التونسية (تونس) «لعل إحدى أهم الخاصيات المميزة لتجربة مالك بن عربية هي حرصه على إنتاج خطاب روائي مواز للممارسة الإبداعية حيث يمكن تقديم هذه الرواية باعتبارها رحلة بين البرزخ ووادي السلام» هكذا قدم الدكتور محمد حسين فنطر كتاب «حكايات من البرزخ» في حديثه ل «التونسية» حيث وصفه بلوحة رسمها الأديب الشاعر بملونة الربيع العربي ويمكن قراءتها كرحلة في ربوع عروبة ثائرة نفخ الغضب فيها من روحه فكان الرفض والتمرّد والتحطيم والنّصب والموت والشنق وتحليل الحرام وتحريم الحلال واختلاط الحابل بالنابل. وأضاف الدكتور فنطر أن هذه الرواية شاملة في رؤيتها حيث تناولت مواضيع شتّى وأنّ موضوعها المحوري يتناول الثورة في العالم العربي من سرت ليبيا الى وادي الرافدين انطلاقا من تونس. وأكد حسين فنطر في جانب آخر أن المؤلف مالك بن عربية اثار عديد القضايا في سرده كالتي تتعلّق بسلوك بعض الذين يدّعون أنّهم يدافعون عن الاسلام ويريدون اعادة بناء الدولة الاسلامية وأنّه صوّر مشاهد ممّا يحدث في الجبهات السورية وفي اقليم حلب بالذّات وقال «عليك بحلب وسترى العجب» وأنه أفرد لهذا الموضوع فقرات تشدّ القارئ وتطرح أكثر من سؤال مضيفا: «وقد شدّني شخصيّا التنويه بالسفر الذي يعلّم الانسان ما لا يعلم» ملاحظا أنّ صاحب الرواية نوّه بقيمة المحاولة في ملحمة البشرية حتّى كأنّ الانسان لا يكون انسانا الا اذا حاول مضيفا أنّ المبدع في هذا الموضوع : «والأهمّ ... هوّ أن يتسلّح الفرد بحبّ المحاولة والفلسفة محاولة بل قل انّ الوجود محاولة والأدب محاولة... وأضاف مقدم الكتاب أن القارئ سيجد في هذه الرواية وصفا لسلاطين تجبروا وقهروا وطغوا في البلاد فثارت عليهم شعوبهم وتمرّد الشباب يطالب بالحرية والحياة الكريمة والمساواة وأن في نسيج الرواية خيوطا تمّ اقتباسها من أساطير الأولين وأن المؤلف أشار إلى قضايا أخرى عديدة منها اللغة والدين ودور كليهما في سبك الهوية وهل لهما من القوّة ما يمكّنهما من توحيد شعوب يتكلّمون العربية ويدينون بالإسلام؟ وقال فنطر أنّ الواقع المعاش يجيب بالنفي عن هذا السؤال وأنّ الشعوب العربية المسلمة لم تستطع السير في طريق الوحدة وفي الرواية حضور سفينة اسرائيلية مكّنت المسافرين ابن بطوطة وابن خلدون من الإبحار نحو الربوع السورية ملاحظا أنه لا بدّ من إشارة إلى الدير حيث وجد المسافران في أرض العروبة من يطعم من جوع ويؤمن من خوف. وقال إنّ في الرواية كلمات مأثورة لابن القيم والشافعي وابي العلاء وعمر المختار وهي لوحة أدبية يجد فيها القارئ ما يمتع ويفيد خصوصا أن الكاتب لم يتردد في التعبير اختزالا عن مواقفه السياسية ومن ذلك إشارته الى الشيخين اللذين يحكمان البلاد أحدهما يتحدّث عن العقل والآخر يتكلّم عن الدين وبالتالي يمكن القول إن هذه الرواية تناولت الواقع بأسلوب خرافي محشو بالمواقف والحكم كقول الراوي «ما أكثر العبر وما أقلّ الاعتبار».