قراصنة يخترقون وزارة دفاع بريطانيا ويصلون إلى رواتب العسكريين    الصحة العالمية تحذر من شن عملية عسكرية في رفح    سعيد.. سيحال على العدالة كل من تم تعيينه لمحاربة الفساد فانخرط في شبكاته (فيديو)    بالفيديو: قيس سعيد: تم اليوم إعادة حوالي 400 مهاجر غير نظامي    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    صادرات قطاع القوارص ترتفع بنسبة 15,4 بالمائة    النادي الصفاقسي يوضح تفاصيل احترازه ضد الترجي    معبر راس جدير والهجرة غير النظامية أبرز محاور لقاء قيس سعيد بوزير الداخلية الليبي    جامعة كرة القدم تحدد موعد جلستها العامة العادية    مجلس الحرب الصهيوني يقرر استمرار العملية العسكرية في رفح    أريانة.. غلق المصب العشوائي بسيدي ثابت    طقس الليلة: مغيم مع هبوب رياح قوية في كافة مجالاتنا البحرية    ياسمين الحمامات.. القبض على تونسي وامرأة اجنبية بحوزتهما كمية من المخدرات    هل يساهم تراجع التضخم في انخفاض الأسعار؟.. خبير اقتصادي يوضّح    فتح بحث تحقيقي ضدّ المنصف المرزوقي    مدنين: حجز أكثر من 11 طن من الفرينة والسميد المدعم وحوالي 09 أطنان من العجين الغذائي    لأول مرة في مسيرته الفنية: الفنان لمين النهدي في مسرحية للأطفال    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة 'سينما تدور'    وفاة مقدم البرامج والكاتب الفرنسي برنار بيفو    رياض دغفوس: لا يوجد خطر على الملقحين بهذا اللقاح    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    مدنين: استعدادات حثيثة بالميناء التجاري بجرجيس لموسم عودة أبناء تونس المقيمين بالخارج    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    التيار الشعبي : تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من شأنه إنهاء الجدل حول هذا الاستحقاق    عاجل : القاء القبض على السوداني بطل الكونغ فو    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    تعرّض أعوانها لإعتداء من طرف ''الأفارقة'': إدارة الحرس الوطني تُوضّح    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    ناجي جلّول يترشح للانتخابات الرئاسية    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    صادم: قاصرتان تستدرجان سائق سيارة "تاكسي" وتسلبانه تحت التهديد..    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ مقتل شخصين في اطلاق نار بضواحي باريس..    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواطنون بين نبل المقاصد ومحاذير المحرّمات
التبني والكفالة.. بين المشرّع والشريعة
نشر في الصباح يوم 03 - 01 - 2012

مفتي الجمهورية: التبني فيه تزوير للحقائق وممنوع شرعا.. والكفالة جائزة ومرغوبة المشرّع التونسي: قانون 4 مارس 1958 ينظم التبني.. والكفالة وهذه الشروط والإجراءات مختص في علم الاجتماع: للتبني والكفالة مخلفات اجتماعية ونفسية عديدة تونس الصباح يأتي الطفل إلى الحياة بصرخة ليعلن انبثاق كائن من داخل كائن تلك هي العلاقة التي تجمع بين الأم وطفلها منذ اللحظة الأولى في هذه الدنيا ولكن قد تتدخل الظروف أو القدر بعد ذلك لإجبار الأم على التخلي عن مولودها خوفا من عقاب المجتمع هذا إذا ولد خارج إطار الزواج وأحيانا تتدخل عوامل أخرى تفرق الأم والأب عن مولودهما وأبرز هذه العوامل الفقر أوالموت..
ولكن الحياة تستمر وقد تنسى الأم مولودها في حين يجد هو أما بديلة تحتضنه وترعاه وبين الأم المانحة والأم الحاضنة ينشأ ذلك الكائن الصغير الذي تلاعبت به الأقدار وجعلته طفلا بالتبني.

