة وجودها. * وكيف تنظرون الى الواقع السياسي بعد انتخابات 2009 - ما نرتقبه وما نتوقعه هو التغيير على المستوى المشهد السياسي.وأعتقد أن هناك اتجاها نحو التقارب بين الأحزاب الكلاسيكية والأحزاب التقليدية.وفي تقديرنا هذه الأحزاب سجلت حضورا في الساحة السياسية.. هذه الأحزاب ككل كيان تعبرها عمليات مراجعة واوضاع فتور وهناك قوى جديدة صاعدة في الساحة مرشحة للبروز في المشهد كعناصر اضافية.ونحن نعلم جيدا ان الساحة السياسية في بلادنا ما تزال محكومة بسلوكيات وبردود فعل محافظة والبعض لا يزال يفكر بمنطق الثمانينات ولا يزال يعتقد أن المشهد السياسي لم يتغير نوعيا ونحن نخالف هذا الرأي ونقر بوجود إضافات وبوجود رموز جديدة .ولا يمكن الفصل في الواقع بين الشخصيات السياسية وبين المراكمة الرمزية وبين الأحزاب والرؤى وبين البرامج.. .أعتقد ان كل هذا سيفرض بالضرورة أوضاع جديدة وتحالفات جديدة * وأين حزبكم من كل هذا؟ - كحزب إجتماعي تحرري ومنذ أن تسلمّنا قيادة الحزب رسمنا خط واقعيا ونهجا معتدلا لأننا نعتقد أن عديد الأطراف لا يحرجها التطّرف وانمّا يحرجها الإعتدال لذلك نريد أن نواصل على نفس المسار وأن نؤسس للمفهوم الوفاقي للديمقراطية.فبلادنا لا تحتمل الهزّات ولا تحتمل التوتّرات ولا يمكنها أن تسمح لنفسها في الدخول في مطبّات الصراع لأننا بلد تحكمه الصورة والرسالة الإعلامية والحالة التعددية الثقافية خاصة أنّ بلدنا يفتقد إلى رأسمال طبيعي لكنه يفتخر بوجود الرأسمال البشري وحالة الإستقرار والسلم المدني.ونادينا في حزبنا للعودة الى الحوار المباشر بين الأطراف الوطنية بعد إنجاز الإستحقاق الإنتخابي المقبل وعلينا ان نؤّمن المسار وهذا يتم من وجهة نظرنا في إطار الديمقراطية الوفاقية وفي إطار استثمار حضور الرئيس بن علي على راس الدولة وما حقّقه من أوضاع إستقرار سياسي ومن تطوير تدريجي للعملية الديمقراطية. * بعد تركيزالحزب الليبرالي وهياكله على المستوى الداخلي،تركزّون حاليا على الإشعاع على المستوى الاقليمي والدولي.فأي مشاريع وأي برامج واي طموحات وضعتموها لتحقيق أهدافكم الوطنية والدولية؟ - الحزب الاجتماعي التحرري كحزب ليبرالي يسعى لتطوير علاقاته وتمديدها على المستوى الدولي. وبالفعل نجحنا وفي ظرف وجيز من الحضور داخل قيادة الشبكة الليبرالية الافريقية وداخل الشبكة الليبرالية العربية والآن أنا أشغل خطة نائب رئيس الأممية الليبرالية كذلك الشأن بالنسبة لمنظمة الشباب ومنظمة المرأة مرشحة لقيادة الشبكة الليبرالية العربية للنساء ومفاوضات الكواليس تسعى الى أن تكون تونس هي المركز وأن تكون الرئاسة لمنظمة المرأة التحررية .والغاية الأولى بالنسبة لنا هي الدفاع عن التجربة الديمقراطية التونسية ونؤكد مرة أخرى أننا نرفض منطق الإملاء ومنطق الضغط ونعتبر أن النظام التونسي نظام معتدل وأن هذا النظام حداثي وانه قادر على النجاح في مستوى الاصلاحات السياسية والديمقراطية..وهذا النظام سجل بالفعل عديد النجاحات على المستوى الإقتصادي والإجتماعي رغم ندرة الموارد الطبيعية.وحزبنا يصر على أن النماء والرقي والسلم الاجتماعي والاقتصادي لا يكون الا في ظل الحوار.. في ظل التوتر ومنطق المواجهة لن يكون المجال مفتوحا إلا للتيارات القصوية والتيارات الفاشية وهذه التيارات لن تكون حاملة الا لدمار الشعوب ودمار الدول.