مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    حالة الطقس يوم الخميس 2 ماي 2024    مدرب بيارن : أهدرنا الفوز والريال «عَاقبنا»    أخبار الاتحاد المنستيري...رهان على «الدربي» وفريق كرة السلة يرفع التحدي    صفاقس...حالة استنفار بسبب سقوط جزء من عمارة بقلب المدينة ... غلق الشارع الرئيسي... وإخلاء «أكشاك» في انتظار التعويضات!    في خطإ على الوطنية الأولى: دكتور وكاتب يتحول إلى خبير اقتصادي    في أقل من أسبوع.. أعاصير مدمرة وفيضانات اجتاحت هذه الدول    وفاة الفنانة الجزائرية حسنة البشارية    بنزرت ..أسفر عن وفاة امرأة ... حادث اصطدام بين 3سيارات بالطريق السيارة    سعيد يعود احد مصابي وعائلة احد ضحايا حادثة انفجار ميناء رادس ويسند لهما الصنف الأول من وسام الشغل    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    اتفاقية تمويل    غدا الخميس: وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي يوقعان اتفاقا ينهي توتر العلاقة بينهما..    وزارة السياحة تقرّر احداث فريق عمل مشترك لمعاينة اسطول النقل السياحي    المؤتمر الإفريقي الأول حول "آفاق تنمية الدواجن بإفريقيا" على هامش الدورة 20 للصالون المتوسطي للتغذية الحيوانية وتربية الماشية    المجلس الوطني للجهات والاقاليم ...لجنة صياغة النظام الداخلي تنطلق الخميس في النظر في الاحكام العامة والعضوية والحصانة (الناطق باسم اللجنة)    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    عيد العمال العالمي: تجمع نقابي لاتحاد عمال تونس وسط استمرار احتجاج الباعة المتجولين    عيد العمال العالمي: تدشين المقر التاريخي للمنظمة الشغيلة بعد أشغال ترميم دامت ثلاث سنوات    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه من اجل الانتماء الى تنظيم ارهابي    تونس تعرب عن أسفها العميق لعدم قبول عضوية فلسطين في المنظمة الأممية    الاحتفاظ بتلميذ تهجم على استاذته بكرسي في احد معاهد جبل جلود    القصرين: وفاة معتمد القصرين الشمالية عصام خذر متأثرا بإصاباته البليغة على اثر تعرضه لحادث مرور الشهر الفارط    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    ندوات ومعارض وبرامج تنشيطية حول الموروث التراثي الغزير بولاية بنزرت    بعد تتويجه بعديد الجوائز العالمية : الفيلم السوداني "وداعا جوليا " في القاعات التونسية    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    الفنانة درصاف الحمداني تطلق أغنيتها الجديدة "طمني عليك"    تفاصيل الاطاحة بمروجي مخدرات..    هام/ إصدار 42 ملحقا تعديليا من جملة 54 ملحقا لاتفاقيات مشتركة قطاعية للزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص    التشكيلة الاساسية للنادي الصفاقسي والترجي التونسي    تحذير من برمجية ''خبيثة'' تستهدف الحسابات المصرفية لمستخدمي هواتف ''أندرويد''..#خبر_عاجل    هام/ وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية دعما لتلاميذ البكالوريا..    وزارة التجارة: لن نُورّد أضاحي العيد هذه السنة    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    الطبوبي في غرة ماي 2024 : عيد العمّال هذه السنة جاء مضرّجا بدماء آلاف الفلسطينين    سامي الطاهري يُجدد المطالبة بضرورة تجريم التطبيع    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    اليوم.. تونس تحتفل بعيد الشغل    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    غدا.. الدخول مجاني الى المتاحف والمواقع الاثرية    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هناك نية للهيمنة على القضاء بالترغيب والترهيب.. وهذه سياسة قديمة لم تتغير
رئيسة جمعية القضاة التونسيين ل"الصباح":
نشر في الصباح يوم 21 - 12 - 2012

كل الصلاحيات من ترقيات ونقل وتأديب أصبحت بيد وزير العدل وهذا يجعلنا في وضعية خطيرة جدا - أجرى الحديث: رفيق بن عبد الله - أكدت السيدة كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة التونسيين أن وضع القضاء التونسي في تونس بعد سنتين من الثورة لم يتغير وظل على حاله، مشيرة إلى وجود إرادة سياسية لإبقاء القضاء على حاله دون ادخال تغييرات حقيقية عليه على المستويين التشريعي أو الواقعي..