رأي المواطن

ولكن تبقى للمجتمع كلمته في هذا الموضوع حيث يرى السيد بشير كشيش (مهاجر تونسي) "أن التبني يجسد قيما نبيلة حيث تصبح للطفل الذي لا عائلة له عائلة بديلة توفر له الدفء والرعاية وتحميه من التشرد والضياع، وأما بالنسبة للكفالة فلها مخلفات سلبية خاصة عندما يعلم المكفول أنه لا ينتمي للعائلة الكافلة فيتعمق في داخله الشعور باليأس والإحباط وعدم الانتماء وهنا يمكن القول أن التبني أفضل من الكفالة لأنه يضمن حقوقا للمتبنى تعادل حقوق الطفل الشرعي".
وأما علي بورقعة فلاحظ أن "التبني حرام لأنه يكرس اختلاط الأنساب وقد يوقع في ارتكاب المحرمات كأن يتزوج الأخ أخته دون أن يعلم، وفي المقابل فإن الكفالة جائزة شرعا".
وأما طارق القيزاني فرأى أن "التبني محرم شرعا في حين أن الكفالة جائزة لذلك يجب تطبيق الشريعة الإسلامية حتى لا نقع في الخطإ".
وشاطره الرأي طارق ثابت حيث لاحظ أن "المشرع التونسي أجاز التبني في حين حرمته الشريعة ولذلك فأنا أرفض التبني وأميل إلى الكفالة".
وحول هذا الموضوع قالت السيدة منيرة "إذا نظرنا إلى المسألة من الناحية الأخلاقية فإن التبني عمل نبيل حيث يساعد على حماية الكثير من الأطفال من الضياع ويعمل على توفير الدفء العائلي لهم ولكن إذا ما طبقنا الشريعة الإسلامية فإن التبني حرام وهنا يكون اللجوء إلى الكفالة هو الحل الأنسب".
وأما منذر الشافعي فبين أن "مسألة التبني تستوجب توفر عدة شروط في المتبني منها عدم الإصابة بأي مرض وتوفير مسكن صحي بالإضافة إلى التمتع بسمعة أخلاقية مشهود بها وإذا توفر على هذه الشروط فلا مانع للتبني لا سيما وأن الإسلام يدعو إلى الرفق باليتامى والمساكين ولكن يجب أن يبقى اسم ولقب المتبنى معلومين كي لا تختلط الأنساب كما اقترح أن يتم إضافة شرط للتبني وهو إبلاغ المتبنى بحقيقة نسبه عندما يبلغ سنا معينة يحددها القانون".

مفتي الجمهورية:
"التبني فيه تزوير للحقائق وهو ممنوع في الشرع والكفالة جائزة ومرغوبة"

