المدرسة الابتدائية سيدي احمد زروق: الدور النهائي للانتاج الكتابي لسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي.    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صلاح الدين الجمالي» (ديبلوماسي سابق ومحلل سياسي) ل «التونسية»:مهمّة المعارضة ليست إسقاط الحكومة بل تصويب خطواتها
نشر في التونسية يوم 06 - 02 - 2013


التطرف الديني والعنف السياسي مرفوضانّ
مشاكل الحدود
مع ليبيا من فعل عصابات التهريب
اتهام السعودية بزرع الفتنة في تونس في غير محلّه
بحكم تجربته الواسعة كديبلوماسي سابق ومحلل سياسي مطلع على مختلف جوانب الحياة في تونس، تناول حوار الأستاذ صلاح الدين الجمالي مع «التونسية» مواضيع شتى من المحلي الى العربي الى الدولي. ولضيفنا اليوم، مواقف واضحة وصريحة من كافة القضايا المطروحة على الساحة التونسية بدءا بملف الدعاة الذين اضحوا يتقاطرون على بلادنا منذ الثورة باسطين ايديولوجية غريبة عنا، وصولا الى علاقاتنا الإستراتيجية مع الدول الخليجية وتحديدا قطر والمملكة العربية السعودية، مرورا بالحلول المقترحة لإنهاء ازمة الشعب السوري الشقيق ، وبالعنف السياسي وسبل مواجهته محليا والتطرف الديني وطرق مكافحته اقليميا.
بوصفك ديبلوماسيا سابقا مثلت تونس في عدة دول عربية، كيف تقرأ تعاطي الحكومات التونسية ما بعد الثورة مع العلاقات التونسية العربية والغربية ؟
لا شك ان الثورة في تونس كانت لها تأثيرات مباشرة على علاقاتنا مع الدول الأوروبية والأورومتوسطية والعربية كذلك باعتبار المصالح الإستراتيجية لدول الجوار المباشر والجوار البعيد جغرافيا . كما ان لثورتنا تأثير في المحيط الجغرافي لبلادنا فأنا على قناعة بانه لو لا الثورة التونسية لما كان للثورة الليبية ان تقع. ثورتنا قامت ضد الإستبداد واعطت الشعوب العربية نفسا تشجيعيا فقامت الثورات الأخرى وهو أمر ايجابي بجميع المقاييس. لكن بعد الثورة، تميز تعاطي الحكومتين حكومة السبسي وحكومة «الترويكا»، ولا أتحدث عن حكومة الغنوشي لأن الفترة الزمنية كانت قصيرة جدا، بمحافظتهما على الثوابت في العلاقات الخارجية لتونس وان بتفاوت واضح.
فقد عملت حكومة الباجي قائد السبسي على توطيد علاقاتنا الأوروبية والعربية ايضا حيث كان معدل التزاور كبيرا جدا خاصة في الإتجاه الأوروبي. واعتقد ان لكافة الدول امل واسع في ان تفتح الثورة التونسية الأفق لتعميق التعاون بين الدول العربية والأوروبية بالأساس لأن لأوروبا مصالح امنية واقتصادية عضوية مع دول الجنوب .
ثم جاءت الأحزاب السياسية واصبحت ورقة العلاقات الخارجية تستغل من باب المزايدات فيما بين الأطراف السياسية التي يقول البعض منها اننا اكتفينا من اوروبا ولذلك وجب انهاء العلاقات معها، وهناك من يدعو الى تمتين العلاقات مع قطر والسعودية لأنهما تمثلان مستقبلا قويا في الإستثمار، وفئة اخرى تنادي بوجوب نسج علاقات جديدة مع الصين واليابان باعتبار انهما بوابة التقدم الإقتصادي.
