يلاحظ المار بساحة باب بحر والشوارع المجاورة لها حركة كثيفة امام الباعة المتجولين وهي إشارة واضحة الى عودة الانتصاب الفوضوي في مدينة تونس بعد أن صدر خلال الأشهر القليلة الماضية بلاغ من وزارة الداخلية يمنع هذا النشاط الذي يمارسه العديد من الباعة دون رخصة وسط امتعاض بعض اصحاب المحلات وتخوفهم من رجوع الانتصاب الفوضوي بقوة وأن تكون حالة الهدوء التي عاشتها العاصمة خلال الأشهر الماضية مجرد هدنة مع عدم تحصل النصابة إلى حد الآن على الفضاء الذي تعهد مجلس الولاية بتهيئته ليحتضن أكثر من 1000 بائع ويكون ذلك الحل النهائي لمسألة الانتصاب الفوضوي في مدينة تونس .فهل تعود ظاهرة الانتصاب الفوضوي ؟ ومتى يقع تنفيذ الحلول الجذرية ؟ يأس الباعة وعدم ثقتهم بالوعود سامي صاحب عربة أكلة خفيفة بجانب مقر ولاية تونس قال لنا "أنا موجود في هذا المكان منذ سنة 98 وكل من يعمل في الولاية يعرفني ، أعاني أوضاعا إجتماعية صعبة وليس لي مورد رزق آخر يعيل عائلتي ومصاريف علاج أخي الذي يعاني مرضا مزمنا " . ومن ناحية أخرى عبر سامي عن يأسه بعد السنين الطوال من الوعود بتسوية وضعيته وإعطائه رخصة لكي يزاول عمله بصفة قانونية وفي الأخير قال بنبرة لا تخلو من اليأس "يا ولدي زايد الزوالي ما يعيشش"... أما محسن صاحب "نصبة " لبيع الجوارب وملابس داخلية رجالية بساحة برشلونة فقال " أنا متحصل على الأستاذية منذ عامين ولم أعثر على عمل لذلك اضطررت إلى بيع بعض الملابس حتى أعيل نفسي رغم أنني أتعرض لمضايقات أعوان الشرطة البلدية وفي أحيان عديدة أضطر إلى الفرار بما أقدر على حمله من سلعي ." وليس ببعيد عن محسن ، تواجد عز الدين اللافي وهو بائع متجول يعتمد الإنتصاب الفوضوي وقد عبر عن إستيائه من حالة الفوضى وعدم الإستقرار التي يعيشها يوميا حيث يضطر لتحويل مكانه عديد المرات في نفس اليوم منذ صدور القرار في سبتمبر الماضي الذي يحجر الإنتصاب الفوضوي وإعتبر أن وعود السلطات بتسوية وضعيته هي وعود زائفة وهو على يقين بأنه لن يتحصل على مكان في الفضاء التجاري الذي يتم إنشاؤه حاليا في شارع قرطاج ليضم كل الباعة المنتصبين فوضويا في شوارع مدينة تونس . وأضاف حتى وإن تم تمكيني من رخصة في ذلك الفضاء فإن وضعيتي الحالية لا تحتمل تأجيل حلها وإلا سوف أجد نفسي عاطلا عن العمل من جديد . وقال عبد الحميد صاحبة "نصبة" لبيع السجائر " إنني موجود في هذا المكان منذ 15 سنة وقد قدمت عديد المطالب إلى الولاية وآخر طلب كان في أكتوبر 2011 وتم تجاهله كغيره من المطالب رغم أنني أعيش ظروفا إجتماعية عصيبة" . وكان محمود بصدد المغادرة على إثر تدخل أعوان الشرطة البلدية في باب بحر فعبر بلهجة كلها غضب وإنفعال "يجب أن أتمتع برخصة لأنني من جرحى الثورة فقد أصبت برصاصتين في ساقي اليمنى مما جعلني أعاني إلى اليوم وأضاف قائلا "إذا تواصل منعي من البيع فإنني سوف أتجه إلى السرقة بما يفتح ابواب السجن لي من جديد " . تخوف من عودة مشكل الإنتصاب الفوضوي من ناحية أصحاب المحلات فإن الإنتصاب الفوضوي يمثل هاجسا كبيرا لهم يتخوفون من عودته إذا لم تقع تسوية وضعية الباعة المتجولين حيث يتسبب لهم ذلك في ضرر مباشر يتمثل في المنافسة غير المشروعة بحكم أن الباعة المتجولين لا يدفعون أي معاليم لبيع سلعهم إضافة إلى حجب واجهات محالهم عن المارة وبالتالي تقل فرصهم في بيع منتوجاتهم. وقد اكد عمر صاحب محل أحذية أنه بعد مرور أشهر من تطبيق قرار منع الإنتصاب الفوضوي بدأت الأمور تعود إلى سابق عهدها مع ظهور الباعة من جديد في نفس الأماكن ولو بصفة جزئية وبذلك سوف يفتح الباب لتوافد باعة آخرين مما يؤدي إلى تفاقم الوضعية من جديد.اما لبنى المسعودي فتقول ضاحكة "لقد عاد الباعة من جديد بسلعهم الراقية " ! في إشارة الى أن بعض المواطنين يحبذون سلع الباعة المتجولين على السلع الموجودة في المحلات لأسعارها المنخفضة . حل المشكل مسألة وقت على إثر إصدار وزارة الداخلية بلاغ في شهر سبتمبر الماضي يقضي بتحجير الإنتصاب الفوضوي تم الإعلان على أن تسوية وضعية الباعة تتمثل في تخصيص فضاء في شارع قرطاج بثلاثة طوابق بتكلفة 2,2 مليون دينار لكي يضم أكثر من 1000 بائع وبالتالي يتم القضاء نهائيا على ظاهرة الإنتصاب الفوضوي كما أن تقديم الرخص سوف يقع بالإعتماد على معيار الأقدمية والحالة الإجتماعية .