اتصلت "الصباح" بسماحة مفتي الجمهورية التونسية السيد عثمان بطيخ الذي تحدث عن موضوع الكفالة والتبني من منظور الشريعة الإسلامية وبين أن "التبني من عادات الجاهلية قبل مجيء الإسلام فكان الرجل منهم إذا لم يكن له نسل يعمد إلى ولد أو بنت من أقاربه أو عشيرته أو إلى طفل مجهول النسب أو من وقع في السبي وبيع في الأسواق، فينزله منزلة الابن أو البنت يمنحه اسمه ولقبه فبعد أن كان يقال فلان بن فلان يتغير اسمه إلى فلان بن المتبني فلان، ويأخذ بذلك حقوق وواجبات الابن الشرعي ومنها أن يرث كل منهما الآخر. ويحرم بذلك قرابته من الإرث الذي يستحقونه.
وقد تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا بن حارثة، وكان زيد قد وقع في السبي وبيع في مكة ثم وصل الى خديجة رضي الله عنها وأهدته الى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك قبل الإسلام وصار يدعى زيدا بن محمد، الى أن جاء الإسلام وأبطل التبني وجعل المتبنى دعيّا (جمعه أدعياء، والدعي مشتق من مادة الادعاء وهو زعم الزاعم الشيء حقا له من مال أو نسب أو غير ذلك سواء صدقا أو كذبا) في قوله تعالى من سورة الأحزاب " وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل" (الأحزاب4) أي إنكم تنسبون الأدعياء أبناء فتقولون للدعي هو ابن فلان (الذي تبناه) وتجعلون له جميع ما للأبناء. والله تعالى لم يجعل الدعي ابنا لمن ادعاه للعلم بأنه ليس أبا له، وبذلك نزل القرآن الكريم بإبطال التبني وإبطال ما يترتب عنه من آثار كالبنوة والميراث.
ثم قال تعالى "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" (الأحزاب 5). والإبطال للتبني هنا صريح وقطعي بنص واضح لا يحتمل التأويل ولا الاجتهاد، والأمر في قوله عز وجل "ادعوهم" للإيجاب وبذلك تنقطع رابطة النسب المزعومة بين المتبني (بكسر النون) والمتبنى (بفتح النون) مع الدعوة الى إرجاع المتبني الى نسبه الحقيقي بما في ذلك اسمه ولقبه الأصليان.
ومعنى قوله تعالى "هو أقسط عند الله" أي هذا الحكم في الإبطال هو العدل الكامل، وغيره أي التبني ادعاء كاذب فيه ظلم وجور لما فيه من إضاعة الأنساب واختلاطها.
وقوله تعالى بعد ذلك "فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" حتى لا يقع التساهل وتبني مجهولي النسب، فكانت الآية تشريعا قاطعا جامعا مانعا لكل الحالات والصور التي يمكن أن تكون منفذا الى التبني، وجعل لمجهولي النسب رعاية وعناية بأنهم إخوة لنا في الدين أو موال. وفي ذلك توسعة من ناحية التشريع بإيجاد الحلول المناسبة التي تكفل لهم حياة طبيعية وعادية تحقيقا لمصلحة هؤلاء بما يراه ولاة الأمور وواضعو القوانين مما يدخل ضمن المصلحة المرسلة وهو باب عظيم من أبواب التشريع كمثل اللقب الافتراضي أو لقب الأم الى غير ذلك من الحلول التي تدخل ضمن هذا الباب. وبذلك لم يضيّع الإسلام حق أي بشر في الحياة الكريمة من غير التبني.
أما الكفالة فهي عمل إنساني وأخلاقي وديني حرض عليه الشرع الكريم قال تعالى "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" (التوبة 71)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" (أخرجه البخاري وأحمد والترمذي). والكفالة هي أن تعمد الى يتيم أو فقير من أبناء المسلمين أو من عائلتك فتؤويه وتتكفل بتربيته ورعايته وتعليمه كأنه أحد أولادك، وإن كان لك أبناء وفي ميسورك القيام بذلك فلك أجر الجنة وأنت قرير العين من غير أن تسلب ذلك الطفل حقه في النسب أو أن تحرمه عائلته.

"التبني ممنوع في الشرع والكفالة جائزة"

"وعن الآثار المنجرة عن التبني أو الكفالة، فالتبني فيه تزوير للحقائق وهي تشبه عملية بيع وشراء لبشر والتصرف فيه كبضاعة دون إرادته وقد خلقه الله حرا فإذا به يجد نفسه في نسب غير نسبه وعائلة غير عائلته محروما من عطف أبويه، وفيه اعتداء على حقوق الوارثين إذ يدخل عليهم من ليس منهم وهو ظلم آخر، والميراث فريضة شرعية مقدرة بنص القرآن.
أضف الى ذلك خطورة اختلاط الأنساب، فقد يتزوج الابن المتبنى إحدى محارمه وهو لا يعلم ذلك، وقد تضعه الأقدار أمام هذا المأزق دون أن يدري وإثم ذلك كله على المتبني.
الى جانب كل ذلك قد يسيء أفراد العائلة المتبنية معاملة الطفل المتبنى وقد يتربصون به أول مناسبة ليذيعوا السر أمامه خاصة بعد وفاة المتبني مما يسبب له بلا شك صدمة كبيرة تقلب حياته الى شقاء وعذاب نفسي وقد ينقم على الكل، وربما صرف جهده للبحث عن عائلته الأولى حتى يجد راحته النفسية. وشرعا يحق له أن يتوجه الى القضاء للمطالبة بإبطال عقد التبني وهو حق تكفله كل التشريعات السماوية والأرضية والقوانين والاتفاقيات الدولية".
"أما الكفالة فهي عقد يلتزم فيه الكفيل برعاية وحماية المكفول دون المساس بحقوقه الشرعية ومنها نسبه وأن يوصي له في حدود الثلث من الميراث، ويضمن له حياة مستقرة وتعليما وتربية وتنشئة حسنة وأن لا يحرمه من عائلته، فتقوى العلاقة بينهما ولا تنفصم بعد موت الكفيل بقطيعة مع الثواب الجزيل من الله والذكر الحسن والله يضاعف الأجر لمن يشاء".
ويضيف سماحة مفتي الجمهورية أن "التبني ممنوع ومحرم بالشرع، أما الكفالة فجائزة ومندوب إليها ومرغب فيها شرعا".
وحول الحقوق التي يضمنها الشرع لكل من المتبني والمكفول فقد سبق بسطها كحفظ النسب واتصال علاقة المكفول بأبويه وعند التعذر لجهل بالنسب فهو في عناية المجتمع وكفالته، ومجهول النسب أخ لنا في الدين له ما لنا وعليه ما علينا من الحقوق والواجبات، ومنها جواز إسناده لقبا افتراضيا حتى لا يبقى بلا لقب مع إمكانية تطوير القوانين والاجتهاد فيها بشكل لا يُلجأ إلى التبني.

