يتواصل الجدل بشأن مشروع قانون المالية للسنة الثانية على التوالي. فميزانية 2014 ومن خلال فصولها المتعلقة بالجباية تعتبر «غيرعادلة وغريبة وتثقل كاهل الطبقة الوسطى بالخصوص وتشجّع على التهرّب الجبائي لبعض الفئات» حسب ما أفاد به خبراء الجباية. ومن بين الفصول التي لن تمّر بسهولة تلك المتعلقة بالترفيع في الضريبة على الدّخل ب 30 بالمائة للأجراء الذين يتراوح دخلهم بين 20 ألف دينار و40 ألف دينار، فيما ارتفعت قيمة الضريبة على الدخل لمن يفوق دخلهم السنوي ال 40 ألف دينار ب35 بالمائة واعتبربعض الخبراء أن الإقرار بزيادة في الضريبة على الأجرهو انتهاك لحقّ الأجراء الذين لا يتوانوْن عن دفع الآداءات الجبائية وهو تمشّ لا يتلاءم والإجراءات التي اقترحها الاتحاد الأوروبي سيما وأن الحكومة تحدثت عن عدم الزيادة في الأجور خلال السنة القادمة 2014 رغم التضخم الملحوظ لأسعارالمواد الاستهلاكية. وبالنسبة لإجراءات دعم الشفافية عبراحكام متابعة المعاملات التجارية وعدم قبول طرح الأعباء التي يساوي أويفوق مبلغها 20 ألف دينار وعدم طرح الاستهلاكات المتعلقة بالأصول التي تساوي أو تفوق قيمة اقتنائها هذا المبلغ على أن يخفّض هذا المبلغ إلى 10 آلاف دينار سنة 2015 وإلى 500 دينار ابتداء من 2016، أكّد الخبراء على وجوب أن يُدعم هذا الإجراء بالفصل 75 لسنة 2003 من مجلة مكافحة تبييض الأموال لأن اعتماد هذه الأحكام دون تدعيمها بهذا الفصل يفتح الأبواب على مصراعيها أمام مبيّضي الأموال. رفع السرّالبنكي ولئن اعتبرالخبراء رفع السرّ البنكي والبريدي لتمكين المصالح الجبائية من الحصول على الكشوفات المتعلقة بالحسابات المفتوحة خطوة إيجابية إلا أن إبقاء السرّ البنكي لدى الوسطاء في البورصة هو إجراء يتنزل في إطارمواصلة فسح المجال أمام المتهرّبين الذين يلجؤون للبورصة لغاية تبييض أموالهم لا غير؛ وهو ما يستوجب رفع السرّ المهني عن هؤلاء. كما تمّ التأكيد على أن الفصل المتعلق بالتصريح بالمعّرف الجبائي أو رقم بطاقة التعريف الوطنية للخبير المحاسب أو لمراقب الحسابات هو إجراء ليس بالجديد ويطرح إعادة وضعه في قانون مالية 2014 نقطة استفهام في أنه كان منتظرًا إقرارسحب المعرّفات الجبائية للمتحيّلين الذين يصدرون التقارير المغلوطة للتسترعلى المتهرّبين من دفع الضرائب. الترفيع في نسب الخصم وبالنسبة للإجراء المتعلق بالترفيع في نسبة الخصم من الموارد المستوجبة على المبالغ الراجعة إلى المقيمين بملاذات جبائية من 15 بالمائة إلى 20 بالمائة يعتبرهذا الإجراء صوريّا ودون فاعلية بما أن الفواتيرالتي يتمّ إرسالها من الخارج صوريّة وغير دقيقة وتتعلق بالخدمات فقط مستثنية البضائع وهوما يكبّد الدولة خسائر بآلاف المليارات، وكانت نسبة الخصم محدّدة سابقا ب35 بالمائة، وفي هذا السّياق تمّت المطالبة بوضع اتفاقية جبائية يتمّ بفضلها سدّ كل المنافذ أمام المتهربيّن الذين يعتبرون تونس جنّة ضريبيّة. وبشأن استثناء بعض الأنشطة من النظام التقديري فإن هذا الإجراء سيمكن 380 ألف تاجر ينضوُون تحت هذا النظام من عدم دفع الضريبة رغم المكاسب التي تدرّها هذه الأنشطة على أصحابها على غرار بيع مواد البناء والمواد الحديدية والمواد الصحية اضافة إلى بيع قطع الغياروقاعات الشاي... كما أقرّ قانون المالية جملة من الإتاوات شملت ملكية العقارات السكنية باستثناء المسكن الرئيسي ومراجعة النظام الجبائي لإتاوة الدعم عبرضبط نسبة الإتاوة الموظفة على الأشخاص الطبيعيّين الخاضعين للضريبة على الدّخل حيث حدّدت نسبة الإتاوة على الدخل السنوي بين 20 ألف دينار و50 ألف دينار بنسبة 1 بالمائة ومن 50 ألف دينار إلى 100 ألف دينار ب 2 بالمائة. أما ما يفوق 100 ألف دينار، فقد حدّدت ب3 بالمائة؛ كما تمّ توظيف إتاوة دعم على السيّارات الخاصة التي تفوق قوّتها الجبائية 4 خيول تتراوح بين 100 دينار و700 دينار كإجراء ظرفيّ يطبّق خلال سنتيْ 2014 و 2015 وما كل هذه الإتاوات سوى طرق جديدة لإثقال كاهل المواطن الذي كلما ارتفع دخله كلما أصبحت ضرائبه مرتفعة حسب الخبراء الذين اعتبروا أن هذه الإتاوات هي صيغة جديدة لإفقارالمواطن الذي لا يمتلك حقّ المساءلة حول ما يدفعه من ضرائب متعددة. الضريبة الدنيا كما سيتمّ الترفيع في الضريبة الدّنيا من 0،1 ٪ من رقم المعاملات المحلي إلى 0،3 ٪ مع إمكانية طرحها من الفارق بين الضّريبة المستوجبة والضّريبة الدّنيا للسنوات الموالية في حدود 3 سنوات والترفيع بالتوازي في الحدّ الأدنى من 200 د إلى 500 د بالنسبة للأشخاص الطبيعيّين ومن 350 د إلى 1000 د بالنسبة للأشخاص المعنويّين وهو اجراء تم اعتباره قاس سيما على المؤسسات المشغلة والتي تعاني من مشاكل خانقة بالنظر إلى الوضع الاقتصادي المحلي والعالمي الذي يعرف تأزما منذ مدّة. وتصبّ كل هذه الإجراءات في خانة وحيدة هي دعم خزينة الدولة مقابل إثقال كاهل دافعي الضرائب من أشخاص معنويّين وطبعيّين عبر خلق ضرائب جديدة أو الترفيع فيها دون موجب وهو ما يؤدي إلى التآكل التدريجي، اذا ما تواصل الحال على ما هو عليه للطبقة الوسطى وإفلاس عديد المؤسسات التي أصبحت ترزح تحت وطأة الضرائب المتعددة. في المقابل لم يكرّس قانون المالية لسنة 2014 إجراءات من شأنها أن تضرب بقبضة من حديد على أيدي المتهرّبين من دفع الضرائب والذين يخفون أموالهم لدى الوسطاء بالبورصة سيما وأن العديدين يَعتبرون أن تونس أصبحت جنة ضريبية ووكرا لتبييض الأموال.