55 ألف مريض من الأجانب يزورون تونس لغاية العلاج أصبحت بلادنا خلال السنوات الاخيرة وجهة استشفائية لعدد كبير من المرضى القادمين من الدول الشقيقة والصديقة وذلك بفضل المستوى الراقي الذي أصبحت عليه الخدمات الصحية والتي تضاهي ماهو عليه بالبلدان الاوروبية من حيث التجهيزات التشخيصية والعلاجية المتطورة، والمهارات الطبية وشبه الطبية التي أصبحت تتحكم في أغلب التقنيات الجديدة والمتطورة. وشعورا منها بأهمية هذا النشاط وتطوره على المستوى العالمي من ناحية، واستعدادا لمواجهة المنافسة الاجنبية التي تفرضها العولمة من ناحية أخرى، وضعت الدولة جملة من الآليات للمحافظة على ما تتمتع به بلادنا من صورة لامعة للقدرات الطبية والخدمات الاستشفائية، تم دعمها أخيرا من خلال تنظيم لقاءات بمشاركة جملة المتدخلين في القطاع من ممثلين عن وزارة الصحة العمومية ومهنيين وأصحاب مصحات خاصة وأصحاب نزل للتحسيس بأهمية العمل على الرفع من مستوى الخدمات المقدمة حتى تكون ذات جودة عالية مطابقة للمواصفات العالمية. وفيما يتعلق بتدعيم الاستثمار، فقد تم منذ سنة 2001 سن القانون المتعلق بالمؤسسات الصحية التي تسدي كامل خدماتها لفائدة غير المقيمين. ويمثل هذا القانون حافزا جديدا للاستثمار الخارجي المباشر، كما يهدف إلى استقطاب عدد أكبر من المرضى خاصة من الدول الاوروبية إلى جانب المرضى الاجانب المقيمين وغير المقيمين بتونس. وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن الوزارة أبرمت اتفاقيتين لبعث مصحتين تسديان كامل خدماتهما لغير المقيمين بتونس العاصمة (سنة 2002) وجزيرة جربة (سنة 2004) كما نظرت اللجنة العليا للاستثمار خلال شهر نوفمبر 2006 في مشروع بعث مصحة جديدة بمنطقة سكرة من ولاية أريانة. ومن بين القرارات والآليات الاخرى التي وضعت لتشجيع تصدير الخدمات الصحية وجعل تونس قطبا استشفائيا على الصعيد المتوسطي، نذكر: - سحب نظام استرجاع الاداء على القيمة المضافة لفائدة المرضى الاجانب الذي تم إرساؤه ضمن قانون المالية لسنة 2005. - التشجيعات المالية والاعفاءات الجبائية للنهوض بالتكوين المستمر والرسكلة للمهنيين الصحيين بالقطاع الخاص. وقد ساهمت هذه الآليات والتشريعات في مواصلة استقطاب أعداد متزايدة من الأجانب الوافدين لغاية العلاج بتونس، مسجلة معدل 55 ألف مريض في السنة خلال السنوات الاخيرة. وفي إطار التوجه الرامي إلى تعزيز التشجيعات في مجالات الطب المتطور ودعم الشراكة مع الخارج في هذا المجال بما يسهم في جعل تونس مركزا لتصدير الخدمات الصحية سيتم خلال الفترة القادمة بالتنسيق مع الأطراف المعنية السهر على: - تدعيم التعاون مع وزارتي الشؤون الخارجية والسياحة لتطوير عمليات تسويق المنتوج التونسي في المجال الصحي بالخارج. - صياغة مقاييس ومعايير استغلال بعض التجهيزات الطبية التي تعتمد تقنيات حديثة والتي تم توريدها في الفترة الاخيرة إلى بلادنا، من ذلك آلة PET SCAN حتى تساهم في مواكبة التطور المسجل على مستوى التجهيزات الطبية المتطورة. - ترسيخ ثقافة الجودة بالمصحات الخاصة بهدف تقديم