"يجوز زواج المتبنى من ابنة المتبني والمكفول من ابنة الكافل"

"وأما في ما يتعلق بمسألة إمكانية زواج المتبنى من ابنة المتبني أو زواج المكفول من ابنة الكافل فإنه ما لم تكن هناك علاقة أبوية بين المتبني والمتبنى أو الكافل والمكفول فيجوز للمتبنى أن يتزوج من ابنة المتبني لأنها ليست أختا من النسب وذلك بشرط فسخ عقد التبني حتى لا يقع التباس وبلبلة في العائلة والمجتمع. وكذلك العكس يجوز للمتبني أن يتزوج من ابنة المتبنى أو من البنت التي تبناها وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها وكانت قبلها متزوجة بزيد بن حارثة قال تعالى "وما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" (الأحزاب40)، وأيضا بشرط أن لا يكون بينهما محرم سابق لمن تبنى من أقاربه كابنة الأخ أو الأخت، ومن باب أولى مثل ذلك بالنسبة للكفالة".

التبني والكفالة حسب المشرع التونسي

نظم المشرع التونسي مسألة التبني والكفالة ووضع لهما قانونا واضحا وضمنه شروطا معينة وقد التقت "الصباح" بمصدر قضائي أفادنا حول هذا الموضوع "أن القانون عدد 27 لسنة 1958 المؤرخ في 4 مارس 1958 هو القانون المنظم للتبني وأنه يمكن تقديم مطلب التبني إلى كل محكمة ناحية بقطع النظر عن مكان المتبني ومقر الطالب".
وأضاف أن هناك شروطا للتبني أولها أن يكون المتبنى قاصرا وأن يكون طالب التبني رشيدا ذكرا أو أنثى ومتزوجا (يمكن للحاكم إعفاء طالب التبني الذي فقد زوجته بالموت أو بالطلاق من شرط الزواج إذا اقتضت مصلحة الطفل ذلك) كأن يكون أيضا متمتعا بحقوقه المدنية وذا أخلاق حميدة وأن يكون سليم العقل والجسم وقادرا على القيام بشؤون المتبنى، ومن الشروط أيضا أن يكون الفارق بين عمر المتبني وعمر المتبنى 15 عاما على الأقل (عدا الصورة التي يكون فيها الطفل المتبنى ابن زوج طالب التبني).. وأن يصادق زوج طالب التبني على الطلب".

