جريمة عمرها خمس سنوات وحقيقة استعصت على الأبحاث لاكتشافها الى أن كانت اللحظة الحاسمة التي انجلت فيها أسرارها وكشفت النقاب عن خباياها بعد رحلة الم شاقة كابدتها العائلة في رحلة بحثها عن سرّ وفاة ابنها الذي نجح الجاني في تقديمها على أنها حادث مرور ليظل بعيدا عن المحاسبة . اليوم نعود الى هذه الجريمة بعد أن طلبت العائلة عرض الجثة من جديد على الطب الشرعي بعد محاولة الجاني تفنيد التصريحات التي كان قد أدلى بها في إطار جلسة وأثبتتها شهادة شهود ... الخيط الذي أوصل إلى الحقيقة لم تصدق عائلة الهالك أن ابنها توفي اثر حادث وظلت تبحث عن دليل يبدد عنها الحيرة خاصة بعد أن علمت أن بينه وبين احد التونسيين المقيمين بايطاليا نزاعا. حاول أفراد العائلة مرارا الاتصال بأصدقائه الموجودين بايطاليا علهم يجودون عليهم ببعض المعلومات. فابنهم سافر الى ايطاليا بصفة قانونية ويعمل بإحدى الشركات ولا علاقة له بالمخدرات والعوالم المشبوهة لكن لا احد اخرج هذه العائلة من حيرتها الى أن كانت اللحظة الحاسمة التي تجلت من خلالها الحقيقة حيث التقى الجاني صدفة ببعض أبناء منطقة المجني عليه بسليمان وكان في حالة سكر وطلب منهم الجلوس معه وأثناء الحديث بدأ يستعرض امجاده وذكر حقيقة مدوية عندما استفسرهم عن مسقط راسهم فاعلموه أنهم من القيروان حينها سألهم إن كانوا يعرفون الهالك فلان فأجابوا بالإيجاب فسرد عليهم تفاصيل جريمة القتل التي نفذها في حقه وتبجح بها أمامهم وهو ما أربك كل المجموعة وادخل عليهم الحيرة كيف يتصرفون هل يتكتمون على الأمر؟ لكن ضمائرهم أوعزت لهم بإعلام العائلة واستعدادهم لتقديم شهادتهم لدى فرقة الأبحاث للحرس الوطني بالقيروان . انطلاق التتبعات بموجب إنابة صادرة عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالقيروان تعهدت فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بالقيروان بالبحث في عريضة تقدم بها والد الهالك حول شكوكه في ملابسات وفاة ابنه بايطاليا. وقد ذكر الأب في العريضة أن أربعة شبان أصيلي المنطقة -أدلى بهويتهم- قد التقوا بشخص –أدلوا بكنيته –بأحد مقاهي مدينة سليمان وذكر لهم بطولاته من بينها قتله لشخص يدعى عبد اللطيف بواسطة سكين بعد أن ظن الجميع انه مات في حادث مرور . على ضوء هذه المعلومات تم استدعاء الشبان الأربعة و سماعهم بصفة منفردة واجمعوا على نفس الرواية وأدلوا بأوصاف المظنون فيه وبعد سلسلة من التحريات بسليمان أمكن حصر الشبهة في المتهم البالغ من العمر 45سنة فتم إلقاء القبض عليه وبمواجهته بأقواله بدت عليه علامات الارتباك إلا انه نفى الأمر بتاتا لكن بمواجهته بتصريحاته وشهادة الشهود إضافة إلى صورة تجمعه بالهالك اعترف بالحقيقة وأفاد انه تعرف على الهالك وشخص آخر من أصل جزائري وتوطدت العلاقة بينهم –الثلاثة- وفي يوم الواقعة التقى بصديقه الجزائري فشكا إليه من خلافات بينه وبين الهالك ورغبته في التخلص منه. وفي نفس اليوم دعيا الهالك للسهر معهما وفي غفلة من الضحية وضع الجزائري بكأس الهالك مخدّرا وبعد شرب هذا الأخير الكأس انهارت قواه فمكنه الجزائري من سكين وطلب منه ذبحه بعد أن شد وثاق ذراعيه فنفذ تعليمات مؤجره الذي أغرقه بالديون وهدده إن لم ينفذ ما أمره به وبعد ذلك قاما بجر الهالك إلى سيارته واركباه فيها وقاما بتثبيته وراء المقود بواسطة حزام الأمان ثم تحولا به إلى سكة القطار وتزامن مرور القطار القادم من ميلانو فتركاه فوق السكة إلى أن صدمه القطار داخل سيارته لإيهام الجميع انه حادث مرور وذكر المظنون فيه أنه بعد الواقعة عاش كابوسا رهيبا جعله يعود إلى مقر سكناه بإحدى المناطق التابعة لولاية نابل لكنه لم ينعم بالراحة وأصبح مدمنا على شرب الخمر ويسرد وقائع الجريمة على مسمع جالسيه بالأماكن العامة. بعد استشارة النيابة العمومية بالقيروان أذنت بالاحتفاظ بالمظنون فيه من اجل القتل العمد ولاتزال التحريات متواصلة معه. أمام قاضي التحقيق تراجع المتهم عن تصريحاته معتبرا في مرحلة اولى أن ما قاله كان تحت وطأة ضغوطات تعرض لها أثناء استنطاقه وفي مرحلة ثانية تظاهر بالعته للتفصي من المسؤولية الجنائية وبعد عرضه على الفحص تم تفنيد هذه المحاولة حيث اثبت التقرير الطبي أن الجاني سليم المدارك العقلية وقد تمسك محاميه بان شهادة الشهود لا تكفي وحدها للإدانة وعلى فرض صحتها فقد قالها منوبه وهو مخمور مما يضعف قوتها وصحتها كما أن سبب الوفاة حسب السلطات الايطالية هو حادث مرور ويستبعد أن لا تكون السلطات الايطالية قد تحرت في ذلك لكن العائلة تمسكت بموقفها وطلبت من وكيل الجمهورية الإذن بإعادة تشريح الجثة. وقد صدر التقرير الطبي الذي اكد أن الجثة تحمل طعنتين من الجهة اليمنى وكسر في الرجل وكسر في الحوض وإصابة بالجمجمة مما يؤكد بصفة قاطعة وجود جريمة قتل وبعد ختم التحقيقات أحيل ملف القضية على دائرة الاتهام بنابل .