خدمات صحية راقية وفق معايير الجودة والمواصفات الدولية. - تنظيم الطب العلاجي بالنزل وتوضيح مهام المتدخلين في منظومة السياحة الطبية. - إرساء بوابة الكترونية التي ستقدم نشاط المؤسسات الاستشفائية وتبرز التطور المسجل على مستوى البنية التحتية ونوعية الخدمات الصحية. محمد يحيى بن رجب في قسم جراحة الحلق والأنف والحنجرة بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس: الانفراد باعتماد العلاج بالمنظار لأمراض الغدة النخامية يقدم قسم جراحة الحلق والأنف والحنجرة بمستشفى صفاقس الذي يرأسه الدكتور منعم غربال خدمات متميزة لفائدة المرضى المترددين عليه سواء من خلال ما يتوفر عليه من تجهيزات علمية من اعلى طراز او من خلال الكفاءة العالية لاطاراته الطبية وشبه الطبية. ولعل من اهم اختصاصات هذا القسم ما يقوم به في مجال الجراحة بالمنظار حيث يتعاون مع قسم جراحة المخ والاعصاب الذي يرأسه محمد زاهر بودوارة في جراحة الغدة النخامية حيث بامكانه عن طريق هذا المنظار فتح ما يسمى بالجيب وغرفة الغدة وكذلك استئصال ورم الغدة النخامية منذ عدة سنوات وهو ينفرد بهذه الطريقة في العلاج في تونس وتعتبر جراحة الغدة النخامية بالمنظار طريقة جديدة يتم اعتمادها من طرف عدة فرق من العالم وتمكن من تسهيل العملية وربح وقت كبير ومن تنقيص المشاكل والمخلفات التي تتسبب فيها طرق الجراحة الأخرى، كما تمكن من تلافي استعمال الاشعة وقت العملية، فهي اذن طريقة اسرع للجراح واقل صعوبة فضلا عن أن فترة الجراحة سهلة للمريض. وتجدر الإشارة الى ان هذا التعاون بين الفرق واستعمال المنظار لا يتم الا في مستشفى صفاقس وكان بدا منذ سنوات وقام بسلسلة كبيرة من العمليات من هذا القبيل. وتتعدد اختصاصات هذا القسم تشتمل ايضا اختصاص سرطانات الحلق والحنجرة والأنف الذي يتعاون فيه مع معهد قوستاف روسي بباريس حيث أجرى عدد من اعضائه تربصات هناك وساهموا في إعداد نشريات علمية في هذا الميدان. كما أن للقسم نشاط كبير في مجال الصم الذي يقوم فيه بالبحوث منذ سنة 1993 وظلت اطاراته منذ ذلك الوقت تقوم بعشرات الزيارات الميدانية للعائلات لاجراء التحاليل وتسجيل السمع وشملت هذه الزيارات عدة ولايات وتمكنت في الأثناء من اكتشاف عشرات الجينات في مخبر الوراثة بكلية الطب بصفاقس وشنت على هامش هذا الاكتشاف حملات في مستوى العائلات لحثها على الحد من ظاهرة الزواج بين الأقارب. والواضح كذلك ان هناك جهودا كبيرة تبذل في هذا القسم لتحسين التعامل مع رواده والرفع من مستوى الخدمات الذي يقدمها لهم خاصة في العيادات الخارجية مما ادى الى الزيادة من انتاجيته حيث ارتفع عدد العمليات فيه بنسبة تفوق ال20 بالمائة خلال التسعة اشهر الماضية. ويامل اطارات القسم ان تتدخل الدولة لتوفير مزيد من المعدات والتجهيزات الصحية الأساسية لدعم المكاسب التي حققها وقد اكد لنا الدكتور منعم غربال ان عدد الاعاقات السمعية في ارتفاع مستمر ويحتاج الى وقفة من كل الأطراف ولابد من توفير المعدات الخاصة بهذا المجال للمساهمة في السيطرة عليه علما بان عملياته جد مكلفة.