أوضح العميد حافظ بن صالح وزير العدل وحقوق الانسان والعدالة الانتقالية صباح اليوم لدى افتتاحه لأشغال المائدة المستديرة حول"الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والاختصاصات المطلوبة لعضويتها" أن مبادرة الوزارة بتنظيم هذا اللقاء يندرج في إطار مواصلة الجهود التي ما انفكّت تبذلها لإرساء الإطار القانوني والمؤسساتي لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في تونس. وأشار إلى أن الوقاية من التعذيب من المسائل التي يجب أن تتضافر حولها جهود مختلف الأطراف و العمل المشترك و الدؤوب لتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي في هذا المجال ونشر ثقافة تقوم على احترام حقوق الإنسان وتكريس عقلية ضمان كرامة الفرد وصون حرمته الجسدية والمعنوية، وفق ما أفادت به وزارة العدل. كما ثمن الوزير دور المجلس الوطني التأسيسي بمصادقته على دستور جانفي 2014 وما تضمنه من أحكام توجب على الدولة حماية كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد ومنع التعذيب المادي والمعنوي مع إقرار عدم سقوط جريمة التعذيب بالتقادم، وهو ما من شأنه أن يساهم في ردع مرتكبي هذه الجرائم والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب. وأضاف حافظ بن صالح أن بلادنا حرصت بعد ثورة الحرية والكرامة على الانخراط الكامل في كل المبادرات الرامية لمكافحة التعذيب والوقاية منه، حيث صادقت على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة والذي يهدف خاصة إلى إنشاء نظام وقائي غير قضائي يقوم على زيارات لأماكن الاحتجاز تضطلع بها هيئات وطنية ودولية مستقلة بما يعزّز الحماية الفعّالة للأشخاص المحرومين من حريتهم وفي ضوء ذلك تكفلت الوزارة بإحداث لجنة تركبت من ممثلي الوزارات وجمعيات المجتمع المدني، تولت إعداد مشروع القانون الأساسي المتعلق بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي خلال شهر أكتوبر الماضي لتكون بذلك تونس أول دولة عربية تقوم بإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب وهو ما من شأنه أن يساهم في مزيد إشعاع بلادنا ويؤكد عزمها على المضي قدما لحماية وتعزيز حقوق الإنسان. وشدد الوزير أنه تم الحرص من خلال القانون المتعلّق بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب على إسناد صلاحيات واسعة للهيئة بتمكينها بالخصوص من القيام بزيارات دورية منتظمة و فجئية لأماكن الاحتجاز والتأكّد من خلوّها من ممارسة التعذيب وسوء المعاملة ومراقبة مدى تلاؤم ظروف الاحتجاز مع القوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما أسندت للهيئة مهمة تلقي البلاغات حول الحالات المحتملة للتعذيب وسوء المعاملة والتقصي بشأنها وإحالتها إلى السلط المختصة. و أضاف الوزير أنه وبالنظر للدور الهام الذي يمكن أن تضطلع به الهيئة، فقد تمّ الحرص على الإسراع بتركيزها في أقرب الآجال إلا أنه و على الرغم من الجهود المبذولة سواء من قبل المجلس الوطني التأسيسي أو من قبل الوزارة في هذا المجال، فقد تم تسجيل ضعفا في الإقبال على الترشح لعضوية الهيئة، ممّا حتّم التمديد في آجال الترشح لمرتين متتاليتين بمقتضى قرارين في الغرض من رئيسة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني التأسيسي. وجدّد الوزير تأكيد القناعة بأن هذه الهيئة ستكون الخطّ الأوّل للدفاع عن الحرمة الجسدية وعن كرامة المحرومين من الحرية، معتبرا أن مثل هذا اللقاء الذي يجمع مختلف الأطراف المتدخلة من جهات رسمية وأخرى تشريعية ومكونات المجتمع المدني و نشطاء حقوقيين سيفضي حتما إلى إيجاد سبل وآليات تسمح بتدارك النقص الحاصل في الترشحات للهيئة وتدعم الإقبال على العضوية فيها اعتبارا لجسامة المسؤولية الوطنية والحقوقية التي ستضطلع بها .. ومن جانبها أفادت سعاد عبد الرحيم رئيسة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني التأسيسي أن اللجنة قررت التمديد في أجال الترشح مرة أخرى ، مشيرة إلى أنه تم نشر قائمة الملفات المنقوصة أو التي بها خلل شكلي على موقع " واب " المجلس ، مبينة أن النقص حاصل أساسا في سلك القضاة المتقاعدين وفي الترشحات المتعلقة بالمختصين في الطفولة .. ودعت رئيسة اللجنة إلى ضرورة التفاعل الايجابي مع هذا التمديد و الإسهام كل من موقعه في تركيز هذه الهيئة لتكون حلقة أساسية في القطع مع ممارسات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان .. أما الدكتور فتحي التوزري كاتب الدولة للشباب السابق وعضو لجنة إعداد مشروع القانون الأساسي المنظم لإحداث الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فقد عبر عن عميق استغرابه إزاء التعطيل الحاصل في تركيز الهيئة مؤكدا على دور الإعلام في إسناد هذا المكسب الوطني الذي يجعل من تونس الأولى عربيا والخامسة افريقيا في إحداث آلية وقائية من التعذيب، مشددا كذلك على ضرورة وجود حاضنة شعبية تقودها قوى المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان للتشجيع على إنجاح إرساء هذه الهيئة و تيسير إمكانيات عملها لما لها من فائدة على كل مكونات المجتمع وخاصة منهم ضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان بأشكالها المختلفة ما ظهر منها وما بطن.