كل هذه المقترحات تؤشر على عدم دراية بالشأن العربي وبمصالح تونس عامة فهذه المواقف لم تكن مبنية على المصلحة العليا للوطن وعلى اولويات الشعب التونسي. لذلك ادعو الى النأي بعلاقاتنا الخارجية عن تجاذبات الأحزاب السياسية. فاذا تدخلت هذه الأحزاب في ملف الديبلوماسية التونسية باتهامها هذه الدولة او تلك بامور خطيرة ستؤثر حتما على علاقاتنا التي ربما تصل حد القطع نهائيا وبالتالي الإضرار بمصالحنا الإستراتيجية .
فتونس لا موارد طبيعية لها، وهي تعتمد على علاقاتها وعلى مبادلاتها التجارية مع الدول التي تجمعها بها علاقات تقليدية، واذا أسأنا الى صورة تونس الداخلية من حيث غياب الأمن والإستقرار وتنامي المطلبية وتصاعد حركة الإحتجاجات وانتشار العنف، فان رجال الأعمال وكل المستثمرين العرب والأجانب سوف يغيرون وجهتهم الى حيث الأمن والأمان، وهو ما يقع اليوم للأسف الشديد.
ولذا، علينا ان ننأى بعلاقاتنا الخارجية والإستراتيجية عن الصراع السياسي وان نضع المصلحة العليا للوطن فوق الإعتبارات الحزبية الضيقة. فاليوم عندما نتهم الشقيقة المملكة العربية السعودية بتصديرها للوهابية، فان هذا الإتهام في غير محله وهو مرتكز على معطيات غير دقيقة تستوجب التوضيح قبل اطلاق الإشاعات.
اليوم المملكة السعودية هي نفسها في مواجهة حقيقية مع التطرف الديني والغلو العقائدي، وهي في حرب ضد العنف السياسي، والمملكة اليوم تسعى الى اصلاح اختياراتها الإستراتيجية الداخلية وتطوير المشهد السياسي عامة، من ذلك قرار الملك بالسماح للمرأة بدخول مجلس الشورى واقرار هامش من الحرية في الإعلام السعودي.
ولا أعتقد شخصيا بحكم عملي سابقا بالمملكة ومعايشتي للواقع اليومي السعودي واطلاعي على مواقف السياسيين هناك، ان المملكة تسعى كما رأيناه في بعض العناوين الصحفية المثيرة، الى تدمير تونس عبر زرع الفتنة ونشر الوهابية في ربوعنا.
أنا على قناعة بأن الخوف على تونس من ابنائها لا من ابناء الدول الأخرى، فاذا كنا حقيقة شعبا متماسك الأطراف وجبهته قوية وصفوفة متراصة، لن يتمكن احد من اختراق وحدتنا وما كانت ستؤثر علينا اية عوامل ولا اطراف خارجية.
وصراحة لا اؤمن بان هناك مخططا عربيا لإسقاط تونس او خلق فتنة بين افراد شعبها. صحيح هناك مصالح غربية وعربية للبقاء في تونس او للحصول على مركز بارز في مجال الإستثمار ولكن قطعا ليست هناك مطامع من نوع القضاء على الدولة او نشر الفوضى والفرقة بين افراد الوطن الواحد.
ولمن اتخذ ملف الرئيس الهارب لشن المعارك على المملكة، اقول متسائلا لو هرب بن علي الى بلد آخر هل كانت ستسلمه لتونس؟؟؟؟
الكل يعلم ان التاريخ يحفظ قصصا كثيرة عن رؤساء وزعماء هربوا من ثورات بلدانهم واستجاروا بدول اخرى وظلوا بها ولم تسلمهم هذه الدول الى بلدانهم...ولكل ما تقدم، ارى انه من الخطإ ان نترك هذه القضايا تؤثر على علاقاتنا وعلى مصالحنا المرتبطة بعديد الدول العربية والغربية خاصة في هذا الظرف الإنتقالي الصعب الذي تحتاج فيه تونس الى وقوف كل الدول الشقيقة والصديقة الى جانبها للنهوض باقتصادنا المتعب.
لا اقول انه علينا ان نغفل هذه الملفات الحارقة بالنسبة الى الشعب، ولكني اؤكد انه من واجبنا معالجة هذه القضايا بهدوء وترو وبمنأى عن مصالحنا الإستراتيجية والحيوية حتى لا تتأثر بها.