وقالت في حديث خصت به"الصباح" أن هناك إرادة سياسية في إبقاء الوضع على حاله وترك يد وزير العدل مفتوحة ومطلقة ليقوم بما يريده في القضاء.. منتقدة المجلس التأسيسي لعدم تحمسه لإصلاح القضاء ولإحداث الهيئة المستقلة للقضاء العدلي بسبب وجود ارادة سياسية داخل المجلس تحول دون ذلك.
وتطرقت كنو إلى الحديث عن أهمية الجلسة العامة للجمعية التي ستعقد الأحد المقبل بالحمامات التي اعتبرتها استثنائية في حجم المحاور التي ستناقشها، وانتقدت محاولة وزير العدل اصدار مجلة الأخلاقيات، واعتبرت إقصاء الجمعية من التكريم هو اقصاء له بعد سياسي وليس من قبيل السهو.. كما عبرت عن موقف الجمعية من قضية سامي الفهري، ومن مسار العدالة الانتقالية..
معلوم ان القاضية كلثوم كنو عانت طويلا، إلى جانب رفاقها من مكتب الجمعية الشرعي انذاك من تضييقات مورست عليها من قبل النظام السابق بسبب مواقفها ونشاطها صلب المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين، حيث شغلت كاتبة عامة للجمعية منذ سنة 2005 إلى حدود2011. وعلى خلفية مواقفها الصريحة المنادية باستقلال القضاء وحماية القاضي والمتقاضي تعرضت إلى كل أشكال الضغوطات والتدخلات من ذلك نقلتها تعسفيا بعيدا عن محل سكناها والخصم المتتالي من مرتبها والتجميد في الرتبة وإثقال كاهلها بالقضايا، مما عرضها للانهيار بأروقة المحكمة وحملات التفقد الدورية والمتعمدة والاعتداء اللفظي المصحوب بالتهديد..
في ما يلي نص الحديث:
*بداية كيف تقيم السيدة كلثوم كنو وضع القضاء التونسي اليوم بعد سنتين من ثورة الحرية والكرامة.؟ ماذا تحقق للقضاء وهل حصل تقدم في مسار استقلالية السلطة القضائية؟
- بالنسبة لتقييمي للقضاء وما حصل خلال سنتين، في حقيقة الأمر استقلالية القضاء معركة ليست مرتبطة بوقت قصير لأن استقلال القضاء مرتبطة بتوفر ضمانات من المفروض أن تتوفر في القوانين والدستور، وتتكرس على ارض الواقع، سواء في المجالين، التشريعي، أو في المجال الواقعي، في تونس القضاء لم يكن مستقلا لا على المستوى التشريعي ولا على المستوى الواقعي.
كان أملنا كبيرا بعد الثورة لنبدأ في إدخال الإصلاحات الجوهرية على القضاء سواء على المستوى المؤسساتي أو على مستوى الأفراد، بمعنى انه لا يمكن ان نبقى تحت ظل مجلس أعلى للقضاء الذي يكرس في تركيبته وصلاحياته التبعية للسلطة التنفيذية. كان أملنا ان يتم هذا التغيير لكن للأسف لم يحصل ذلك لا في الحكومة الأولى ولا في الحكومة الثانية ولا حتى في الحكومة الشرعية.
لم نرى لحد اليوم أية خطوة جريئة في اتجاه هذا الوضع المؤسساتي، الكل يعرف ان دستور 1959 تم تعليق العمل به وتم حل جميع المؤسسات الدستورية عدا المجالس العليا للقضاء على غرار المجلس الأعلى للقضاء الإداري، والمجلس الأعلى للقضاء العدلي الذين تم الابقاء عليهما وهذا أمر غير معقول.. هناك إرادة سياسية لإبقاء المسألة على حالها.
مع الإشارة إلى أن الأمر الوحيد الذي حصل بعد تركيز المجلس التأسيسي وفي اطار الدستور الصغير هو التنصيص على إحداث هيئة وقتية تحل محل القضاء العدلي، وكان من المفروض تركيز هذه الهيئة وأن تكون من أولويات المجلس التأسيسي.. لكن شيئا من ذلك لم يحصل. لا اعتقد أن الأمر يتعلق بمشاغل كبيرة للتأسيسي حالت دون أن يتمكن من تركيز الهيئة منذ بداية انتصابه، لكننا نعتبر ان عدم الشروع منذ البداية في مناقشة مشروع قانون الهيئة ناجم عن إرادة سياسية حتى من داخل الكتل في المجلس..
