هي «غسّالة النّوادر» بكل المقاييس في خصوص الختم على ما يُعرف في الشأن التلفزي بالبرمجة الشتوية وفتح بوّابة البرمجة الصيفية بما في هذا الفصل من مناسبات وطقوس وعادات والتزامات.. فما بالك وصيف هذه السنة يتزامن مع شهر رمضان بخصوصياته حتى ندرك أن قنواتنا التلفزية ستضرب حتما عصفوريْن بحجر واحد وهي حاليّا تسترجع أنفاسها بعد أن خنقتها طويلا البرامج الحوارية بطابعها السياسي إلى حدّ جعل جمهور النظارة يفرّ صوب كل قناة تهبه جرعة أوكسيجان.. وحتى البرامج الرياضية وقد احتكرتها كرة القدم في القناة الوطنية الأولى والثانية و«حنبعل» و«نسمة» و«التونسية» و«الجنوبيّة» لم تعد تشد هواة «الجلد المدوّر» إذ هالهم ما تعرفه بطولتنا من سقم وضعف وخنّار فولّوا وجوههم إلى القنوات المشفّرة وأصبح جمهور «ريال مدريد» و«برشلونة» أكثر من أنصار الترجي والإفريقي في انتظار العرس الكروي العالمي. «عندي ما نقلك».. مرآة المجتمع رغم ما في هذا البرنامج الاجتماعي الذي يشرف عليه علاء الشابي بقناة «التونسية» من تجاوزات لفظيّة وإيحائيّة لم يتعوّد عليها جانب هام من جمهور النظّارة المحافظ تنشئة وممارسة فإنّه شدّ إليه جمهورا عريضا من كل شرائح المجتمع التونسي لأنّه رأى فيه واقعه وصورته المخفيّة في قلوب الملتاعين وبين آهات المحرومين في أركان وزوايا «الدشر» والقرى وضواحي المدن.. ووهب هذا البرنامج دروسا للناس يتعظون منها بعد أن تمكّن «علاء الشابي» من اختراق مساحات محاطة بالأسلاك الشائكة وعرّى عنها متحدّيا الضغوطات العائلية والقوالب الدينيّة.. فكان أن نجح نجاحا كبيرا لقاء نسبة المشاهدة المرتفعة لأنّ كل ما فيه هو «من قاع الخابية». «حريم السلطان».. في كلّ مكان وعلى كلّ لسان هو مسلسل متكامل مثلما يعبّر عنه المشاهدون لطابعه التاريخي والسياسي الدّسم والثّقيل.. يبدأ من تاريخ «تركيا» الإسلامية لما كانت الباب العالي في الدولة العثمانية العظيمة وينتهي عند الواقع العربي الحالي الذي يجمع بين الراعي والرعية أي الحاكم والمحكوم.. «سليمان القانوني» الملك الذي تدور حوله كل الأحداث في شتّى توهّجاتها واللولب الذي يحرّك حوله كل الشخصيات في تصوّر رائع وإيقاع رهيب وحبكة فظيعة وتسلسل نابض وحوار شاعري وديكور رومانسي بديع مما جعل هذا المسلسل «المدبلج» على قناة «نسمة» «يشد الكبير والصغير.. ولّي يدبي على الحصير» لأنّ كل ما فيه يضرب في الصّميم لغة وجمالا وقداسة جعلت «التراجيديا» تسمو إلى هامات الفعل الإبداعي. «شوفلي حل».. هو الكلّ هو مسلسل قديم جديد لم تتأخّر القناة الوطنية 2 عن إعادة بثّه وجلب عدد محترم من النظارة من كل الفئات العمرية لما في هذا «السّيتكوم» من اشتغال على اللهجة التونسية الثرية بالضمار والدعابة والهزل والديباجة والقوالب والحكم لقاء شخصيات من العيار الثقيل لها صورها في المجتمع التونسي وعلى رأسها «السبوعي» من أضفى على هذا العمل الفنّي الكثير من البهارات قبل أن يفرض مسلسل «نسيبتي العزيزة» حضوره في قناة «نسمة» ليضع اللهجة الصفاقسية محملا اجتماعيا في صلب أحداث تتنوّع حسب الشخصية والمكان خاصة بتواجد كلّ من «فرحات هنانة» و«يونس الفارحي» و«خالد بوزيد» إلى جانب المرحوم سفيان الشعري ومنى نورالدين وكوثر الباردي.. بين أحضان المدينة العتيقة في صورتها التقليدية المباشرة. من «شريك العمر» و«لاباس».. إلى «ديمانش حنّبعل» و«كلام النّاس» بين المسرح والتنشيط تمكّن «جعفر القاسمي» عبر «شريك العمر» في القناة الوطنية الأولى من تأثيث سهرة يوم الخميس حسب أسلوبه وعلى طريقته المرحة ذات الطابع الفكاهي في حصّة عمودها الفقري لقاء الأزواج في مسابقة طريفة كثيرا ما جلبت إليها النظارة من تغيّر عددهم ما بين بدايات الحصة وحلقاتها الأخيرة.. وبطريقة تحسب له لأنّه ينفرد بها قدّم نوفل الورتاني حصّتين تختلفان في الديكور ولكنهما وجهان لعملة واحدة اشتغل فيهما المنشط بذكاء على إيقاع الشارع في كل المجالات.. فكان أن دعا إليه السياسي والفنان والعسكري وغيرهم من الشخصيات التي أفرزتها ثورة 14 جانفي والفترة التي تولّدت عنها وذلك بفضاء قناة «التونسية». وفي نفس التوجه الذي اعتاده النظارة عشيّة كلّ أحد تقدّم قناة «حنبعل» منذ مدّة منوّعة تلفزية ينشطها «عبد الرزاق الشابي» طبقها الرئيسي الغناء من قبل فنانين تونسيين في اللون الطربي والشعبي إلى جانب فقرة كروية يقدّمها على طريقته القيدوم «المنصف بن سعيد» ويكون جمهور النظارة حسب الفنانين المدعوين لهذه الحصّة التي تتراوح أطباقها بين الحوار والموسيقى في المجال الإبداعي والثقافي. «لمن يجرؤ فقط».. بين الجدّ والهزل تمكن «سمير الوافي» من التمرّس بتقنيات الحوار وأصبح في برنامجه «لمن يجرؤ فقط» يستضيف شخصيات سياسية وتربوية واقتصادية وعسكرية مهمّة ولكن كثيرا ما تحصل القطيعة مع الفرجة لمّا تتحوّل الأسئلة من الجد إلى الهزل وينزل الحوار إلى مستوى أدنى مقارنة بشخصية الضّيف الذي كثيرا ما يكره التفاعل والتجاوب مع مستضيفه لقاء سذاجة بعض الأسئلة التي قد يحكمها شكل البرنامج. بين اليوم والأسابيع المقبلة سيأتي حتما الجديد مع مفاجآت ستحكمها حتما سهريات شهر رمضان الكريم من أجل المتعة والفرجة والإثارة.