افتتح أمس السيد «حمادي الجبالي» رئيس الحكومة ندوة علمية لإعطاء إشارة انطلاق الاستشارات الوطنية حول ميزانية الدولة لسنة 2013 تحت شعار «الإعداد للمستقبل, تنمية عادلة ومندمجة لتونسالجديدة» حضرها عدد من الوزراء على رأسهم السيد «حسين الديماسي» وزير المالية إضافة إلى السيد «مصطفى كمال النابلي» محافظ البنك المركزي وعدد من اعضاء المجلس الوطني التأسيسي. واستدعت الحكومة السيد «جوزاف ستيفنتس» أمريكي الجنسية من كبار خبراء الاقتصاد في العالم ومتحصل على جائزة نوبل للاقتصاد سنة 2001 إلى جانب حضور عدد من الخبراء في مجال المالية والاقتصاد.. واعطى حمادي الجبالي إشارة انطلاق الاستشارات الوطنية حول ميزانية الدولة لسنة 2013 واكد حرص حكومته على ايجاد الحلول المثلى لإشكاليات التنمية في بلادنا من خلال عقد ندوات مشتركة بين الكفاءات الوطنية والأجنبية في إطار تسوده حرية التعبير والاحترام المتبادل . وشدد الجبالي على ان يكون مشروع ميزانية الدولة لسنة 2013 تشاركيا ايمانا منه بأهمية إرساء منهج جديد يقوم على التشاور والحوار بين الحكومة ومختلف الفاعلين في الساحة السياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية من اجل التأسيس لعقد اجتماعي جديد . بداية الخروج من الأزمة اعتبر الجبالي ان اقتصادنا يمر بمرحلة مفصلية وتاريخية في مسار التنمية واشار إلى ان سنة 2012 مثلت بداية الخروج من أزمة اقتصادية لم تعرفها البلاد من قبل اذ تدنى نسق النمو الاقتصادي إلى اقل من 60بالمائة سلبا وبلغ عدد العاطلين عن العمل 800 ألف, وبين انها سنة تاريخية ترتكز على هيكلة جديدة للاقتصاد والتوزيع العادل لثمار التنمية بين مختلف الفئات والجهات وإرساء تقاليد جديدة تستأنس بالمناهج العلمية التي تتبع في اغلب المؤسسات الاقتصادية العالمية للانتقال من الوضع الراهن بأقل التكاليف . وابرز الجبالي ان الحكومة عملت على وضع برنامج لمجابهة ارتفاع الاسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن من خلال تفعيل تدخلات الادارة في مجال مراقبة الاسعار وحل المشاكل المتعلقة بمسالك التوزيع والتصدي للتصدير العشوائي والتهريب عبر الحدود. وكشف ان الحكومة لجأت إلى توريد بعض المواد لتعديل الاسعار والقطع مع الاحتكار إلى جانب انها ذللت الصعوبات امام المستثمرين وساعدتهم على بعث مشاريعهم وتسوية عدد من الاشكاليات القطاعية على غرار السياحة والفلاحة ... سياسات مالية محدودة الزمن وقدم الجبالي بعض المعطيات الاولية التي تثبت نجاح تونس في الخروج تدريجيا من فترة الركود من خلال تسجيل بوادر تحسن النشاط الاقتصادي وفي عديد المجالات ليرتفع الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 4.8 بالمائة وكذلك تحسن المؤشرات المتعلقة بالاستثمار التي بلغت 11.1 بالمائة خلال الاشهر ال 5 الاولى من السنة الجارية واضاف ان الاستثمارات الخارجية المباشرة قفزت ب 19.3 بالمائة اضف إلى ذلك 35 بالمائة بالنسبة للعائدات السياحية . و اعترف الجبالي بتراجع نسق تطور المبادلات التجارية نظرا لصعوبة الظرف الاقتصادي الخارجي مع تواصل الضغوط على التوازنات وخاصة ارتفاع اسعار بعض المواد الغذائية وهو ما يستدعي التحلي بمزيد اليقظة . ونبه الجبالي إلى ان السياسات المالية التي انتهجتها الحكومة تبقى محدودة الزمن ويستوجب رفع التحديات المطروحة للعمل على استعادة التوازنات المالية الداخلية والخارجية . استعادة الترقيم السيادي لتونس واكد الجبالي ان حكومته تحدوها ارادة قوية لانجاح البرامج الاقتصادية وتفعيل الاجراءات الواردة بها وكذلك مواصلة العمل على النهج الاصلاحي لتغيير المشهد التنموي وتحقيق الاقلاع الاقتصادي والرفاه الاجتماعي. وقال الجبالي : «سنركز باذن الله اولوياتنا للعمل التنموي لسنة 2013 على تثبيت انتعاش الاقتصاد الوطني وتسريع وتيرة النمو وتطوير هيكلة الاقتصاد وتعميق الاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية بما يكفل استعادة الترقيم السيادي لتونس وتحسين تصنيفها من قبل الهيئات الدولية». و ابرز الجبالي ان الحكومة ملتزمة بتوفير الظروف المثلى لاستعادة الثقة في الاقتصاد وترسيخ العدالة والمساواة بين الجهات . صعوبات من جانبه كشف حسين الديماسي ان الدولة وظفت أموالا طائلة لتلبية أكثر ما يمكن من المطالب الاجتماعية قصد التصدي للفقر والمحافظة على دعم المواد الغذائية وتقليص ظاهرة البطالة عن طريق الانتدابات ورصد استثمارات لتهيئة البنية التحتية للمناطق الفقيرة. وأشار الديماسي إلى تراجع المداخيل المتأتية من ارباح بعض المؤسسات الاقتصادية الوطنية على غرار شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيمياوي بقابس , اضافة إلى الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصادات الاتحاد الاوروبي . ودعا الديماسي إلى عقلنة المطلبية وضرورة تحديد الاولويات وتبجيل الاهم على المهم. أولويات المرحلة القادمة اكد السيد مصطفى كمال النابلي ان بلادنا مرت بمرحلة صعبة وغير مسبوقة تميزت بانعدام الثقة خلال سنة 2011 و2012 واضاف ان البنك المركزي لعب دورا مهما للتخفيف من وطأتها بالتعاون مع الحكومة من خلال اتباع سياسة نقدية مرنة للتكيف مع متطلبات المرحلة الانتقالية ولتخفيف وطأتها على القطاع المصرفي والاقتصاد. وقدم النابلي بعض المقترحات التي رآها من اوكد الأولويات التي يمكن الاشتغال عليها في الفترة القادمة منها تطهير الاقتصاد من القروض غير المسددة واصلاح القطاع المصرفي , كما اوضح ان البنك المركزي تنتظره مهام جسيمة وقال انه يتحتم عليه تعزيز قدراته في البحوث الاقتصادية واعادة النظر في الاطر القانونية لتدخل البنك في بعض المسائل. واضاف النابلي ان البلاد تواجه تحديات كبيرة تزامنت مع الأزمة الاقتصادية والمالية لبلدان الاتحاد الاوروبي الذي يمثل الشريك الاول لتونس وقال ان هذه الأزمة تمثل عائقا امام اقتصادنا وتقف في طريق نموه، وحث الجميع على مواجهة هذه التحديات لتفادي الانزلقات المالية التي يمكن ان تصيب بلادنا.