*من تقصدين.. الكتل المكونة للائتلاف الحكومي، أم كتل المعارضة؟
- في الحقيقية لن اقول لا من كتل الاتلاف الحكومي او كتل المعارضة.. نقول إرادة سياسية...
* تقصدين حين توقف النقاش في الفصل الأول من مشروع القانون بفعل التجاذب الذي حصل حول استقلالية الهيئة؟
- لا أنا أتحدث عن سبب عدم الشروع منذ الأول في مناقشة تركيز الهيئة، فالمسألة لم تطرح الا خلال شهر جويلية الماضي، أقصد لماذا انتظروا من ديسمبر حتى جويلية.. تقريبا كان موضوع الهيئة مجمدا.. لا يتحركون إلا بضغط من القضاة.. وهذا ما يدفعنا إلى القول بعدم وجود إرادة سياسية، لأنه لو توفرت إرادة سياسية لما لجأ القضاة للضغط، ولما تم مناقشة مشروع الهيئة بصفة تلقائية. لو كانوا مقتنعين فعلا انه لا بد من إحداث إصلاحات للقضاء لكانت المسألة أخذت توجها آخر.
ثانيا غياب هاته الإرادة..فالمرء يتسائل: لماذا غابت إرادة إحداث الهيئة، لماذا لم تسعى الحكومة إلى تفعيل الهيئة..؟ لأن من مصلحتها ان يكون القضاء في وضعه الحالي لأن كل حكومة في أي بلد من مصلحتها ان يكون القضاء تحت سيطرتها.. الحكومة تريد أن تبقي القضاء على حالته لتوظيفه ولاستعماله وهذا ليس بالأمر الغريب.. هذا واقع..
يعني ما نسمعه من خطب سواء من رئاسة الحكومة أو من وزير العدل أو مستشاريه من أن القضاء أصبح مستقلا هذا في الحقيقة كلام لا ينطلي على احد لأن القضاء لا يصبح بعصا سحرية مستقلا، لأن في البلدان المتقدمة والديمقراطيات العتيدة هناك لحد الآن معارك من اجل استقلال القضاء، يعني أن المسألة ليست مجرد شعار.
والدليل على ذلك هو حالة التململ والاحتقان التي يعيشها القضاة.. نحن نعرف عدم رضا الأغلبية الساحقة من القضاة.. فعلا، لا توجد حتى ضمانة حتى نمارس مهامنا بكل استقلالية لأن كل الصلاحيات من ترقيات ونقل وتأديب أصبحت بيد واحدة وهي يد وزير العدل وهذا يجعلنا في وضعية خطيرة جدا.
وهذا لا يختلف عن السابق، لأنه في السابق كان نفس الأمر يتم لكن تحت غطاء مجلس أعلى للقضاء لكن الآن أصبح الوضع أكثر فضاعة لأن حتى هذا الغطاء لم يعد له وجود فعلي..
المجلس الاعلى للقضاء والمصداقية
* وهل اجتمع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء فعلا ام لم يجتمعوا؟
- لننطلق من كلام الوزير نفسه الذي قال أن المجلس الأعلى للقضاء فاقد للمصداقية حين سئل عن سبب لجوئه لآلية الإعفاء الفعلي ل81 قاض ولم يلتجئ للمجلس التأديبي الذي هو جزء من للمجلس الأعلى للقضاء، قال إن هذا المجلس فاقد للمصداقية. وقد ورد هذا التصريح في جريدة "الوقائع" الصادرة يوم 11 جوان 2012، أي أنه يعترف بأن المجلس فاقد للمصادقة وبالتالي كان من المفروض عدم اللجوء إليه في أي مناسبة لكن حين قام بإعداد حركة قضائية كاملة تتعلق بترقيات وتسميات، واسناد خطط وظيفية للقضاة وكل ذلك من مشمولا مجلس القضاء بمفرده، ولا نعلم عن هاته الحركة كيف تمت ومن قام بها لأنه حتى في السابق في عهد بن علي كانت توجد هيئة مضيقة من داخل المجلس الأعلى للقضاء تعد الحركة بداية من شهر افريل. لكن في الوضعية الأخيرة لا نعلم من قام بالحركة..
