في الوقت الذي تدعو فيه بعض الأطراف لإيقاف البطولة لغاية في نفس يعقوب، لم تدرك بعد أطراف أخرى- تساند هذه الدعوة بطريقة غير مباشرة- أن ايقاف البطولة عن النشاط لن يضر فقط بالمنتخب الوطني بل سيزيد في عدد العاطلين عن العمل اذا اعتبرنا أن اللاعبين أجراء لدى أنديتهم.. وأما وزارة الاشراف التي تدعو من جهة أخرى إلى تغيير قانون الجمعيات وتحويل النادي الرياضي إلى مؤسسة ربحية لها مجلس ادارة وموارد خاصة فإنها لم تقدّر حقيقة الديون التي تغرق فيها الأندية ولا أيضا قدّمت الحلول لذلك لا لشيء إلا لأن المحيطين بدوائر القرار في الوزارة لم ينسّقوا مع الهياكل الرياضية ويكفي القول أن جلسة طارق ذياب مع رؤساء أندية الرابطة الأولى التي تناولت الشأن الرياضي وتغيير القوانين قد غابت عنها الجامعة.. المعنيّ الأول بالأمر.. والمتأمّل في حجم ديون الأندية في الرابطتين الأولى والثانية خاصة يلاحظ أنها تجاوزت المليارين من المليمات لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي، ومثلهما لفائدة ادارة الجباية.. ديون لفائدة اللاعبين والمدربين ولا تتوقف الديون عند حدود الضمان الاجتماعي والجباية بل تتجاوزها إلى الأحكام الباتة لفائدة اللاعبين والمدربين والأطباء والمدلكين ضد الأندية التي عملوا فيها والبالغة مليارا و800 الف دينار لم تقم الاندية المعنية بتسديدها لفائدة مستحقيها وقد حصلت على الاجازات في بداية الموسم بعد التعهّد كتابيا بتسديد هذه الديون مما يعني أنها في الموسم المقبل ستكون محرومة من النشاط ومن الحصول على الاجازات، فهل بهذه الديون ستتحوّل الأندية إلى شركات؟ وتشير الأرقام إلى أن كل الأندية بذمّتها ديون ولم تسددّها وتوجد الفرق الضعيفة ماليا في طليعة الترتيب على غرار الملعب القابسي الذي تصل ديونه إلى حدود 270 ألف دينار وقوافل قفصة (350 ألف دينار) وجندوبة الرياضية (160 ألف دينار) ومستقبل القصرين (100 ألف دينار) والاتحاد المنستيري (157 ألف دينار) وامل حمام سوسة (100 ألف دينار) ومستقبل قابس (70 ألف دينار) والأولمبي الباجي (100 ألف دينار).. كل هذه الأموال متخلدة بذمة الأندية لفائدة اللاعبين والاطارات الفنية وتطبيق القانون وفي حالة عدم الخلاص سوف لن يقع تمكينها من النشاط الموسم المقبل.. الحلول.. والمخرج من الأزمة يبدو أن الحلول باتت متوفرة لكنها تحتاج لارادة سياسية وقرارات جريئة خاصة أن الأندية هي التي تقدّمت بها واعتبرتها المخرج الرئيسي ومفتاح المرور إلى عالم الاحتراف فالحل الذي تحدثت عنه الأندية يتمثل في شركة النهوض بالرياضة وذلك في اطار التوجه نحو القضاء على الديون لأنه لا يمكن بأية حال من الأحوال تحميل المسؤولية لهذه الأندية ومطالبتها بتسديد ديونها وهي تحتضر ماليا وتنظيميا نتيجة غياب الجمهور عن الملاعب لموسمين متتالين، كما تقلصت مداخيل الإشهار ونقص المستشهرون في ظل دوران مباريات دون حضور الجمهور والذي يعتبر قرارا سياسيا لتفادي الاحتقان والمشاكل.. مما يعني ضرورة تدخل وزارة الرياضة إلى تحمّل هذه الديون بتمكين الأندية من قروض من صندوق النهوض بالرياضة لفسخ هذه الديون وجدولة طريقة الخلاص والاقتطاع وبهذا تكون الفائدة عامة حيث يقع إنعاش خزينة الدولة وفي الوقت ذاته يتمّ اخراج الأندية من الضائقة المالية ومساعدتها على الايفاء بتعهداتها. الأندية تطالب بصرف منحة البرومسبور شهريا وتجدرالإشارة إلى أن الأندية تطمح إلى أن تمكّنها شركة النهوض بالرياضة (العائدة بالنظر لوزارة الرياضة) من قروض باعتبار أن مداخيلها متأتية من كرة القدم، وأيضا لأن المؤسسة حققت نتائج محاسبية هامة بفضل المواسم السابقة التي ربحت بفضلها 40 مليارا من المليمات تم ايداعها بحسابات بالبنوك وتوظيفها لكسب فوائض، والأندية تريد قروضا تسدّدها على أقساط بنفس الفوائض أي ان الشركة لن تخسر باعتبار ان هذه الأموال ستستعمل للاستثمار وفسخ الديون ودعم ميزانية الدولة بمداخيل هامة متأتية من الجباية والضمان الاجتماعي. توزيع نصيب الفرق من مداخيل البرومسبور ويجدر التذكير بأن مداخيل الرهان الرياضي تسند 10% منها للشركة و40% للمتراهنين و50% لخزينة الدولة تخصم منها 20% لفائدة وزارة الرياضة وتستعملها في دعم الأندية وتوزيعها على الفرق إلا أن الأندية أصبحت تطالب بأن توجه إليها هذه الأموال مباشرة. وتطالب الأندية سلطة الإشراف بتقنيين وتحديد طريقة صرف هذه الأموال المتأتية من ال 20% من مداخيل «البرومسبور» شهريا وذلك بتمكين الأندية من نسبة 15% بينما تصرف 5% المتبقية للجامعة لتوظفها لفائدة سلك التحكيم والادارة الفنية باعتبار أن تنظيم المداخيل من شأنه ان يساعد على تحسين كرة القدم باعتبارها القاطرة الرئيسية للنهوض بالمشهد الرياضي ككل.. فما رأي الوزير طارق ذياب ألا يمثل ذلك حلا جذريا لجزء من الأزمة؟