قدم عرض الرشيدية بقصر العبدلية بالمرسى مؤخرا بقيادة الاستاذ زهير بالهاني الدليل على أن هذه المدرسة الموسيقية التونسية العريقة أكبر من الشخصيات التي تقوم على إدارتها وأنها لا تقف على اسم معين مهما كان كبيرا. فقد تميزت المجموعة الصوتية (تأطير الاستاذ لسعد بن أحمد) صحبة العازفين خلال هذا العرض بآداء متميز يجعل المهتم يراهن على أن صفحة الخلافات حول الزعامة خاصة بعد مغادرة الفنان زياد غرسة لدفة القيادة قد طويت وأن الرشيدية متفرغة اليوم لرسالتها الأساسية المتمثلة في صيانة التراث الموسيقي التونسي من التلاشي. استهلت المجموعة الحفل بنوبة اصبهان ثم نوبة راست فوصلة في راست الذيل ثم فسح المجال للآداء الفردي مع محمد هادي السبعي في «علموك الهجر» لعلي الرياحي وبلقيس في «يا خاينة باش كون بدلتيني» ومحمد علي شبيل في «الي تعدى وفات» للهادي الجويني وسمير في «يلي انت روح الروح» ووئام في «انت يالي» ثم قدم الفنان الزين الحداد ثلاث أغان وهي «يا مسافرة» وانا نغير» و»الاقيك الليلة» ثم وصلة في المزموم رفقة المجموعة الصوتية..واختتم الحفل بقطعة موسيقية بعنوان»ترنمات» تلحين الاستاذ فتحي زغندة (القائم على الادارة الفنية للرشيدية).. كما ان اللافت للنظر في هذه السهرة هو لقاء جيلين من الموسيقيين فنجد مثلا بجانب عازف القانون المعروف جمال بلعيد عازف نفس الآلة الشاب (وهو ابن الاستاذ زهير بالهاني) خالد بالهاني ليمتع الحضور بعزفه المتفرد..وقد يكون من المفيد الإشارة إلى أن العمل الهام الذي تقوم به الرشيدية في مجال صقل مواهب الشباب ومنحهم الفرص للتألق خاصة ان اعضاء مجموعة فرقة الرشيدية الحالية أغلبهم من خريجي المعهد العالي للموسيقى والمعهد الرشيدي واعمارهم تتراوح بين 20و25سنة.. كفاءات موسيقية تستحق التشجيع بعيدا عن الرأي الاحادي و»عصبية الانا» وهو ما يجعل الأمل قائما لدى عشاق الفن التونسي الاصيل في أن تواصل فرقة الرشيدية رسالتها وأن تحافظ على بريقها وهي التي تمثل جزء كبيرا من تراثنا وهويتنا..