حقق المدرب الهولندي رود كرول ثاني انتصار له في ثاني مباراة له على رأس الترجي الرياضي، هذه النتيجة تعتبر عادية جدا لأن فريق باب سويقة وبكل بساطة متعود على جني الإنتصارات المتتالية ولا يشكل هذا الفوز الثاني بالتالي إنجازا بالنسبة للهولندي... الشيء الهام في المقابلة هو أن بصمة هذا المدرب بدأت تظهر للعيان على الميدان، صحيح أن النقائص والسلبيات ما تزال موجودة وصحيح أن الأحمر والأصفر ما يزال بعيدا عن المستوى الذي يسمح له باللعب جديا على التاج القاري بوصفه الهدف الأول والأخير للعائلة الموسعة لكن الثابت والأكيد أن الهولندي بدأ في وضع الحجر الأساس للإرتقاء بآداء الترجي الرياضي إلى أعلى الدرجات وبدأ طابعه الفني الخاص يظهر على مردود الفريق وأكيد أنه بمرور الوقت سيبلغ فريق باب سويقة المستوى الذي يليق فعلا بإمكانياته وطموحاته وأهدافه. الضغط العالي في اللقاءين اللذين قاد فيهما كرول سفينة الأحمر والأصفر كانت أبرز الفرص وأخطرها متأتية من افتكاك الكرة عاليا في دفاع المنافس من طرف المهاجمين، ضد المرسى افتك البلايلي الكرة في العشرين متر الأخيرة لفريق الصفصاف ومرر كرة الهدف للدراجي ثم في لقاء أمس الأول شكلت كل الكرات التي قطعها نجانغ خطرا كبيرا على مرمى النادي البنزرتي... إذن فإن كل هذه المعطيات تفيد أن من أبرز الأشياء التي بدأ يضعها الهولندي هي الضغط العالي وافتكاك الكرة في المنطقة الدفاعية للمنافس ، وقطع الكرة هو النقطة التي أضافها كرول لأن مهاجمي الأحمر والأصفر كانوا يضغطون على منافسيهم لكن دون افتكاك فعلي للكرة وعكس الهجوم بعدها، لقد كان ضغطا « كذابا» ، عن غير طيب خاطر ، لتفادي الملامة والإنتقادات، لا أكثر ولا أقل ، أما الآن فقد أصبحت الرغبة والنية في قص الكرة فعلا موجودتين وهو الأمر الذي لا يتهاون كرول مع كل من لا يؤمنه وهنا بان الفارق في هذا الإطار... الهولندي يدرك جيدا وهو مهاجم من طراز عالمي أن إحداث الخطر ومغالطة المنافس يكونان أسهل في حالة افتكاك الكرة في المنطقة الدفاعية المقابلة وهذه عناصر بانت بوضوح في المقابلتين الأخيرتين للترجي الرياضي. التمريرات القصيرة ... والأهداف الجميلة سجل الترجي الرياضي في مباراة أمس الأول أجمل هدف له على الإطلاق في هذا الموسم وهو الهدف الثاني الذي أمضاه أسامة الدراجي في بداية الفترة الثانية حيث مرت في عمليته الجماعية الجميلة والمنسقة الكرة على كل اللاعبين تقريبا بلمسات قصيرة تمثلت نقطة قوتها وإيجابيتها في سرعتها وهذا ما أحدث الفارق في حقيقة الأمر إضافة إلى التمريرة الحاسمة الدقيقة من نجانغ ثم التعامل مع الكرة في مناسبتين بالرجل اليسرى من صانع ألعاب وانتصارات الأحمر والأصفر في هذه الفترة... هذا الهدف ولئن لم نحسب العدد الصحيح للتمريرات المتتالية التي سبقته فإن كل المعلومات والمؤشرات تفيد أن التمريرات بلغت العشرين تمريرة بالتمام والكمال وهنا تكمن روعة وكذلك جمال وخاصية هذا الهدف... لقطة هذا الهدف وما تخللتها من تمريرات عديدة قصيرة تميّزت بالسرعة تتجلى فيها أيضا بصمة المدرب رود كرول لأنه وبكل بساطة مضى وقت طويل على مثل هذه الأهداف الجماعية في الترجي الرياضي بما أن الإنجازات الفردية طغت على مردوده وصنعت بالتالي انتصاراته في السنوات الماضية... هذه العملية لم تكن الوحيدة الجماعية في مباراة أمس الأول بما أن الشوط الثاني شهد مثل هذه اللقطات التي مرت فيها الكرة على أكثر من لاعب لكن تتويج العملية لم يتم بالصفة المطلوبة ولم تأخذ لهذا السبب نفس الأهمية التي كسبها هدف الدراجي وهذا ما يؤكد أن مثل هذا التغيير وراءه عمل في التمارين ، ووراءها فكر مدرب ، ووراءه طابع معيّن ينكب الهولندي على وضعه في فريقه الجديد... جماهير الأحمر والأصفر خرجت راضية جدا وسعيدة لا فقط بالنتيجة التي مكنت فريقها من البقاء في صدارة الترتيب لكن خاصة بالآداء وهذا التطور الملحوظ الذي سجله اللعب الجماعي . «نجانغ – «الدراجي» : المدفعية