حاول الرئيس التركي عبدالله غول، لتخفيف موجة غضب عمّت البلاد، بعد تهديد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بحجب موقعي "يوتيوب" و"فايسبوك"، من أجل وقف التشهير به وبعائلته، في اتهامات مرتبطة بفضيحة الفساد الكبرى التي طاولت وزراء سابقين ومقرّبين منه. وقال غول إن حجب الموقعين "ليس وارداً بتاتاً"، لافتاً إلى أنهما "منصّتان مُعترف بهما في العالم أجمع". واستدرك أنه يمكن السلطات التركية بموجب قانون صدر أخيراً، أن تمنع الاطلاع على مواد على مواقع مشابهة، إذا شكّلت انتهاكاً للخصوصية. وذكّر بأن "تركيا دولة قانون... ونحن فخورون بالإصلاحات التي أنجزناها في ما يتعلق بتوسيع الحريات". واعتُبِر كلام غول تنبيهاً لأردوغان بضرورة عدم تجاوز الخطوط الحمر في "حربه" مع جماعة الداعية فتح الله غولن، فيما رأت أحزاب معارِضة أن رئيس الوزراء خرج عن طوره، إذ يواجه حرباً على مستقبله السياسي، معتبرة أنه "سيلجأ إلى أي شيء من أجل البقاء في السلطة"، لأن خروجه منها يعني فقدانه حصانته ومحاكمته بتهم فساد. تصريحات أردوغان أثارت تنديد أتراك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانتقادات من مئات من الإعلاميين والناشطين. وإذ سخر منها بعضهم، فإن غالبية تعاملت معها بجدية، خصوصاً أنها أتت بعد يوم على تحدي أردوغان قرار محكمة إدارية بوقف العمل في تشييد مقر جديد لرئاسة الوزراء، وسط غابة غرب أنقرة، بين محميات طبيعية أوصى مصطفى كمال أتاتورك بحمايتها وسُميت باسمه. وأكد أردوغان أنه سيكمل تشييد مقره الجديد هناك، قائلاً "لا قوة في تركيا تستطيع منعي من ذلك". وكان أردوغان ذكر أن لديه خطة شاملة وحازمة لوقف "فوضى" الإنترنت واجتثاث جماعة غولن، سينفّذها بعد الانتخابات البلدية المرتقبة نهاية الشهر. وأضاف "إننا مصممون، بصرف النظر عما قد يقوله العالم، ولن نسمح بتحويل الشعب التركي ضحية ليوتيوب وفايسبوك أو مواقع أخرى. سنتخذ التدابير اللازمة بلا تردد". وسُئل هل يمكن أن يشمل ذلك إغلاق الموقعين، فردّ إيجاباً، وزاد في إشارة إلى أنصار جماعة غولن "لأن أولئك الأفراد أو المؤسسات (يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي) لكل أشكال الفجور والتجسس، لأغراضهم الخاصة". ولفت أردوغان إلى أنه طلب من الرئيس الأمريكي باراك أوباما تسليم غولن إلى أنقرة، لافتاً إلى أن قضية قد تُرفع ضد الأخير، كما سيطلب من الشرطة الدولية "إنتربول" اعتقاله وإحضاره إلى تركيا. وما زالت تسجيلات هاتفية منسوبة إلى رئيس الوزراء، تشغل الشارع في تركيا، آخرها مع رجل الأعمال المشهور إردوغان دميرأوران الذي وبّخه أردوغان وهدده، بسبب نشر صحيفة "ميللييت" التي يملكها أخباراً اعتبرت الحكومة أنها قد تعرقل تسوية القضية الكردية. وانتهت المكالمة ببكاء المالك المسنّ للصحيفة، بسبب حدة ما سمعه من إهانات وتهديد. وكانت الصحيفة شهدت أزمة بعد نشرها تلك الأخبار العام الماضي، ما أدى إلى إقالة رئيس تحريرها داريا سازاك. في السياق ذاته، كشفت هيئة الاتصالات التركية أن جهاز الأمن تنصّت على نصف مليون مواطن خلال السنتين الماضيتين، علماً أن أردوغان كان اتهم جماعة غولن بالتنصت على هواتف وتسجيل مكالمات وابتزاز ساسة ورجال أعمال. في غضون ذلك، أمرت محكمة في إسطنبول بإطلاق الرئيس السابق للأركان الجنرال إلكر باشبوغ الذي كان يقضي حكماً بالسجن المؤبد، بعد إدانته عام 2013 بالتآمر لإطاحة حكومة أردوغان، في إطار قضية تنظيم "أرغينيكون" الذي اعتُبر انقلابياً. أتى ذلك بعد يوم على إصدار المحكمة الدستورية حكماً اعتبر أن حقوق باشبوغ "انتُهِكت"، لأن المحكمة التي مثل أمامها لم تنشر حكمها بالتفصيل في القضية. وقد يؤدي ذلك إطلاق مئات من المحكومين في القضية. ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في مكتب أردوغان إن تركيا ستنظم انتخابات الرئاسة في 10 أوت المقبل، ودورة ثانية محتملة في 24 منه. (الحياة اللندنية)