كما اتمنى على مختلف الأطياف السياسية الفاعلة من داخل السلطة وخارجها ، ان ترتقي بالحوار الى مستوى العقلانية التي تعطي الأهمية القصوى للمحافظة على مصالح البلاد والعباد والنظر الى المستقبل والتخلي عن العراك المحموم على الكراسي والمناصب والكف عن الرغبة في ازاحة الآخر. فدور المعارضة مثلا، ليس ازاحة الغير انما السعي الى تحسين اسلوب الحكم .
اقول هذا، لأنني ارى ان المشكل في تونس هو اسلوب الحكم والعلاقة بين المعارضة والحكومة . ولا سبيل للرفع من الأداء الحكومي واداء المعارضة معا الا بتوخي منهج التشاور والحوار النزيه الهادف الى التقدم لا الى هزم المنافس، كما تسعى اليه بعض التيارات السياسية.
ولكن هناك مخاطر حقيقية تتهدد المجتمع التونسي كالتطرف الديني مثلا؟
كل الدول مستهدفة بالتطرف الديني الذي لا اعتقد انه ممول من طرف حكومة او دولة بعينها، واعتبر ان ضعف الجبهة الداخلية جعل تونس مهددة فعليا من هذا التنظيم العالمي تموله اطراف خفية مختلفة من المحتمل ان تكون دول غربية او عربية لكن، في كل الحالات ليس تنظيما مرتبطا بحكومة معينة . ويتصاعد التطرف الديني كلما ضعفت الجبهة الداخلية.
ومما لا شك فيه اننا اذا اردنا مواجهة هذا المد المتطرف، فانه لزام علينا تقوية الجبهة الداخلية .
برأيك كيف السبيل الى مواجهة هذا التطرف مواجهة صحيحة تحد من أخطاره على المجتمع التونسي بكل مكوناته وألوانه؟
التطرف الديني هو مرض وانحراف فكري وسلوكي. هؤلاء شبابنا وليسوا مجرمين انما يحملون افكارا غريبة عن مجتمعنا واحيانا يدفع الواحد منهم نفسه الى الموت بلا فائدة... التطرف الديني اليوم ليس قضية تونس فحسب، فلا يجب ان نعالجه بمعزل عن بقية الدول. ومثال ذلك تعاطي بعض الدول مع هذه الظاهرة ولا اقول حلها بل التقليص من حدتها عبر الحوار والإقناع والأسلوب الأمني ايضا كلما اقتضى الأمر ذلك.
في تونس لدينا مدارس دينية عريقة تقوم بدور استراتيجي في هذا المجال. ونحن لا نحتاج الى هؤلاء الدعاة الذين يأتوننا لا لنشر الوعي بل لتعقيد الأمور فيما بيننا.
لدينا مدرسة دينية معروفة بنشرها تعاليم الدين الصحيحة وبحرصها على اشاعة قيم التسامح والإعتدال وهي المنارة الزيتونية وهذه المؤسسة بامكانها المساهمة في ترويض العقول وهدي الناس الى ما يخدم مصالح البلاد والعباد وتحديدا الفئة الشبابية. واسباب التطرف الديني مختلفة ومتعددة قد تكون الشعور بالإحباط والفشل والاكتئاب والبطالة المطولة وبعض الأوضاع العائلية المتدهورة..ولذا فان معالجة التطرف وجب ان تكون اجتماعية بالأساس وفكرية مع دعوة العائلات الى القيام بدورها الذي استقالت منه...لأن ما نراه اليوم هو انفلات عائلي وتسيب اسري بأتم معنى الكلمة.
ولا يمكن لأي بلد معالجة التطرف الديني والتصدي له بمنأى عن المحيط الجغرافي باعتبار انه ظاهرة عالمية تمس كل الدول بلا استثناء....