* ألم تتعرفوا حتى على أسماء القضاة الذين حضروا عملية إعداد الحركة؟..
- لا نعرف أي احد.. البداية كانت متجهة للإعلان عن الحركة القضائية من خلال مذكرات عمل والدليل على ذلك أنه بداية من شهر اوت كان الوزير في كل مرة يقول أنه سيعلن قريبا عن الحركة أكثر من مرة لكن بالضغط الذي قامت به الجمعية التي بينت به بوسائل قانونية أن وزير العدل لا يحق له تسمية قضاة بمذكرات عمل او تسمية خطط وظيفية او ترقية قضاة بمذكرات عمل، وحين تصدينا لذلك أواخر أوت التجأ للمجلس واستدعاه في جلسة واحدة وهذا أمر غير معتاد لأنه لا بد ان تكون لذلك جلسة تمهيدية او جلسة ختامية وهذا لم يتم.
لقد تم استدعاء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في جلسة واحدة للنظر في ما سمي بحركة قضائية شملت 750 قاضيا في ساعتين ونصف.. هذا أمر فيه ضحك على الذقون، حتى إنسان بسيط لا يقتنع ان في ساعتين ونصف يمكن فتح 750 ملفا.. هذا ما يؤكد إرادتهم السياسية في إبقاء الوضع على حاله، وترك يد وزير العدل مفتوحة ومطلقة ليقوم بما يريده في القضاء وهذا ما نعيشه اليوم..
بصدق هذا الكلام ليس انا ما اقوله بل كل القضاة حتى لو وصف وزير العدل الحركة بالثورية لأنه تم ترقية أكثر من 400 قاض-وهذا ليس منة فالترقيات الآلية من مطالب القضاة منذ سنوات منذ التسعينات من أول ما تكونت جمعية القضاة- ليست بدعة حتى يظهر ما قام به الوزير عمل ثوري بل هو مسألة ذر رماد على العيون حتى يظهر انه قام بإصلاحات بالعكس ما لحظناه حتى على مستوى الأشخاص، الحركة القضائية تمت دون أي معيار ونحن نعرف بعضنا هناك العديد من القضاة يستحقون الترقية ولديهم أحقية في خطط لم تسند إليهم..
* وهل لهذا علاقة بالانتماء السياسي والحزبي؟
- أنا لا أتحدث عن الانتماء السياسي لأني اعتبر أن القضاة ليس لهم انتماء حزبي سياسي بل هي مجرد قناعات، ولكن استطيع القول أن عديد القضاة الذين خدموا النظام السابق نالوا ترقيات وتم تسميتهم في خطط هامة وحساسة ثم إلي إبقائهم في مناصبهم. وهذا هو الأمر الخطير ويجعل المواطن يسترجع ثقته في القضاة والقضاة أنفسهم يحسون أن هناك تغيير، وهنا أريد أن أرد على وزير العدل حتى حين يقول إن القضاة راضون أقول له هذا غير صحيح.. حتى في أوساط القضاة الذين حصلوا على ترقيات فرحتهم مبتورة لأنهم يقولون إن الحركة كان ينتظرون أن تأتي من هيئة وقتية، الأمر لا يتعلق بإرضاء لأشخاصنا بل إصلاح حقيقي.
من حقنا الحصول على حقوقنا المادية لكن ليس على حساب المؤسسة والإصلاح الشامل للقضاء وهنا أعتبر أن هناك نية على هيمنة على القضاء سواء بالترغيب او بالترهيب وهذه هي السياسة القديمة.. لم تتغير.
* ربما تبالغين، وماذا تسمين ما قام به وزير العدل حين أعفى عشرات القضاة من مناصبهم؟
- أنا أؤكد لك انه لم يتغير شيء..حتى حين يقال أن وزير العدل شرع في التطهير اقول له انك لم تشرع في التطهير، بل اتخذت إجراء في حق عدد من القضاة دون أن توفر لهم ضمانات للدفاع عن انفسهم، لا أتدخل في الأصل حتى لو كان لهم ملفات المفروض ان يكونوا مطلعين اطلاعا شافيا وضافيا على ما ينسب اليهم..حركة القضاة ليست في صالح القضاء بل في صالح الدعاية السياسية، بل قام بها الوزير ليبين للرأي العام انه قام بإصلاحات ولكن ليست هذه الإصلاحات التي طالب بها الشعب التونسي، لأننا كلنا نطالب باستقلال القضاء ومن يفهم وضع القضاة يعرفون أن الإصلاح يبدأ بالمؤسسات أي بإحداث إما مجلس أعلى للقضاء قوي وفاعل، او هيئة وقتية للقضاء..
