اكد جميع الأطراف السياسية منذ أشهر - وقت طرح موضوع مجلة الأحوال الشخصية للدرس والنقاش - على ضرورة الحفاظ على ما جاء في المجلة باعتبارها مكسبا وطنيا واجتهادا «إسلاميا» شارك في وضع نسختها الأصلية الشيخ عبد العزيز جعيط، لكن أعربت بعض القيادات عن أهمية تعديل فصلين فيها وهما مبدأ التبني ومبدأ تعدد الزوجات والذي لا يمس بحقوق المرأة في شيء ولا يفرض تعدّد الزوجات ولكن لا يمنعها في الآن نفسه. وقد استند البعض في أن موقفهم من التبني لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية ويمكن أن يتم تعويضه بالكفالة. لكن وفي حال طالب أصحاب هذا الرأي بتعديل قانون التبنّي أو إلغائه تماما فأي مصير للمنتفعين به وعددهم هام؟ تقول حفيظة شقير؛ الاستاذة في القانون الدستوري؛ :» بداية لا بدّ من التأكيد على ان الحقوق مكتسبة في القانون. أما عند الحديث عن الدعوة الى تغيير او تعديل او إلغاء قانون التبني فذلك تمهيد من الداعين إليه الى فتح الباب أمام تعدّد الزوجات. وبخصوص الأفراد المتمتعين او المنتفعين والعاملين بهذا القانون فان إلغاءه لا يعني بالضرورة فقدانه لحقوقه التي هي في الأصل مكتسبة مهما غير او ألغي القانون فهي مضمونة و تغيير القانون لا يعني تغيير نظرية الحقوق المكتسبة.» رأي الشرع يؤكد الدكتور كمال عمران (استاذ الحضارة العربية وإمام خطيب ) ل»الأسبوعي» إن التبني غير جائز شرعا، داعيا الى اعتماد الكفالة في التعاطي مع الأطفال مجهولي النسب. بدوره شدّد الشيخ عثمان بطيخ مفتي الجمهورية في أكثر من وسيلة إعلامية ومداخلة إذاعية على أنّ التبني بما يمنحه من حقوق للمتبنّى وتمتع هذا الأخير بكل حقوق الابن الشرعي حرام ومُخالف للشرع الإسلامي وللنص القرآني. مشيرا الى أنّ صيغة الكفالة هي الأنسب لرعاية الأطفال. كما دعا الى ضرورة تنقيح القانون المنظّم للتبني. بين التبني والكفالة ينص القانون عدد 27 لسنة 1958 المؤرخ في 4 مارس 1958 وهو القانون المنظم للتبني أنه يمكن تقديم مطلب التبني إلى كل محكمة ناحية بقطع النظر عن مكان المتبني ومقر الطالب». أما عن شروط التبني فان أولها أن يكون المتبنّى قاصرا وأن يكون طالب التبنّي رشيدا ذكرا أو أنثى ومتزوجا (يمكن للحاكم إعفاء طالب التبني الذي فقد زوجته بالموت أو بالطلاق من شرط الزواج إذا اقتضت مصلحة الطفل ذلك) كأن يكون أيضا متمتعا بحقوقه المدنية وذا أخلاق حميدة وأن يكون سليم العقل والجسم وقادرا على القيام بشؤون المتبنى، ومن الشروط أيضا أن يكون الفارق بين عمر المتبني وعمر المتبنى 15 عاما على الأقل (عدا الصورة التي يكون فيها الطفل المتبنى ابن زوج طالب التبنّي).. وأن يصادق زوج طالب التبني على الطلب. حقوق وواجبات وفي شأن الحقوق والواجبات المترتّبة عن كلا النظامين بالنسبة إلى الأطراف المعنية، فقد أوضح الفصل 5 من قانون 4 مارس 1958 أنّه «يكون للكفيل وللمكفول نفس الحقوق والواجبات المنصوص عليها بالفصل 54 وما بعده من مجلة الأحوال الشخصية». والمكفول علاوة على ذلك مسؤول مدنيا على أعمال مكفوله مثل أبويه»، و»يحتفظ المكفول بجميع حقوقه الناتجة عن نسبه وبالأخص لقبه وحقوقه في الإرث» (حسب الفصل 6 من ذات القانون). أمّا بالنسبة إلى الآثار، فإنّ الكفالة لا تحدث إلاّ نظام رعاية أدبية ومادية لفائدة الطفل، في حين يؤثّر التبنّي على النسب بإحداث نسب اعتباري هو النسب بالتبنّي، حيث اقتضى الفصل 14 من قانون 4 مارس 1958 أن «يحمل المتبنّى لقب المتبنّي ويجوز أن يبدل اسمه.و ينص على ذلك بحكم التبنّي بطلب من المتبنّي». وأضاف الفصل 15 من نفس القانون صراحة أنّه «للمتبنّى نفس الحقوق التي للابن الشرعي وعليه ما عليه من الواجبات وللمتبني إزاء المتبنى نفس الحقوق التي يقرها القانون للأبوين الشرعيين وعليه ما يفرضه من الواجبات عليهما. إلاّ أنّه في الصورة التي يكون فيها أقارب المتبنى معروفين تبقى موانع الزواج المنصوص عليها بالفصول 14- 15- 16-17 من مجلة الأحوال الشخصية قائمة».