تضمن الفصلان 11 و12 من مشروع قانون المالية لسنة 2015 إحداث صندوق لإعادة هيكلة وتعصير القطاع البنكي، ويندرج بعث هذا الصندوق الجديد في إطار تجسيم التوجهات الإستراتيجية الجديدة لتدخّل الدولة في تمويل الاقتصاد ومن أهدافه مرافقة عملية إعادة هيكلة القطاع المالي بما يساعد على تجسيم مختلف الإصلاحات التي تم إقرارها في المجال والتي تشمل أهمّ مكوّنات منظومة تمويل الاقتصاد، والمساعدة على تدعيم الأسس المالية للبنوك العمومية من خلال دعم مواردها الذاتية. وسيتم تمويل هذا الصندوق باعتمادات من ميزانية الدولة مخصّصة لرسملة البنوك العمومية ومن المبالغ المتأتية من التفويت في المساهمات غير الاستراتيجية للدولة في البنوك ومن أية مبالغ أخرى قد توضع على ذمته. ولم يضبط مشروع قانون المالية الجديد رأس مال هذا الصندوق ومن المنتظر بعد المصادقة عليه من طرف مجلس نواب الشعب إصدار الأوامر الترتيبية المنظمة لتركيبته وطريقة عمله وتدخله. ونص الفصل 11 من مشروع قانون المالية لعام 2015 على فتح حساب خاص في الخزينة بدفاتر أمين المال العام للبلاد التونسية يخصّص لتمويل عمليات إعادة هيكلة القطاع البنكي وتعصيره يسمّى « صندوق إعادة هيكلة وتعصير القطاع البنكي» وتضبط تدخلات هذا الصندوق وطرق تسييره بأمر، ويتولى الوزير المكلف بالمالية الإذن بالدفع لمصاريف الصندوق وتكتسي نفقات الصندوق صبغة تقديرية. وبين الفصل12 أن موارد «صندوق إعادة هيكلة وتعصير القطاع البنكي» تتأتى من مردود بيع أسهم الدولة في المؤسسات البنكية ، والقروض والهبات، وكل الموارد الأخرى التي يمكن توظيفها لهذا الصندوق بمقتضى التشريع الجاري به العمل. وجدير بالتذكير أن تونس شرعت منذ سنة 2013 في انجاز التدقيق الشامل في البنوك العمومية الثلاثة (الشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان والبنك الوطني الفلاحي) بتوصية من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في إطار إعادة هيكلة هذه البنوك العمومية المثقلة بالديون وتطهير وضعيتها المالية حتى تتمكن من أداء دورها في تمويل الاقتصاد والاستثمار ولتكون قاطرة لبقية البنوك الأخرى. وقد خصصت الحكومة الفارطة والحالية 1000 مليون دينار ضمن قوانين المالية لسنتي 2013 و 2014 لإعادة رسملة البنوك العمومية غير أن العملية تعثرت نسبيا بفعل الوضعية المالية للبلاد والظروف الاقتصادية وخاصة عدم مصادقة المجلس الوطني التأسيسي على مشروع قانون إعادة رسملة البنوك العمومية الأمر الذي جعل المؤسسات المالية الدولية المانحة (خاصة البنك العالمي) تجمّد القرض المالي الذي تبلغ قيمته 500 مليون دولار لتونس بعنوان سنة 2014 غير أنه اثر نجاح الانتخابات التشريعية الأخيرة قرر البنك العالمي مساندة تونس في الفترة القادمة والموافقة على الإفراج عن هذا القرض المخصص لدعم ميزانية البلاد بعنوان سنة 2014. كما يشار إلى انه تم الانتهاء من عمليات التدقيق الشامل للبنوك العمومية الثلاثة وآخرها كان منذ بضعة أيام حيث تمّ خلال جلسة عمل وزارية استعراض نتائج التدقيق الشامل في البنك الوطني الفلاحي الذي تأخرت مقارنة ببنك الإسكان والشركة التونسية للبنك. ومن المرجح ان تتم بعد ذلك عمليات تطبيق سيناريوهات إعادة هيكلة هذه البنوك والتي لن يتم الشروع فيها إلا مع الحكومة الجديدة سنة 2015.