بين الجمعية.. و"التأسيسي"
* وما هو مصير هي هذه الهيئة..هل هناك اتصالات مع المجلس التأسيسي لإعادة عرض مشروع إحداثها على الجلسة العامة؟
- نعم قمنا بعدة مراسلات، وآخر مكاتبة لرئيس المجلس التأسيسي قمنا بها منذ أسبوعين..وطالبنا بلقاء ولم يرد لحد الآن وهذا ما يؤكد أن المسألة ليست من اهتماماهم حتى ان عددا من النواب ورؤساء الكتل قالوا أن الهيئة ليس لها أهمية لأن الحركة القضائية قد تمت، المسألة اشمل لأن الهيئة لديها مهام أخرى غير الحركة القضائية، البعض يرى ان مهمة الهيئة فقط في الحركة وهذا ما يفسر أنهم لم يسعوا في السابق والدليل ان في برنامج الحكومة أسقطت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي خلافا لهيئات أخرى. المسألة لا تتعلق بالوقت أو مسألة انشغال المجلس بمهام أخرى بل مسألة تتعلق بالحكومة تريد او لا تريد.
* وفي ما يتعلق بالدستور الجديد .. هل انتم راضون عن ما ضمن في المسودة..؟
- بالنسبة لباب السلطة القضائية المضمن بالدستور تم الاستماع إلينا في مناسبتين وأريد أن أوضح ان الجمعية أول من بادر بإيداع مشروع الهيئة الوقتية بالمجلس التأسيسي ووضعنا تصورنا لباب السلطة القضائية مع شرح الأسباب.. الى جانب ذلك قمنا بعدة ندوات علمية وساهمنا في ندوات قامت بها منظمات حقوقية تعلقت بالقضاء..
*وهل يلبي ما كتب في المسودة انتظارات القضاة.؟
-هناك بعض الأشياء الايجابية وردت في المسودة.. انا اعتبر أن ما يوجد في المسودة يخيفنا لأنه، اولا من الناحية الشكلية باب السلطة القضائية جاء بعد الجماعات العمومية والمحلية، ربما هذا يعكس قيمة السلطة القضائية في الدستور.
أما من ناحية المضمون، لم يتم تضمين المعايير الدولية للقضاء، فعبارة "المعاير الدولية" غابت وهذه مسألة جوهرية. لماذا لم تضمن تلك العبارة؟ والحال أن في الدستور الصغير وفي الفصل 22 منه تضمن ذكرا للمعايير الدولية. هناك عدة مسائل تفصيلية حول تركيبة المجلس الأعلى للقضاء وصلاحيته..نعتبرها خطيرة ولا ترتقي الى طموحاتنا كقضاة..لا يوجد مبدأ لتكريس استقلالية النيابة العمومية..وان لم يحدث ذلك لن يكون الوضع مريحا للقضاء والمتقاضين..
جلسة غير عادية
* دعيتم إلى جلسة عامة يوم 23 ديسمبر.. يبدو انكم تراهنون على هذه الجلسة بالنظر على حجم المحاور المطروحة للنقاش؟
- الجلسة العامة هي عادية لأننا مطالبون بعقد جلسة عامة آخر شهر ديسمبر لكنها جلسة غير عادية في محتواها.. يمكن القول أن الجلسة ستكون لها خصوصية وجاءت في ظرف يعيش فيه القضاء حالة تململ كبيرة، والبلاد ايضا تعيش حالة تململ من خلال القضاء.
انا أتحدث عن رؤية المتقاضي للقضاء. وهذا ما يفسر جدول اعمال الجلسة، سنتداول في محاور تهم الوضع القضائي العام، وتأخر إحداث الهيئة الوقتية، عن القضاء الإداري والقضاء المالي، مثلا ما حصل في ملف تسريب وثيقة دائرة المحاسبات.. الجمعية عبرت عن موقفها من ذلك وطالبت بالتحقيق في الموضوع خاصة ان زملائنا في الدائرة المحاسبات مستاؤون مما يروج عن صورة الدائرة... دور الجمعية الدفاع عم المصالح المادية والمعنوية للقضاة.. كما سنتطرق للوضع المادي للقضاة وظروف العمل.. اضافة إلى مشروع مجلة الأخلاقيات القضائية التي عرضها وزير العدل علينا ورفضناها شكلا قبل ان نتطرق لها مضمونا.
