"كنوز" هو عنوان المعزوفة الموسيقية الجديدة التي أثرى بها المايسترو أنيس القليبي مؤخرا الساحة الموسيقية في تونس وهي معزوفته رقم 13حيث سبق أن لحن "جذور" و"انصهار" و"تونس الخضراء" و"ذكريات قرطبة" و"سحر الكمنجة" و"تاج محل "و"العصفور العاشق "و"المسار" التي أعدها وفاء واقتفاء لابن خلدون. هذه المعزوفات وغيرها أكدت تألق الفنان وجعلت نجوميته بلا حدود خاصة إذا ما أضفنا لها أنه يتقن إلى جانب الكمنجة العزف على الرباب الذي تعلمه مباشرة من المعلم التونسي الدكتور أبو الإحسان الفرزة الذي كان يزوره في بيته واخذ عنه تقنيات العزف على آلة الربابة لكنه لم يكتف بما تلقاه وحاول مزيد التعمق في خفايا هذه الآلة وتنقل من أجل ذلك بين تونس والجزائر وليبيا والمغرب العربي للبحث في هذا المجال ووجد أن جميع البلدان كانت تمتلك آلة وترية مجرورة بالقوس قديماً. ومعزوفة "كنوز" التي قدمها أنيس القليبي ليلة رأس السنة الإدارية بالتلفزة التونسية مستوحاة من الموسيقى الصوفية لنمط العوامرية المنتشرة بالساحل التونسي وبالتحديد في منطقة سيدي عامر وقد بحث وغاص فيها على مدى سنتين وتنقل مع حضرة سيدي عامر خلال عروضها في عدد من المدن الساحلية التونسية وتعرف على أعضائها ليفهمها ويخبر أدق خصوصياتها وهكذا وبالمثابرة عمل على " تنويط " تلك الموسيقى الصعبة واستخرج منها موسيقى جديدة سماها "كنوز" اعترافا منه بان كل جهات الجمهورية لها أنماط موسيقية جميلة تعبر بها على ما يختلج في النفس وقد ساعده في ذلك اهتمامه بعلوم التراث والتاريخ التونسي وهو المجال الذي اختاره كموضوع للدكتوراه. وتجدر الإشارة إلى أن أنيس القليبي أستاذ جامعي بالمعهد العالي للموسيقى بتونس وبالمعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بتونس وبالمعهد الوطني للموسيقى بتونس وقد عزف مع الفرقة الوطنية للموسيقى والاوركسترا السمفوني التونسي وفرق مدينة تونس وزخارف عربية ومع فرقة البحر الأبيض المتوسط ومؤخرا أعاد التجربة مع المعهد الرشيدي حيث شارك في الحفل الشهري كضيف شرف بعزف منفرد على آلة الكمنجة لمعزوفته "جذور" تحت قيادة الأستاذ فتحي زغندة. بدأ أنيس القليبي وهو يتحدث ل"الصباح" عن معزوفة "كنوز" هذه على خلاف عادته وهو المعروف بتفاؤله الدائم بالمستقبل وثقته في أن التفاني في العمل والمجهود المضني لا بد له ان يكلل بالنجاح قلقا بسبب ما آلت إليه الأوضاع التعليمية والاقتصادية في تونس وما تشهده من اعتصامات وإضرابات تضر بالجميع أكثر مما تنفع وتنغص فرحة التونسيين بالثورة ولكنه في نفس الوقت أكد انه متفائل بالمستقبل ورأى انه كغيره مطالب بالعمل لان العمل هو الضامن للاستقرار لان تونس اليوم تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى عمل أولادها لذا ينكب حاليا على إكمال فصول الدكتوراه عن "علوم التراث" لأنه مقتنع بأنه من العسير عليه ان يحصل على الدعم المطلوب لإصدار قرص مضغوط يشتمل على معزوفاته وقد وصلت إلى13. ويواصل أنيس العمل في مهنة تدريس الأجيال ومزيد البحث من أجل إبداع موسيقى وتلحين معزوفات تليق بالمستوى الذي وصل له والذي أشع به باسم تونس في كل من مصر واسبانيا والأردن وبلجيكا والكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة وعدد من بلدان آسيا.. وتمنى في نهاية هذا الحديث أن يولي وزير الثقافة الجديد الفن التونسي وخاصة الموسيقى الأهمية التي تجعل المبدع التونسي يبدع وهو مؤمن بأنه سيجد حقه كاملا والحظوة التي يستحقها داخل تونس وخارجها.