شرعت أمس لجنة التشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي في إعداد الصيغة النهائية لمشروع القانون الانتخابي مع تقرير مفصل له يضبط أهم النقاط التوافقية والخلافية، ومنها إيداع المشروع لدى مكتب المجلس ليحدّد موعدا رسميا لعقد جلسة عامة تتكفل بمناقشة القانون نقاشا عاما ومفصلا ومن ثمة البدء في المصادقة عليه فصلا فصلا. ولم يغب الجدل والخلاف بين النواب بمختلف انتماءاتهم السياسية أثناء مراجعتهم لمجمل فصول القانون الانتخابي ووضعهم ل«اللمسات الأخيرة» على المشروع قبل إيداعه مكتب المجلس، حيث مثّل الفصل 26 من القانون والمتعلّق بالتناصف العمودي والأفقي، والذي ينص في مضمونه على أن «تقدّم الترشحات على أساس مبدإ التناصف بين النساء والرجال وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة وبين رؤساء القائمات الحزبية والاتلافية. وألا تقبل القائمة التي لا تحترم هذا المبدأ الاّ في حدود ما حتمه العدد الفردي للمقاعد المخصصة لبعض الدوائر. وتتضمن كل قائمة مترشحة وجوبيا مترشحا لايتجاوز عمره ثلاثين سنة من تاريخ تقديم الترشح على أن يكون ترتيبه ضمن الثلاث الأوائل في القائمة» فاتحة سجال طويل بين النواب أخذ كثيرا من الوقت، بعدما أثار بعضهم إلزامية احترام قائمات الأحزاب المترشحة لنسبة ال 30 ٪ في التناصف العمودي أثناء الفترة الانتخابية، و ظهور أربع أراء مختلفة فيما بينها رفضت ثلاث منها بعد أن تاهت بالجميع، أوّلها كان من قبل النائب أيمن الزواغي عن «تيّار المحبة»، دعا في مقترحه الى حرمان الحزب أو التيار من التمويل اذا ما أخّل بنسبة 30٪ من التناصف ، وثانيها كان من اقتراح كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع العام، دعت فيه إلى اسقاط القائمات حتى يقع الاستجابة لنسبة ال 30٪، وثالثها كان من قبل كل من صالحة بن عائشة وناجي الجمل عن حركة «النهضة» إذ دعيا من خلاله الى ضرورة ابقاء الفصل على حاله دون سنّ عقوبة وكان مصيره كسابقيه ليأتي اثرها مقترح رابع توافق حوله غالبية نواب اللجنة وتقدّم به كل من أحمد نجيب الشابي عن الحزب الجمهوري و سامية عبو عن التيار الديمقراطي والطاهر الإلاهي عن حركة التونسي دعوا في محتواه الى ضرورة أن تراجع هيئة الانتخابات ترتيب بعض القوائم وتكون على رأسها امرأة حتى حصول القائمة على نسبة ال30٪ المطلوبة. فراغ في النص القانوني من جانبها أوضحت كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع العام ل«التونسية» أنّ مراجعة القانون الانتخابي من حيث الصياغة أفضى إلى اتضاح وجود نوع من الفراغ في النص القانوني في بعض المسائل، كان لا بدّ من ملئها مع مراعاة ضرورة التطابق والتلازم بين أبواب وفصول المشروع، مفيدة في ذات الصدد أنّ التقرير النهائي للجنة التشريع حول القانون الانتخابي والمزمع انجازه اثر الانتهاء من إعداد الصياغة النهائية للمشروع مرتبط بما سيفضي اليه تقريرا لجنة الحقوق والحرّيات والعلاقات الخارجية ولجنة المالية، اضافة الى التوصيات الوارد قدومها في الساعات المقبلة من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في خصوص بعض النقاط المتعلّقة أساسا بتحديد الآجال على حدّ وصفها، ومشيرة في الآن ذاته الى أنّ لجنة التشريع أقرّت جميع توصيات ومقترحات هيئة الإعلام في القانون الانتخابي، مؤكّدة أنه من المرجح تقديم التقرير النهائي لمشروع القانون الانتخابي لدى مكتب الضبط يوم الاثنين القادم، ومن ثمة عرضه على مكتب المجلس ليقرر عقد جلسة عامة في الغرض. خلافات هامة وللتنويه، يتضمن مشروع القانون الانتخابي 167 فصلا، تمّت مناقشتها لفترة طويلة احتدت فيها الخلافات بين نواب اللجنة لا سيّما في الفصل الذي ينص على العزل السياسي وهو الفصل 15 من المرسوم الانتخابي عدد 35 وعزل المورطين مع النظام السابق من الانتخابات القادمة. كما من المرجّح أن يحتدّ الخلاف حول هذا الفصل في الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مشروع القانون الانتخابي، خاصة أن الخلافات بين الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس التأسيسي قد توسّعت في وقت تتواتر فيه أنباء عن انقسام نواب حركة «النهضة» ذات الأغلبية النيابية حول التصويت على هذا الفصل. كما تمثل أيضا نقطة تزكية القائمات أكبر النقاط الخلافية في نقاشات القانون الانتخابي، وقد عرفت رفضا من أغلب أعضاء لجنة التشريع العام، وهي نقطة يمكنها اعاقة تقدم النقاش في الجلسة العامة،اضافة الى النقطة المتعلقة بباب الجرائم والعقوبات الانتخابية، إذ تصرّ بعض الأطراف على تشديد العقوبات وجعلها عقوبات صارمة وردعية. وجميع هذه النقاط الخلافية مجتمعة يمكن لها أن تطيل في المدّة الزمنية للمصادقة على القانون الانتخابي، وقد تتجاوز أكثر من أسبوعين، إذا ما اعتبرنا عدد الفصول في القانون والمقدرة ب167 فصلا.