تطرق أمس الإربعاء مجلس إدارة البنك المركزي إلى آخر مستجدات الظرف الاقتصادي الدولي. وقد أشارت نتائج النمو الاقتصادي للثلاثي الثاني لسنة 2013، إلى تقدم نسق النمو في أغلب البلدان المصنعة مقارنة بالثلاثي الأول، فيما ساهمت التوترات الجيوسياسية في ارتفاع أسعار المواد الأساسية، لاسيما النفط الخام، و في احتداد التقلبات على مستوى الأسواق المالية العالمية.، وفق ما جاء في بلاغ صادر عن البنك المركزي. وبخصوص الاقتصاد الوطني، سجل المجلس تحسن نسق النمو خلال الثلاثي الثاني من سنة 2013، حيث أبرزت آخر المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، ارتفاع إجمالي الناتج المحلي، بحساب الانزلاق السنوي وبالأسعار القارة، ب 3,2٪ خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية أي نفس النسبة المسجلة خلال نفس الفترة من سنة 2012 مقابل 2,6٪ في الثلاثي السابق، لتبلغ 3٪خلال النصف الأول من السنة الجارية مع استهداف مستوى 3,6٪ بالنسبة لكامل سنة 2013 مقابل تقديرات أولية في حدود 4٪، وذلك بفضل الإجراءات الإقتصادية و المالية التي تنوي الحكومة تنفيذها في القريب العاجل، حسب نفس البلاغ. وأرجع مجلس إدارة البنك المركزي تحسن النمو المسجل في الثلاثي الثاني أساسا إلى تدعيم النشاط في الصناعات المعملية (4,8٪) ولاسيما الصناعات الكيميائية وصناعات النسيج والملابس والجلود والأحذية، إلى جانب قطاع كل من الخدمات المسوقة (4,3٪)، خاصّة المواصلات والنقل، والخدمات غير المسوقة(6,3٪)، في حين تمّ تسجيل انكماش في كل من قطاع الفلاحة والصيد البحري (-3٪) والصناعات غير المعملية (-1,4٪) وبالخصوص قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي. وللإشارة فإنّ المجلس سجّل انتعاشة القطاع السياحي خلال شهر أو ت الماضي بعد أن شهد تراجعا قبل شهر. وبالنسبة للقطاع الخارجي، لاحظ المجلس استمرار تفاقم العجز التجاري خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية)+33,٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2012 (، وهو ما يشكل مصدر ضغوط متواصلة على الدفوعات الجارية حيث يبقى العجز الجاري مرتفعا رغم تراجعه نسبيا مقارنة بنفس الفترة من سنة 2012 ) 5,4٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5,7٪ قبل سنة(. وعلى الرغم من ذلك، بلغت الموجودات الصافية من العملة 11.389 مليون دينار أو ما يعادل 104 يوما من التوريد بتاريخ 30 أوت 2013 مقابل 10.300 مليون دينار و102 يوم قبل سنة، علما أنّ هذه الموجودات بلغت أدنى مستوى لها خلال السنة الحالية يوم 18 جوان 2013، أي 94 يوم توريد. كما لاحظ المجلس وجود تحسّن طفيف على مستوى نسبة التضخم حيث تراجع ارتفاع مؤشر الأسعار خلال شهر أوت 2013 للشهر الثاني تباعا إلى 6٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 6,2٪ في الشهر السابق. وفيما يتعلق بالتطورات النقدية، أفاد مجلس إدارة البنك المركزي أنّ الفترة الأخيرة سجلت ضغطا على مستوى السيولة البنكية لتواصل حاجيات البنوك للسيولة ارتفاعها خلال شهر أوت المنقضي وللشهر الرابع على التوالي، مما أدى إلى تزايد تدخل البنك المركزي لضخ السيولة بمعدل يومي بلغ 4.974 مليون دينار مقابل 4.803 مليون دينار في شهر جويلية. ومن ناحيتها، استقرت نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية في مستوى مرتفع لتبلغ 4,75٪ خلال نفس الشهر مقابل 4,73٪ في الشهر السابق. وعند النظر في تطور نشاط القطاع المصرفي، أشار المجلس إلى استمرار ارتفاع قائم الإيداعات خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بنسق أقل سرعة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2012 (2,8٪ مقابل 4,7٪) لا سيما بالنسبة للإيداعات تحت الطلب. كما عرف حجم المساعدات للاقتصاد تباطؤا، خلال نفس الفترة، أي زيادة ب 4,2٪ مقابل 6,3٪قبل سنة، نتيجة أساسا لتواصل انخفاض قائم القروض قصيرة الأجل و لتراجع نسق نمو قائم القروض متوسطة وطويلة الأجل ممّا يعكس إلى حدّ بعيد تراجع الحراك الاستثماري لدى المؤسسات الإنتاجية. و على ضوء آخر المعطيات المتوفرة، أعرب المجلس من جديد عن عميق انشغاله إزاء استمرار المخاطر التي تهدد سير الاقتصاد الوطني على خلفية تواصل عدم وضوح الرؤية لدى المتعاملين الاقتصاديين وتداعياتها على قطاعات الإنتاج والتصدير وكذلك على مستوى تصنيف تونس من حيث قدرتها التنافسية الدولية كما يتبيّن ذلك من خلال تراجع مكانة اقتصادنا من المرتبة 40 في فترة 2011- 2012 إلى المرتبة 83 بالنسبة للفترة 2013-2014 حسب آخر تقرير لمؤسسة دافوس. كما أنّ تفاقم الاحتقان على مستوى الساحة السياسية الوطنيّة أصبح يهدّد سلامة ونسيج الاقتصاد الوطني أكثر من أي وقت مضى. وفي هذا السياق، جدد المجلس نداءه إلى كل الأطراف المعنية لمضاعفة الجهود من أجل تثبيت الاستقرار في البلاد الذي يبقى الضامن الأساسي لإنعاش النشاط الاقتصادي ودعم الاستثمار الداخلي والأجنبي ودفع التشغيل، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بدون تغيير، وفق نفس البلاغ.