الضاربة عائدة ذكرنا في أحد أعدادنا السابقة أن وجه هجوم الترجي الرياضي سيتغيّر كليا حين يستعيد نجانغ مستواه ويلقى الدراجي المساندة من الكاميروني في قيادة الخط الأمامي سواء بناء أو تهديفا... هذا الحكم تأكد في مباراة النادي البنزرتي حيث كان نجانغ وراء الهدفين بتسجيل الأول وباللمسة الأخيرة في الثاني هذا بالإضافة إلى العمل الذي قام به في الهجوم سواء بالضغط على دفاع المنافس وافتكاك العديد من الكرات أو بالمساهمة في البناء والتمريرات وتحضير الهجومات... الكاميروني أشر إلى عودته إلى سالف مستواه وأكيد أنه مطالب بتأكيد ذلك في المقابلات القادمة بداية بمباراة يوم الإربعاء في سوسة بوصفها أول المنعرجات في طريق الترجي الرياضي نحو اللقب وهكذا تكون المدفعية الهجومية الترجية والمتكوّنه أساسا من نجانغ والدراجي عائدة وستشكل أبرز نقطة قوة في الفريق مستقبلا وهذا هام جدا ولذلك عنونا إحدى فقراتنا السابقة « عودة نجانغ في الوقت المناسب» لقناعتنا بمؤهلات هذا المهاجم وبالتالي قدرتها على تقديم الإضافة للخط الأمامي وهو بالفعل المهاجم رقم واحد في الفريق تماما مثلما ذكرناه في العديد من مقالاتنا وأعدادنا الفارطة. الإطمئنان على الإنتصار ... واللعب بالنار كل ما ذكرناه من تحسن وبالتالي من إيجابيات لا يعني بتاتا أن النقائص والسلبيات انتهت في الترجي الرياضي بل بالعكس بان عنصر في اللقاء الأخير خطير جدا وغير مسموح به في فريق كبير ولدى لاعبين محترفين ، فالترجيون وحين تسجيل الهدف الثاني اطمأنوا على الفوز وقل تركيزهم وتراجع اندفاعهم وبالتالي آداؤهم ومستواهم... لقد ظنوا منذ الدقيقة الثانية من الشوط الثاني أن اللقاء انتهى وأن الفوز لفائدتهم وهذا خطير وغير مقبول ولا معقول وبعيد جدا عن العقلية الإحترافية والجدية التي يجب أن يتمتع بهما لاعب في فريق كبير وهذا هو الخطا الذي وقع فيه الترجيون وكاد يكلفهم غاليا بما أن النادي البنزرتي كان قريبا من التعديل بعد تذليل الفارق... منطق كرة القدم والإحتراف والإنضباط يقول إن الترجي الرياضي وبعد الهدف الثاني الجميل سيضيف الهدف الثالث ولم لا الرابع ويخرج بفوز عريض جدا لكن هذا المنطق خالفه لاعبو الأحمر والصفر بعقلية هاوية لعبوا بسببها بالنار وكانوا أن يخسروا نقطتين ثمينتين. في الحقيقة كان هذا التراجع منتظرا لمن يملكون دقة الملاحظة لأن عملية ما بعد الهدف الواضح والشرعي بل والرائع والجميل توقف خلالها اللعب لا ندري لأي سبب ورأينا البرقاوي يهوج ويموج على الحكم وهنا تدخل لاعبو الترجي الرياضي مثل الراقد وشمام لتهدئة الخواطر و» التلحليح» بالبرقاوي وتقبيله حتى يكف عن بعض الكلام تجاه الحكم وهنا فقد لاعبو الترجي الرياضي كل تركيزهم وحصل ما حصل وأخذ النادي البنزرتي بزمام الأمور خصوصا أن لاعبيه كانوا أكثر إصرارا واندفاعا من الترجيين الذين يبدو أن عمليات التقبيل والعناق أنستهم المنافسة والذود على لوني فريقهم. من أسوإ مقابلات الراقد نبقى مع السلبيات لنشير إلى أن مباراة أمس الأول كانت الأسوأ لحسين الراقد الذي كان في كل اللقاءات السابقة أحد أفضل اللاعبين قبل أن يتراجع مردوده السبت الفارط ... السبب لا يعود حسب رأينا وحسب ما شاهدناه لعوامل فنية أو تكتيكية أو بدنية وهي نقطة قوة هذا اللاعب بل بسبب سياسته المنتهجة على الميدان من خلال كثرة الكلام سواء مع الحكم أو وخاصة مع المنافس بموجب ودون موجب لأن عدة لقطات لم تكن تستدعي تدخله ولا حديثه مع لاعبي الفريق المقابل وكان أجدر به التركيز على فريقه وعلى عمله والدور المطلوب منه... بعض جماهير الأحمر والأصفر تتهم الراقد بانتهاج «السياسة» ومطالبته بالقيام بها خارج الميدان لا على حساب الترجي الرياضي ونتائجه لكننا لا نصل إلى هذه التهمة ولو أننا نطلب من هذا اللاعب المحترم العودة للتركيز على اللعب وعلى المردود قبل أي أشياء أخرى لا تغني الترجي الرياضي من جوع ولا تساهم في نتائجه الإيجابية إطلاقا.