لم تسمح الظروف بان التقي بالزعيم أحمد بن صالح ...ولولا مكالمات تليفونية متباعدة بيني وبينه لما عرفته أصلا مع أن شقيقه الهادي بن صالح كان صديقي ...ولكنني كنت منذ طفولتي استمع بشغف لبن صالح وهو يخطب ...وكنت بحكم سني لا أفهم الكثير مما كان يقوله ولكن كانت بعض المفردات ...أو الجمل ...او الشعارات تشدني ...واذكر ان عبارة " ليس بالامكان أكثر مما كان " رسخت في ذهني منذ ان استمعت اليها لأول مرة في حياتي وهو يرددها في خطبه ...كان الرجل يسحرني بكلامه فهو خطيب بارع استطيع ان اجزم بان بورقيبة كان يغار منه بسبب هذه الصفة التي كان يتميز بها لانه الوحيد الذي تفوق عليه في الخطابة سلاح بورقيبة واداته الرئيسية في الاستيلاء على الجماهير ...أما قصة الغيرة التي جعلت بورقيبة ينقم على بن صالح وينتقم منه فهي قصة طويلة وهامة في تاريخ تونس ...ثم هي قصة مثيرة جدا تجتمع فيها المحبة بالكراهية ...والأخوة بالعداوة ...والثقة بالشك ...وكم اود لو افصل فيها القول ولكن هل في ذلك نفع وجدوى ...رحم الله احمد بن صالح أحد أهم وأكبر رجال تونس الذين احبوا البلاد وخدموها وأخلصوا لشعبها وقدموا من عصارة نبوغهم ...واجتهادهم ...وفكرهم ما ارتقى بتونس... وتقدم بها خطوات على طريق مقاومة «البهامة» والجهل والفقر...والخروج من الظلام الى النور...إن أحمد بن صالح شاهد كبير على عصره...