ما هي أنواع قضايا التبني

كما أفادنا نفس المصدر القضائي أن "هناك نوعين في قضايا التبني، أولا طلب مباشر وهي الصورة التي يكون فيها الطفل المتبنى معلوم الأبوين، وهناك طلب غير مباشر وهي الصورة التي يكون فيها الطفل المتبنى مجهول الأبوين".
مضيفا أنه "في ما يتعلق بإجراءات التبني هناك وثائق يجب تقديمها، أولها مطلب عادي باسم قاضي الناحية ومضمون ولادة طالب التبني وقرينه إن اقتضى الأمر ذلك ومضمون ولادة الطفل المتبنى وشهادة تفيد تخلي الأم الطبيعية (في صورة التبني غير المباشر) أو ما يفيد تنازل الأبوين الشرعيين (في صورة التبني المباشر) بالإضافة إلى وثيقة في دخل طالب التبني وبطاقة السوابق العدلية وشهادة طبية لطالب التبني وقرينه إن اقتضى الأمر".

ما هي الإجراءات المتبعة

وبالنسبة للإجراءات المتبعة فإنه "يحال الملف وجوبا على النيابة العمومية لإبداء الرأي وتعقد جلسة بمكتب قاضي الناحية بحضور طالب التبني وزوجه أو عند الاقتضاء بحضور والدي المتبنى أو من يمثل المعهد الوطني لحماية الطفولة ويتولى قاضي الناحية التحقق من توفر الشروط القانونية وله أن يأذن بإجراء بحث اجتماعي".
ما هي آثار حكم التبني
وأفادنا نفس المصدر القضائي أن "الطفل المتبنى يحمل لقب المتبني ويجوز طلب تغيير اسم المتبنى، ويتمتع المتبنى بنفس الحقوق التي يتمتع بها الابن الشرعي وعليه ما عليه من الواجبات وللمتبني إزاء المتبنى نفس الحقوق والواجبات التي يقرها القانون للأبوين الشرعيين وتبقى موانع الزواج قائمة إذا كان أقارب الطفل المتبنى معروفين".

حكم التبني نهائي الدرجة

"إذا أخل المتبني بواجباته تجاه المتبنى يمكن للمحكمة الابتدائية بطلب من وكيل الجمهورية أن تحكم بنزع حضانته وإسنادها إلى شخص آخر حسبما تقتضيه مصلحة المتبنى".

الكفالة

وأما بالنسبة إلى لكفالة فأفادنا أنها "العقد الذي يقوم بمقتضاه شخص رشيد يتمتع بحقوقه المدنية ويبرم عقد الكفالة لدى عدلين بين الكافل من جهة وبين أبوي المكفول أو أحدهما إذا كان الآخر ميتا أو مجهولا أو عند الاقتضاء الولي العمومي أو من يمثله من جهة أخرى، ويصادق حاكم الناحية على عقد الكفالة ويكون للكافل والمكفول الحقوق والواجبات المنصوص عليها بالفصل 54 وما بعده من مجلة الأحوال الشخصية والكافل علاوة على ذلك فهو مسؤول مدنيا على أعمال مكفوله مثل أبويه ويحتفظ المكفول بجميع حقوقه الناتجة عن نسبه وبالأخص لقبه وحقوقه في الإرث، وتنتهي الكفالة عند بلوغ المكفول سن الرشد ويمكن للمحكمة الابتدائية بطلب من الكافل أو من أولياء المكفول أو من النيابة العمومية فسخ عقد الكفالة حسبما تقتضيه مصلحة الطفل".
كما التقت "الصباح" بالمحامي نوفل قنون فبين لنا أن "المشرع التونسي عرف الكفالة صلب قانون 4 مارس 1958 المتعلق بالولاية العمومية والكفالة والتبني وحدد صلب الفصل الثالث من القانون مفهوم الكفالة بأنها العقد الذي يقوم بمقتضاه شخص رشيد يتمتع بحقوقه المدنية أو هيئة بكفالة طفل قاصر.. ويبرم عقد الكفالة لدى عدلين بين الكافل من جهة وبين أبوي المكفول أو أحدهما إذا كان الآخر ميتا أو مجهولا أو عند الاقتضاء الولي العمومي أو من يمثله من جهة أخرى وتتم المصادقة على عقد الكفالة من طرف حاكم الناحية ويكون للكافل والمكفول نفس الحقوق والواجبات المنصوص عليها بالفصل 54 وما بعده من مجلة الأحوال الشخصية وهو علاوة على ذلك مسؤول مدنيا على أعمال مكفوله مثل أبويه، وتنتهي الكفالة عند بلوغ المكفول سن الرشد طبقا للفصل السابع من قانون 4 مارس 1958 ويمكن للمحكمة الابتدائية بطلب من الكافل أو من أولياء المكفول أو من النيابة العمومية فسخ عقد الكفالة حسبما تقتضيه مصلحة الطفل".
"وأما التبني فقد نظمه المشرع التونسي صلب قانون 4 مارس 1958 وحدد الفصل 13 من قانون 4 مارس 1958 عقد التبني ونص على ما يلي "يتم عقد التبني بحكم يصدره حاكم الناحية بمكتبه بحضور المتبني وزوجه أو عند الاقتضاء بحضور والدي المتبنى أو من يمثل السلطة الإدارية المتعهدة بالولاية العمومية على الطفل الكفيل ويصدر حاكم الناحية حكمه بالتبني بعد التحقق من توفر الشروط القانونية ومن مصادقة الحاضرين وحكمه هذا يكون نهائيا".

