التونسية (تونس) كيف ينظر الى الأوضاع في ليبيا وآفاق التوصل إلى تسوية؟ ماذا عن رؤيته للدور الذي يمكن أن تضطلع به تونس في هذا الإتجاه؟ وما رؤيته لتأثيرات ما يجري في الجارة الجنوبية على الوضع بتونس؟ وماذا يقترح لحلحلة قضية التنمية في الجنوب التونسي؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «التونسية» على د. مختار زغدود رئيس جمعية الأطباء التونسيين في فرنسا ولفيف من الجمعيات في تونس منها جمعية «آفاق الجنوب التونسي» فكان معه الحوار التالي: بوصفكم من المطلعين على الوضع الليبي وأساسا منذ 17 فيفري 2011 كيف تبدو لكم الأوضاع في ليبيا اليوم؟ ما يلاحظ ان هناك للأسف حالة انزياح الثورة الليبية عن هدفها الأساسي وهو الحرية والعمل من أجل توحيد الجهود للخروج بليبيا من التخلف والإلتحاق بركب الأمم المتقدمة. إن الشعب الليبي الصغير في عدده والكبير بتاريخه وثرواته الطبيعية وطاقاته البشرية يملك جميع مقومات النمو والإزدهار وقد أصبح اليوم في حالة انقسام واقتتال وعرضة للأطماع الأجنبية. وهذه الوضعية تزعج الليبيين كما تزعج الجيران خاصة تونس التي يجمعها بليبيا تاريخ نضالي وتشابك وتلاقح اجتماعي كبير. واليوم فإن الصراع الذي تعيشه ليبيا يرتكز على 3مكونات أساسية: القوة الأولى وهي «فجر ليبيا» التي تسيطر على السواحل الممتدة من سرت حتى رأس جدير، اي الحدود التونسية وخاصة طرابلس وهذا ما يعتبر مؤشرا ومكونا هاما سياسيا وميدانيا لا بد من أخذه بعين الإعتبار خاصة وأنه يمثل جانبا هاما من قوى ثورة 17 فيفري 2014 ولهذا الفريق حكومة ووزراء ويعتبر نفسه صاحب الشرعية. القوة الثانية وتتمركز في شرق ليبيا وأساسا في مدينة بنغازي ويشرف عليها اللواء خليفة حفتر الذي يحظى بدعم صريح من مصر والإمارات ولهذه القوة حكومة تساندها وتؤكد أن لديها شرعية. وتبقى القوة الثالثة وهي محدودة العدد والوجود على الأرض وتتواجد في مدينتي درنة وسرت وهوما يسمى «تنظيم الدولة» وهو العنصر الأكثر تهديدا لوحدة ليبيا وقد يكون تعلة للتدخل الأجنبي المباشر ولتقسيم ليبيا الى دويلات وهو ما يهدّد أمن دول المغرب العربي وخاصة تونس. هل هناك حسب رأيكم إمكانية لحل سياسي في ليبيا يحول دون تدخّل أجنبي ودون تفكّك ليبيا؟ لقد بذلت جهود واضحة من أجل الحيلولة دون تدخل أجنبي وذلك خاصة من طرف تونس والجزائر وأعتقد أنه من الضروري اعطاء فرصة للمجتمع المدني في ليبيا بالاساس على أنّ تدعمه جهود من تونس من أجل بلورة حل يلتقي حوله الفرقاء وهذا يبقى لحد الآن في باب الوارد والممكن. ومن خلال معرفتنا بالمشهد الليبي وخصوصياته ومن خلال علاقتنا التي أقمناها مع الإخوة الليبيين اثناء الثورة خاصة الميدان الصحّي بامدادهم من خلال رحلتين متتاليتين بأكثر من 40 إطار طبيا وشبه طبي في شتى الاختصاصات حيث قام الاطباء بتقديم خدمات كبيرة للجرحى خلال المعارك الضارية التي كانت تعيشها كل من طرابلس وبني الوليد وأدرك أنّ الاخوة الليبيين لا يمانعون بل يرغبون في وقوف أشقائهم التونسيين إلى جانبهم من أجل بلورة حل عميق وجاد للتوصّل إلى اتفاق ينهي الاقتتال ويرضي جميع الاطراف، ونحن بصدد التحاور مع عدد من الجمعيات الفاعلة في تونس وليبيا حتى ندفع في هذا الاتجاه. نمرّ إلى الوضع في الجنوب التونسي، كيف يمكن حسب رأيكم خلق ديناميكية تنمية في الجنوب التونسي؟ هذا موضوع مهمّ وجوهري وحيوي سواء بالنسبة لتونس أو بالنسبة لعلاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين في تونس وليبيا لأن المشكل الأساسي في الجنوب التونسي وخاصة في مدينة بن قردان وما جاورها هو المعبر الحدودي إلى جانب قضية التنمية وبدونهما لن تستقر الأوضاع في هذه الجهة الحدودية المهمة. فبالنسبة لمعبر « رأس جدير» فهو المتنفس الأهم بالنسبة للاهالي إن لم نقل شريان الحياة وإن أي مساس به وعدم المرونة في اتجاه تسهيل العبور يحمل انعكاسات سلبية من شأنها أن تعطل الحياة الاقتصادية بالجهة. والأتاوة التي فرضت من الجانب التونسي على الأشقاء الليبيين تعتبر إجراء خاطئا وغير مدروس وتبعاته سلبية على الجميع بل فيه تناقض ومساس بعدة مبادئ دستورية وكذلك سياسية وحضارية بل واستراتيجية وأتمنى أن يتدارك البرلمان هذا الأمر في المدة القريبة القادمة فيتراجع عن هذا الإجراء . أما المشكل الثاني فهو التنمية والوعود المعلقة منذ الثورة ، ولا ننسى أن مدينة بن قردان هي مدينة الشرارة الأولى وذلك من خلال تحرّكات رمضان2010 التي وقع التعتيم عليها. ولكن يتم اثر ذلك تجاهل هذه المدينة تنمويا وهذا يمثل مفارقة غير مفهومة ولا بد بالتالي من الاسراع بمعالجة هذا الخلل باتخاذ قرارات واضحة وسريعة للانطلاق في انجاز مشاريع المنطقة الحرة وتخصيص جزء من مداخيل المعبر للاستثمار في المنطقة حتى تتحرّك التنمية بالجهة.