* ولماذا رفضتموها..؟
- الجهة التي قامت بها جهة غير مختصة، ليس مسموحا لها ان تقوم بصياغة مدونة سلوك للقضاة لأن القضاة هم من يضعون صياغة مدونة سلوك للقضاة، لأنها تهمهم وهم من يضعون الحدود او المعايير وليست السلطة التنفيذية، فعندما تضع حدود او سلوكيات يعتبر ذلك مسّا مباشرا باستقلال القضاء. وهذا يعتبر حسب التجارب المقارنة من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء، أو الهياكل الممثلة للقضاة حسب بعض التجارب، لكن الأغلبية الساحقة توكل المهمة للمجلس الأعلى للقضاء. عرض وزير العدل مشروع المجلة نعتبرها عملية استباقية قبل أن إحداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، هو افتكاك مهام ليست من مهامه..
الأخطر ان المسألة توحي أن كل شيء وكأن الإصلاح هو في سلوك القاضي.. الإصلاح يبدأ بالمؤسسات.. هم يريدون التوضيح للرأي العام وكأن مسألة إصلاح القضاء تتعلق بالمسائل الأخلاقية، نعم هي هامة، لكنها ليست أهم من الإصلاح المؤسساتي وهذا ما نطالب به نحن في جمعية القضاة التونسيين.
* اتخذت الجمعية موقفا من بعض القضايا كانت محل جدل في الأوساط القضائية والسياسية..على غرار قضية سامي الفهري الذي دخل في اضراب جوع. برأيك كيف تقرئين هذا الملف.؟
- اولا نحن لم نتدخل في القضاء ولم نعط رأينا في القضية. ما عبرنا عنه بكل وضوح في بياناتنا اننا نرفض أي تدخل للسلطة التنفيذية في الشأن القضائي وما أكدنا عليه ان النيابة العمومية التي يترأسها وزير العدل مطالبة بتنفيذ الأحكام وليس لها الحق أن تؤول الأحكام. لأنه حين تؤول النيابة العمومية الأحكام تسن الأحكام وهذا ما حصل.
نحن لا علاقة لنا بسامي الفهري ولسنا معه او ضده. ما حصل في القضية أشياء غير عادية، في المرحلة الأولى حين عرض الملف على الدائرة الجنائية في طعن قرار الاتهام تخلت رئيس الدائرة التي كانت متعهدة بالملف ليلة التصريح بالحكم، وعلمنا انها تخلت عن الملف بواسطة وسائل الإعلام وهذا أمر خطير.. والخبر يقول انه تم التخلي عن القضية من دائرة معينة لأن رئيسة الدائرة تلقت رسالة.. وبعد تحرينا في الموضوع تبيّن ان زميلتنا تم الاتصال بها من قبل المساعد الأول للوكيل العام ورئيس محكمة التعقيب لإعلامها ان وزير العدل قد اعلمهم انه تلقى رسالة مفادها ان القاضية تلقت رشوة..
الأمر في حد ذاته لا يتعلق بالرشوة لأننا ننزه زميلتنا. كان من المفروض أن يشرع المتفقد العام في البحث، ولا يعلم بها الطرف المعني بالأمر، وحين أعلمت بالأمر تم ممارسة الضغط عليها للتخلي عن الملف وهذا غاية الأمر. وهذا أمر لم يحصل في السابق..
وبعد ذلك تعهدت بالملف دائرة أخرى والدائرة التي أصدرت قرارها قضت بالنقض والإحالة وفي جلسة المرافعة كان المدعي العام موجود وبعد صدور القرار حرر برقية اخراج من السجن أرسلها الى السجن.. لكن بعد فترة قصيرة يصدر عن السيد المساعد الأول للوكيل العام لمحكمة التعقيب برقية ثانية..