الكفالة والتبني من منظور علم الاجتماع

التبني هو اتخاذ ولد أو بنت الآخرين بمنزلة الابن أو الابنة إما بسبب العقم أو اليأس من الإنجاب أو بسبب عوامل أخرى كالرغبة في رعاية ولد لقيط أو مفقود أو مجهول النسب أو لا عائلة له ولا كافل فيتبناه حفاظا عليه من الضياع والتشرد أو الموت ولكن لا مسألة التبني أو الكفالة تخلو من انعكاسات على الفرد والمجتمع.
وحول هذا الموضوع أفادنا الأستاذ بلعيد أولاد عبد الله المختص في علم الاجتماع "أن الكفالة تأخذ شكلا وقتيا حيث يمكن للكافل أن يعدل عن قرار الكفالة وكذلك الشأن بالنسبة للمؤسسة الاجتماعية التي ترعى الطفل المكفول فبإمكانها التراجع إذا ما لاحظت وأن المكفول يعاني أو غير مرتاح في حياته مع العائلة الكفيلة كما يمكن أن تنتهي الكفالة حين يبلغ المكفول سن الرشد".
ولاحظ الأستاذ أولاد عبد الله أن التبني لا يكون إلا بحكم بات من المحكمة ويصعب التراجع فيه مضيفا أن التبني يتضمن امتيازات حيث يأخذ الطفل المتبنى صفة الطفل الطبيعي.
وأضاف الأستاذ بلعيد "إن هناك إشكالا بالنسبة لمسألة التبني يكمن في أن الهوية والثقافة الإسلامية ترفضان التبني.. وهناك فرق على مستوى تطبيق الشريعة الإسلامية وتطبيق القانون، وللإشارة فإن المجتمع ذهب إلى أبعد من ذلك حيث لم تعد الكفالة تقتصر على كفالة الأطفال وإنما تعدتها لكفالة المسنين وفاقدي السند العائلي".
ويضيف الأستاذ بلعيد "للتبني والكفالة مخلفات اجتماعية ونفسية ذلك أن الطفل الذي تقع كفالته أو تبنيه هو عادة طفل لم يذق طعم الاستقرار ولا الأمان وغالبا ما يدفع خطيئة أبويه عندما يولد خارج إطار الزواج وفي أحيان أخرى يدفع ثمن ظروف اجتماعية قاسية كالفقر أو عند وفاة الأبوين أو أحدهما فيجد الطفل نفسه بلا رعاية وبلا مأوى وتبنيه أو كفالته من طرف إحدى العائلات تعد فرصة تتاح له كي يشق طريقه في الحياة وتكون له أسرة بديلة، ولكن للتبني مخلفات نفسية خاصة عندما يكبر الطفل ويعلم أنه ليس ابن تلك العائلة وقد سجلنا عدة حالات هروب من المنزل.. لذلك يجب توفير مختصين لتأطير الطفل المتبنى، وبالنسبة للكفالة فإن تأثيرها يكون أقل حدّة على المكفول لأنه عادة ما يكون على علم مسبق أنه لا ينتمي بيولوجيا إلى تلك العائلة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.