بقلم : أبوغسان انتهت أمس عملية تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية المقبلة. ومن المنتظر أن تشهد الساحة السياسية في الأيام المقبلة انطلاق «المواجهة» بين الأحزاب السياسية بعد أن كانت المعارك في الأيام الأخيرة داخلية بالأساس من أجل الفوز بمكان متقدم في القائمات الانتخابية. وبالنظر إلى ما جرى داخل بعض الأحزاب من خصومات ومعارك وصلت لدى البعض إلى حد تبادل الاتهامات والتشهير والتجريح والإساءة بين أبناء الحزب الواحد والعائلة السياسية الواحدة، هناك خشية كبيرة أن تتجاوز المعارك الانتخابية المقبلة كل الخطوط الحمراء، وأن «تشتعل» حرب الإطاحة بالخصوم السياسيين بكل الأساليب ومهما كان الثمن. لسنا في وارد إعطاء مواعظ أو دروس في الأخلاق والسلوك السليم للأحزاب السياسية ولقادتها وإطاراتها وقواعدها وأنصارها، ولكن الشعب ينتظر اليوم من الأحزاب السياسية التي ستشارك في الانتخابات وخاصة تلك المؤهلة للفوز بها برامج ومقترحات حول مشاغله وقضاياه الراهنة وحلولا للمشاكل العديدة التي يتخبط فيها. ماذا ستفعلون بالحكم ..؟ هذا هوالسؤال الذي ينتظر التونسيون من الأحزاب السياسية الإجابة عنه .... أما المعارك الجانبية للأحزاب، واتهامات بعضها لبعض ومحاولات التشهير فهي لم تعد تهم أغلب التونسيين العاديين وغير المتحزبين بل تثير اشمئزاز الكثير منهم. هذا السؤال يجد مشروعيته اليوم بحكم أن العديد من الأحزاب التي ستدخل غمار الانتخابات المقبلة وبعضها يعتبر نفسه من «الأحزاب الكبيرة» والفاعلة على الساحة السياسية لم تبرهن حتى الآن على أنها تدرك تماما حجم المصاعب التي تعيشها البلاد وما تتطلبه من حلول عاجلة حتى لا تزداد الأوضاع سوءا. لقد أضاعت تونس منذ انتخابات أكتوبر 2011 الكثير من الوقت.. ودخلت البلاد في متاهات خطيرة جدا خاصة على المستوى الأمني والاقتصادي. وخلال بعض الأزمات التي مرت بها البلاد لم يشعر التونسيون أن الأحزاب السياسية تفاعلت مع الأوضاع الصعبة بالشكل المطلوب بل أحسوا أن الأحزاب السياسية غلبت في العديد من الأحيان حساباتها الظرفية ومصالحها الضيقة.. والحال أنه كان بالإمكان تجنب العديد من الخسائر لوتحلت الأحزاب السياسية بقدر أكبر من روح المسؤولية، والوفاق الحقيقي الذي يراعي خصوصيات المرحلة الانتقالية المعقدة والصعبة التي عاشتها وتعيشها البلاد. إن استخلاص الدروس من السنوات الثلاث الأخيرة لا يزال ممكنا. وعلى الأحزاب وهي تستعد لدخول غمار المعركة الانتخابية أن تقرأ جيدا المرحلة الراهنة داخليا وإقليميا وعالميا. ونحن نعتقد أن مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة تتطلب التركيز على ملفين أساسيين هما التهديدات الإرهابية والملف الاقتصادي بكل تعقيداته الكبيرة. لقد أصبح التونسيون خائفين من المستقبل بسبب الوضع الأمني والوضع الاقتصادي وهم ينتظرون من الأحزاب إجابات حول هاتين المسألتين باعتبارهما من الأولويات الهامة وهم ينتظرون من الأحزاب أن تقدم مقترحاتها في هذين الملفين بالخصوص حتى يتسنى لهم الإطلاع على الأفكار والمقترحات والمقارنة بينها والاختيار على ضوء ذلك من يرونه مؤهلا أكثر لحكم البلاد في الفترة المقبلة .