* هل هو نفس الشخص الذي قام باتخاذ القرار.. ؟
- بل شخص آخر ارقي منه درجة.. يرسل إلى السجن مكتوب مفاده إلغاء البرقية الأولى هذا عموما ما حصل. لما سئلوا عن السبب قيل ان النيابة العمومية اعتبرت ان قرار دائرة الاتهام لم يتصل على بطاقة الإيداع يعني هنا أنه قام بتأويل القرار وهو لا يجوز وليس له الحق ان يؤول.. كان عليه ان يتوجه الى الدائرة من البداية ويطلب منها شرح القرار وهذا لم يتم، لكنه تم بعد يومين وشرحت المحكمة قرارها بوضوح تام. وقالت -بما معناه- ما دام تسلط الطعن بالتعقيب على القرار برمته وبطاقة الإيداع اتخذت في صلب القرار في حد ذاته فإن القرار برمته قد تم نقضه بما فيه بطاقة الايداع.. وكانت المسألة واضحة هنا لم يعد أي مجال للتأويل لكن للأسف لم يفرج عن سامي الفهري يعني هنا لم تعد مسألة تأويل هناك مسألة أخرى..
التكريم.. والتغييب
* هل يمكن اعتبار عدم تكريم جمعية القضاة التونسيين في اليوم العالمي لحقوق الإنسان أم هو مجرد سهو مثلما برر ذلك مستشارو رئيس الجمهورية أم أنها عملية ممنهجة لإقصاء الجمعية؟
- أستغرب كيف تم الغاء موقع القضاة في هذا التكريم والحال أن القضاة على امتداد أجيالهم بدءا بجمعية القضاة الشبان، وانتهاء بجمعية القضاة التونسيين كانوا في مقاومة نظام الاستبداد والطغيان وتجسد ذلك من خلال بياناتهم ولوائح مؤتمراتهم. وأستغرب أكثر عندما لا يتم تكريم جميعة القضاة التي واصلت تمسكها بالدفاع عن الحريات قبل الأيام الأخيرة من سقوط النظام السابق والدليل على ذلك البيان التاريخي الذي أصدرته الهيئة الشرعية لجمعية القضاة يوم 12جانفي 2011 الذي أكدوا من خلاله وقوفهم إلى جانب الثورة.
كما نستغرب كيف لا يتم تكريمهم وهم لا يقلون درجة في نضالهم باعتبارهم قدموا التضحيات الجسام، وأعتبر أن إقصاء الجمعية من التكريم هو اقصاء له بعد سياسي وليس من قبيل السهو لأنه لا يمكن السهو عن جمعية مناضلة بهذا الحجم ولا يتم السهو عن ممثليها الذين تمت دعوتهم للحضور للاحتفال.
* كيف ترين مسار العدالة الانتقالية.. وأي دور للقضاة في هذا المسار؟
- بخصوص ملف العدالة الانتقالية أعتبر أنه مثل إصلاح القضاء لم يحرص على المكانة التي كان من المفروض أن يكون عليها باعتبار التباطئ في ارساء الهيئة المستقلة التي ستشرف عليه بل ما نلاحظه أن اختصاصات كان لا بد ان تكون لهيئة العدالة الانتقالية قد تم سحبها واسنادها إلى جهات أخرى مما يفقد مسار العدالة قيمته ويصبح فارغا من محتواه، وهذا أعتبره تصورا ممنهجا يندرج ضمن تصور الحكومة.
* تم قرصنة صفحتك على"الفايس بوك" أكثر من مرة، وقرصنة موقع الجمعية.. هل تعتقدين أن اعضاء الجمعية مستهدفون لمواقفهم واصرارهم على استقلالية القضاء؟
- في ما يتعلق بقرصنة موقعي الاجتماعي أو قرصنة موقع الجمعية، فإن هذا العمل لا يمكن أن يقبل خاصة بعد أن أصبحنا نعتقد أن مثل هذه التصرفات قد ولت مع النظام البائد، لكن للأسف هذه القرصنة لا تزال وهي ترمي في حقيقة الأمر إلى اخماد صوتنا كقضاة وتبليغ مشاغل القضاة إلى الشعب. كما أن القرصنة تهدف أيضا في جانب منها إلى التشويش وهو أمر معرفوض أخلاقيا ولا بد من معالجته بصفة جذرية.
* كلمة أخيرة..
- في الأخير أعيد وأصرح أن جمعية القضاة التونسيين ستحافظ على استقلاليتها وستبقى المدافع الرئيسي عن استقلال القضاء وعن مصالح القضاة المادية والمعنوية ولن نتوانى عن هاته الأهداف مهما كلفنا الأمر، خاصة أن دفاعنا عن استقلالية القضاء وعن استقلال القضاة تحقيق لهدف من أهداف الثورة التي سالت دماء خيرة شبابنا من أجله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.