بعد منح الثقة للحكومة الجديدة من طرف المجلس الوطني التأسيسي صرّح علي العريض رئيس الحكومة الجديدة ان برنامج حكومته يتضمن 4 أولويات، تطرق خلالها الى العديد من الاولويات من بينها المتعلقة خاصة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي من خلال دفع العجلة الاقتصادية والتشجيع على الاستثمار الى جانب مقاومة ارتفاع الاسعار ومعالجة ملف البطالة ومزيد احداث مواطن شغل مشيرا الى أنه سيتم إصدار مجلة جديدة للاستثمار خلال الأيام القليلة القادمة، ليبقى السؤال المطروح في ظل ضبابية الوضع الراهن الذي تشهده بلادنا،هل تستجيب مجلة الاستثمار في نسختها الجديدة لتطلعات التونسيين على مستوى التشغيل وتكريس التوازن بين الجهات واستقطاب المستثمرين؟ في قراءة اولية، تضمن مشروع المجلة الجديدة للاستثمار اجراءات جديدة ارتكزت على 5 مبادئ لسياسة الاستثمار وهي دعم الأولويات الوطنية وترشيد استعمال موارد الدولة والرفع في القدرة التنافسية للمؤسسة التونسية وإرساء مبدأ الحوكمة الرشيدة في مجال الاستثمار. وتضمنت المجلة الجديدة اضافات منها المتعلقة بإسناد منحة إضافية بعنوان الاستثمار الذي تختص به الجهات والتشجيع على انتداب حاملي الشهادات العليا بصرف النظر عن جهة الانتصاب أو نوعية النشاط وتشجيع عمليات تطوير الكفاءات وتحسين الإنتاجية بمنح امتيازات خصوصية لعمليات المصادقة على الكفاءات. تطوير منظومة الحوافز وفي نفس السياق اعتبر معز الجودي الخبير الاقتصادي ان مجلة الاستثمار الجديدة اتت بالجديد على مستوى المضمون خاصة فيما يتعلق بالحوافز والإمتيازات المالية والجبائية والإعفاءات ومنح الإستثمار ودعم الدولة مبينا ان المجلة الجديدة تضمنت تطوير في منظومة الحوافز علاوة الى ما احتوته من اجراءات تبسيطية وحوافز جبائية جاذبة للاستثمارات محليا واجنبيا وقادرة على خلق المشاريع وتوفير مواطن شغل جديدة. وأشار الجودي الى ان المجلة الجديدة كشفت عن توجه نحو تسهيل الاجراءات لمتابعة ومرافقة المستثمرين سواء من خلال الامتيازات الاضافية او التشجيعات الممنوحة بالاضافة الى رصد اعتمادات فيما يتعلق بالبنية التحتية باعتبارها عنصر جلب للاستثمارات. وأوضح الخبير الاقتصادي ان العمل بمجلة الاستثمار الجديدة مرتبط بتحديد النموذج الاقتصادي لبلادنا مشيرا الى انه لا يمكن التعامل مع الاستثمارت وخاصة الاجنبية منها بنفس التمشي القديم المبني على الحوافز والامتيازات فقط بل من الضروري ان يكون التوجه نحو الاستثمارت الاجنبية والداخلية مبنى على تفكير استراتيجي في ميادين معينة وقطاعات ذات اولوية ومشروط بنقل التكنولوجيا والتكوين حسب تعبيره. نقائص ومن جهته قدّم لسعد الذوادي خبير في الجباية وعضو المرصد الوطني لحماية المستهلك "إيلاف " قراءة حول المجلة الجديدة حيث اوضح ان المشروع الاولي لم يتطرق لمسألة ترويج المدخلات والمواد الاولية المخصصة للعمليات التصديرية بالسوق المحلية دون دفع المعاليم الديوانية. وأشار إلى أن المجلة الجديدة لم تتطرق الى استعمال "المتحيلين" لمجلة التشجيع على الاستثمارات للحصول على الاقامة لا غير والتهرب في بعض الاحيان من العقوبات البدنية المحكوم بها عليهم داخل بلدانهم وتمكين الاجراء الاجانب من التهرب من دفع الضريبة على الاجور من خلال النشاط في اطار شركة مصدرة كليا بصفة صورية وتقديم فاتورة لمؤجرهم عوض الحصول على بطاقة خلاص. استثناءات في الاعفاء الكلي وأضاف الذوادي ان المشروع الاولي أهمل مسألة الاعفاء الكلي بعنوان التصدير الممنوح لمؤسسات تجارية تم استثناء نشاطها من مجلة التشجيع على الاستثمارات كتجارة التوزيع . لم يتطرق المشروع الاولي لمسألة بعث شركات مصدرة كليا على شاكلة صناديق بريد ليس لها من نشاط بتونس سوى تبييض الاموال والجرائم الجبائية مثلما اتضح ذلك من خلال تقرير نشرته اخيرا السلطات البلجيكية، ليس لها أي وجود مادي بتونس سوى من خلال ملفها القانوني لا غير مثلما هو الشأن خاصة بالنسبة لشركات التجارة الدولية غير المقيمة وغيرها من شركات الخدمات كالاستشارة والدراسات ومساعدة المؤسسات التي تمتهن بيع الفواتير الصورية وغير ذلك من الجرائم. وبين محدثنا ان المشروع الاولي للمجلة لم يتطرق لمسألة تحويل وجهة العقارات المتحصل عليها بالدينار الرمزي او تلك الممنوحة بالدينار الرمزي لشركات اجنبية علما ان هذه الاخيرة يبقى بامكانها بيعها فيما بعد وتحقيق ارباح طائلة من ورائها وتحويلها بالعملة الصعبة والحال انه كان من المفروض تعويض تلك الآلية بآلية الوضع على الذمة. عدم وجود آلية لمراقبة الامتيازات المالية كما لم يبرز المشروع الاولي مسالة اشتراط منح الامتيازات المالية والجبائية للباعثين بخلق مواطن شغل قارة ونقل التكنولوجيا وكذلك مسالة عدم وجود آلية لمراقبة الامتيازات المالية . بالاضافة الى ذلك لم يهتم المشروع بمسألة عدم تنظيم اغلب انشطة الخدمات وخير دليل على ذلك مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية التي لا زالت تتعاقد مع الشركة الاجنبية المتحيلة حسب الفصل 15 من المرسوم عدد 14 لسنة 1961 والتي تباشر نشاط السمسرة في تذاكر المطاعم او تلك التي تباشر نشاط السمسرة في اليد العاملة. وأضاف ان هذا المشروع الاولي تضمن تناقضا على مستوى فصله الاول حيث سيشجع الباعثين التونسيين على الانتصاب بالخارج وامتصاص البطالة . كما انه سيسمح في فصله 11 للباعثين بتشغيل الاجانب على حساب العاطلين عن العمل من التونسيين دون الحديث عن فصله 7 الذي سيسمح للاجانب بالانتصاب في مجال الخدمات غير المنظم والمؤهل قبل التفاوض والتحرير وتكريس مبدأ المعاملة بالمثل في خطوة اخرى من شانها التشجيع على تنمية ظاهرة استيراد البطالة والتحيل وتبييض الاموال والجريمة المنظمة. واشار الى حرمان مصالح المراقبة الجبائية من القيام بمهامها ومن اصدار قرارات في التوظيف الاجباري من خلال التنصيص بصفة اعتباطية على وجوبية الالتجاء لآلية التحكيم عند نشوب خلاف بين ادارة الجباية والباعث بخصوص تأويل احكام مجلة الاستثمار.