تشرع بعد غد الأربعاء لجنة التشريع في النظر في مشروع القانون الأساسي عدد 2017/27 المتعلق بتنقيح واتمام القانون الأساسي عدد 34 المؤرخ في 28 أفريل 2016 والمتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وقد تباينت الأراء بين الهياكل القضائية فهناك من ترى أنه الحل الوحيد لحل أزمة تركيز المجلس وأخرى ترى العكس. اعتبر نائب رئيس نقابة القضاة التونسيين منصور الشلندي في تصريح ل"الصباح نيوز" أن تنقيح مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء هو الحل الوحيد لتفادي تعطيل تركيزه باعتبار وأن السنة القضائية ستوشك على النهاية وأعمال المجلس تعطلت كثيرا وايضا باعتبار أننا على أبواب الحركة القضائية وبالتالي كان من اللازم وفق تصريحه أن يتدخل المشرّع لتفادي التعطيل المفتعل الذي قامت به الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بامتناع رئيسها المتقاعد عن دعوة المجلس لعقد جلسته الأولى كما يوجب عليه ذلك الدستور مضيفا وأن نقابة القضاة كانت ساندت المجلس المنتخب الجديد في إيجاد حل قانوني غير أن رغبة جمعيّة القضاة في مواصلة السّيطرة على مفاصل القضاء كما فعلت ذلك طيلة سنوات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي قد حال دون ذلك عن طريق اللجوء الى القضايا التعسفية امام المحكمة الإدارية بتعطيل اجتماعات مجلس القضاء العدلي خاصة وأمام وجود فراغ تشريعي كان من الأجدر حسب رأيه الجوء الى تنقيح القانون لضمان استمراريّة مؤسّسات الدّولة والنأي بها عن المصالح الضّيقة لبعض الهياكل القضائيّة واستكمال تركيز المؤسسات الدستورية من قبيل المحكمة الدستورية التي سيتولى المجلس الأعلى للقضاء ترشيح عدد من قضاتها. من جهته خيّر رئيس الجمعيّة التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي أنه لو تم التوافق بين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء والهياكل القضائية لتمكن المجلس الأعلى للقضاء من مباشرة أعماله. واعتبر أن هذه المبادرة شر لا بد منه خاصة وأن هناك حركة قضائية على الأبواب مشددا على ضرورة أن لا تمس هذه المبادرة من هيبة السلطة القضائية ولا تجعلها مرتهنة في أعمالها لأي سلطة أخرى. وختم بأن هذه المبادرة ليست الحل المفضل ولكنها حل اقتضته الضرورة . من جهتها اعتبرت رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي ان هذه المبادرة لم يعد لها أي مبرر او سبب باعتبار أن الحكومة وعلى لسان وزير العدل كانت بررت عدم اصدار اوامر تسمية القضاة الذين تكمتمل بهم تركيبة المجلس الأعلى للقضاء لأن الخلاف بين القضاة وبأنها محايدة وانها تنتظر حلا ينبع من المجلس ومن القضاء مضيفة أن الحكومة التي عطّلت المجلس محمول عليها التزام سياسي واخلاقي بانها تقبل بالمبادرة القضائية التي كان أعلن عنها رضوان الوارثي رئيس المحكمة العقارية يوم 3 مارس والتي حازت على موافقة أكثر من ثلثي أعضاء المجلس مشيرة وأن مسالة المطالبة بالحل القضائي والتوافقي كان كذلك صدر على رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية في حوار تلفزي كان سئل فيه فيه عن مشكل المجلس فأكد أنه ضروري ان ينبع الحل من القضاة واكد ان المبادرة التشريعية خيار سيء ولا يحبذه لأنه يضعف من المجلس الأعلى للقضاء. وتابعت في سياق متصل وقالت أنه اليوم المفروض مع وجود حل للمبادرة القضائية لم يعد هناك اي مبرر لهذه المبادرة التشريعية. من ناحية ثانية اعتبرت أن المبادرة التشريعية هي مبادرة مرفوضة لأنها مخالفة للدستور والقانون وأنه في الدولة الديمقراطية لا يمكن أن تتم الا عندما تكون هناك مراقبة على الدستورية حسب فقه قضاء مجلس الدولة الفرنسي وفي حال وجود مصلحة شديدة التأكد وهذا غير موجودة في هذه الحالة كما انه لا توجد رقابة على الدستورية. وقالت أيضا أن مثل هذه المبادرات تمس من مقومات دولة القانون ومن استقلالية القضاء وفيها الغاء لإختصاص المحكمة خاصة وأن المحكمة الإدارية متعهدة بقضايا تتعلق بأزمة تركيز المجلس بناء على قانون ساري المفعول مثلما هو في وضعية المجلس الآن. ورأت أنها مبادرة جاءت لتمنع أيضا المحكمة الإدارية من اصدار احكام في اتجاه معين ليس لفائدة السلطة. واعتبرت أن مشكل المجلس الأعلى للقضاء مفتعل لأنه لو تم الإمضاء على اوامر التسمية لما كان يوجد أي داعي لتنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء. وأضافت في السياق ذاتته وقالت بأنه عندما نتأمل في فصول المبادرة نجدها تمس في العمق مبدأ الفصل بين السلط لأنها تعطي صلاحية الدعوة لإنعقاد المجلس الى رئيس مجلس نواب الشعب وهذا يعني اعطاء صلاحية للسلطة التشريعية على السلطة القضائية، معتبرة أن ذلك مخالف لما كرّسه الدستور. من ناحية اخرى رأت أن الخطير وهو أنه ليس المشكل في من الجهة التي تدعو لإنعقاد المجلس بل انه تم تجاوز ذلك للمساس الخطير بنصاب انعقاد اجتماعات المجلس الذي تم التخفيض فيه الى الثلث بما يعني أن الجلسة العامة للمجلس يمكن أن تنعقد من أصل 45 عضوا ب 15 عضوا فقط وأن صلاحية القرار من داخل المجلس تكون لسبعة اعضاء فقط وهم من سيتحكمون في مصير القضاء التونسي فيما يتعلق بكامل الشأن القضائي. هذا فضلا من أنه على مستوى المجالس القطاعية تم الحط من النصاب الذي سيؤدي الى امكانية انعقاد مجلس القضاء العدلي والإداري والمالي بثلث الأعضاء على أن تتخذ القرارات بأغلبية من حضر أي بثلاثة أعضاء وهذا يوضح حسب رأيها النية من وضع اليد على المجلس الأعلى للقضاء باضعاف اغلبية اتخاذ القرارات من داخله وهذا يسهل باب التدخل للسلطة السياسية وتوجيه المجلس والحد بصفة كبيرة من استقلاليته. وأكدت رفض الجمعية لهذه المبادرة ونبّهت اعضاء مجلس نواب الشعب من خطورتها مشددة عليهم أن لا يأخذوا بها كما دعت الأحزاب السياسية وكل مكونات المجتمع المدني المعنيين باستقلال القضاء كضمانة لعدم عودة البلاد الى الديكتاتورية ان تعمل على ان لا تمرر هذه المبادرة أو ما تسمى بالتصحيح التشريعي وان يتم دعم المبادرة القضائية وتفعيلها كحل توافقي يحمي استقلالية المجلس واستقلالية قراراته واستقلال القضاء كسلطة يعول عليها لحماية الحقوق والحريات وخلق التوازن في نظام الفصل بين السلط بابعادها عن هيمنة السلطة التنفيذية .