علمت «الصباح»، ان المفاوضات بين رئيس الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وعدد من الاحزاب السياسية، قطعت شوطا مهما في سبيل التوصل الى توافق حول ترتيبات المرحلة المقبلة.. وقالت مصادر رفيعة المستوى ل»الصباح»، ان المشاورات التي انطلقت منذ بضعة أسابيع بين رئيس الهيئة، السيد عياض بن عاشور ورموز هذه الاحزاب وممثليها، تركزت بالخصوص حول مدة المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتم انتخابه خلال الاسابيع القادمة، والترتيبات القانونية والتنظيمية المتعلقة بادارة المجلس، والجوانب التي تخص سيناريو التوافق السياسي على أجندة المرحلة المقبلة. وكانت هذه المشاورات التي لم تنته بعد، قد استغرقت عدة جلسات حوار، لعب فيها رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، دور الوسيط و»المعدل» لبعض المواقف باتجاه بناء توافقات تكون أرضية يتم التأسيس عليها للمرحلة المقبلة..
تساؤلات أساسية
ويرى مراقبون، ان مجرد انتخاب المجلس التأسيسي يوم 23 أكتوبر القادم، لا يبدو كافيا لاستقرار الاوضاع في البلاد، على اعتبار ان عملية الانتخاب ستطرح الكثير من التساؤلات الهامة بينها: من سيدعو المجلس التأسيسي للانعقاد؟ وما الذي سيفعله المجلس في جلسته الاولى؟ وبأي نص قانون داخلي سيدير جلساته؟ وكيف سيتم انتخاب رئيس له؟ وهل يكون ذلك بالتوافق أم بالتصويت؟ وهل ينتخب رئيس الحكومة من داخل المجلس ووفقا لموازين القوى والتحالفات التي ستتحكم في المجلس التأسيسي؟ أم يحسم الأمر بالتوافق؟ بل هل يكون رئيس الحكومة من بين مكونات المجلس، أم من خارجه أصلا؟ وكيف سينتخب رئيس البلاد؟ هل يخضع الموضوع للتحالفات الحزبية داخل المجلس أم لمشاورات سياسية وتفاهمات بين كافة مكونات المشهد السياسي الوطني؟ ثم، هل يخضع المجلس التأسيسي لمدة محدودة؟ وماهو حجمها خصوصا في ضوء وجود تسريبات تتحدث عن امكانية ان يمتد من ستة أشهر الى عام فأكثر؟ ومن يعدّ الدستور؟ هل هي لجنة خبراء، أم نخبة من داخل هياكل المجلس التأسيسي المرتقب، أم المجلس ذاته الذي سيتولى صياغة نص الدستور ومناقشته؟
مفاجأة..
وواضح من خلال هذه التساؤلات، ان البلاد يمكن ان تدخل في «حالة فراغ» سياسي ودستوري، اذا لم تحسم الكثير من هذه الملفات.. وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الصباح» فان المشاورات الجارية حاليا بين رئيس الهيئة العليا وعدد من الاحزاب (لم يذكر هويتها)، تحاول الاجابة على هذه التساؤلات في اطار من التوافق، والنقاش الذي وصف ب»المسؤول». ويبدو ان هذه المشاورات التي تدور في كنف السرية، تجري تحت رعاية رئاسة الحكومة التي تحرص على ان يكون موعد 23 اكتوبر، بداية لتاريخ سياسي جديد لتونس، بعيدا عن مخاوف الفراغ السياسي الذي يقض مضجع الكثيرين من الشعب التونسي. ولا يستبعد وفق التسريبات التي توصلت اليها «الصباح» ان يتم الاعلان عن هذا «السيناريو» ان صحت التسمية في غضون الايام القليلة المقبلة؟ فهل تبدد هذه المشاورات السحب الداكنة التي تحيط بسماء المشهد السياسي والوطني خلال المرحلة المقبلة؟ سؤال ستجيب عنه الايام القادمة..