"عن أية تعويضات يتحدث القضاة، وعن أية دفاتر للعلاج المجاني والتنقل ودخول المسارح والمهرجانات تتحدث الحكومة المؤقتة.. ودماء الشهداء لم تجف بعد.. إننا نقول لهؤلاء بصوت واحد.. إنكم يا سادة أخطأتم العنوان.. لأن ما نريده نحن وقبل أي شيء هو محاسبة من قتلوا أبناءنا".. هذا أبرز ما ردده جميع آباء وأمهات شهداء ثورة 17 ديسمبر 2010 المشاركين في لقاء انتظم أمس بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالعاصمة ببادرة من جمعية "الأمانة" وجمعية "لن ننساكم" وبحضور مجموعة ال25 وعدد من الحقوقيين والإعلاميين. تحدث والد الشهيد محمد المنصري عن المأساة التي يعيشها هو وعائلته منذ رحيل نجله، ذلك الشاب الذي قدّم حياته فداء للوطن حتى ينعم التونسيون بالحرية.. قال المنصري: "إننا لا نقدر اليوم حتى على الابتسامة في هذه المناسبة السعيدة التي يحيي فيها التونسيون عيد الشهداء.. فكيف نسعد والإحساس بأن هناك من يريد أن يلتف على الحقيقة يتضاعف من يوم إلى آخر.. فكل المؤشرات تقول إن هناك توجه نحو تعويض أهالي الشهداء ماديا دون محاسبة المجرمين.. ولكننا لن نتنازل عن المحاسبة". وفي نفس السياق قالت منيرة العرفاوي أم الشهيد محمد أمين الوسلاتي من الجيارة بسيدي حسين السيجومي إن ابنها استشهد خلال الثورة وهو في سن السادسة عشر من عمره، وأضافت: "إننا أهالي الشهداء نجتمع اليوم لنقول للحكومة ولكل من تسول له نفسه التلاعب بحقوقنا إننا نريد محاسبة من قتلوا أبناءنا ومحاكمتهم محاكمة عادلة فجلنا يعرفون القتلة ومتأكدون ممن أطلقوا الرصاص على الشهداء ويرغبون في الإسراع في المحاسبة". وقال والد الشهيد عادل الحناشي : "لقد غيرت اسم النهج الذي سقط فيه ابني شهيدا.. وسميته باسمه وشيدت فيه نافورة وزرعته ليكون على الدوام مزهرا لكنني لا أستطيع أن أنسى ولن يهدأ بالي قبل كشف الحقيقة والمحاسبة".. وفي نفس الإطار أضافت بشرة الحناشي والدة الشهيد عادل أنها لن تسامح ولن تقبل أي تعويض قبل أن تقع محاسبة قاتل ابنها.. وقالت إن المال لن يعوض بسمة واحدة من بسمات ابنها التي كانت تبهج حياتها وتجعل لها طعما جميلا. وتحدثت عربية الجبالي والدة الشهيد حسان السافي بنبرة حزينة عن ابنها الذي توفي في سجن المنستير وقالت إنها لما ألحت في المطالبة بحق ابنها وبحقها في معرفة حقيقة ما حدث له داخل السجن وحينما قالت إنها تمتلك قرصا ليزريا يصور الكثير من الحقائق تعرضت للتهديد وتم الاعتداء عليها جسديا.. واستنكرت عربية أن لا يقع اعتبار من وافتهم المنية في سجن المنستير شهداء وطالبت بمحاسبة المتسببين في قتلهم. وأكدت أن المال لا يعوض أهالي الشهداء عن فلذات أكبادهم. واعتبرت والدة الشهيد حسن العرفاوي أن الحديث عن تعويضات قبل المحاسبة حديث مردود على أصحابه وبينت أن ابنها استشهد لما كان في مسيرة سليمة ومنذ ذلك التاريخ وهي تتألم إلى اليوم ومطلبها الوحيد هو القصاص ومحاسبة قاتل نجلها. واعتبر محامون من مجموعة 25 أن نزوع القضاء العسكري إلى الرغبة في تعويض أهالي الشهداء قبل المحاسبة، أمر أثار غضب أهالي الشهداء، لأن مطلبهم الأساسي هو المحاسبة قبل المصالحة.