يجرنا الحديث عن التطرف الديني الى تناول مسالة زيارات الدعاة الى تونس منذ الثورة والجدل الذي رافق محاضراتهم التي تفوح منها رائحة غريبة عنا والتوتر الذي يخلفونه وراءهم؟
عندما قامت الثورة رأينا شعبا تونسيا واحدا، اليوم وبعد سنتين من قيام الثورة، وعند احتفالنا بالذكرى الثانية لمسنا مدى تشتت الأراء وتباين المواقف واختلاف الرؤى والتوجهات التي نعتقد ان التأثير الخارجي فيها أمر خطير. وعندما أتناول مسألة الدعاة استحضر مواقف الدول الأخرى منهم: فهل تستضيفهم هذه الحكومات؟؟؟
وقبل ذلك كله علينا ان نتساءل ما معنى دعاة او داعية؟؟؟
الداعية هو الذي يأتي الى بلاد غير مسلمة لنشر الدعوة الى الإسلام. ونحن بلد مسلم ولدينا وعاظ وأيّمة ولا نحتاج البتّة الى الدعاة. فهل هم اعرق دينا واكثر معرفة من علماء الزيتونة ؟؟؟
ثانيا هل يذهب الدعاة الى المملكة العربية السعودية مثلا؟؟ او الى الجزائر او المغرب ؟؟؟؟ هؤلاء الدعاة هم اصلا ممنوعون في بلدانهم من النشاط ولكن تونس وللأسف الشديد اضحت اليوم ساحة مستباحة. وحتى لما يأتون بدعوة من بعض وسائل الإعلام في اطار الجعجعة الإعلامية والفرقة الفارغة التي تحركها اموال فاسدة المنشإ، لا يمكن التعويل عليهم لأن اسلوبهم استنفاري بالدرجة الأولى يهدفون من ورائه الى احداث رجة ودفع الناس في الإتجاه الذي يريدون.
اليوم نتحدث عن الهجومات التي تستهدف مقامات الأولياء الصالحين، الذين لا يؤمن بهم الجميع ولكن نحترمهم كلنا، ونقدر كل من يبجلهم ويؤمن بهم وهذه هي الديمقراطية واحترام الرأي المخالف.
فمن غير المعقول اليوم ان نتحدث عن الوهابية وسعي مشايخها الى نشر مبادئها والقضاء على الأضرحة بالحرق والتكسير والحال ان المملكة السعودية اسست متحفا خاصا بمكة المكرمة يعرض فيه كل ماله صلة بالحياة اليومية للرسول صلى الله عليه وسلم. كما فتحت الأثار النبطية وسمحت للزوار والسياح بزيارتها. اليوم في السعودية ديوان وعلى راسه مسؤول سام برتبة وزير يعنى بالسياحة .. فهل يعقل ان تسير المملكة في اتجاه الانفتاح وننغلق نحن ؟؟؟؟
هذه ليست وهابية انها تطرف تجاوز ما تؤمن به الدول الإسلامية ؟؟؟؟ والخوف كل الخوف ان نستورد غدا اساليب عيش جديدة من افغانستان او بعض الدول الأسيوية المنغلقة... وهو امر يسيء الى صورة تونس والى مصالحها.
عودة الى الشأن السياسي، كيف تقرؤون المشهد المحلي اليوم ؟؟؟
أنا على قناعة بان التحوير الوزاري لن يضيف شيئا لأن المطلوب الآن هو مراجعة اسلوب الحكم ، في اتجاه ان تهتم الحكومة بمشاغل الناس وتضع حدا للتعاطي الحزبي. بمعنى ان كل مسؤول يتسلم مقاليد حقيبة وزارية عليه ان يكف عن القيام بدور حزبي حتى يشعر كل تونسي ان هذا الوزير هو وزير الشعب باكمله وانه منكب على ايجاد حلول لمشاكله. ولا بد من التفريق بين الحزب والدولة .
كما يجب ان يحترم الحوار المواطن التونسي بمعنى ان السلطة والمعارضة لا يمكنهما التصريح بما هو غير متاح على مستوى التنفيذ. فالشعب التونسي اصبح اليوم متوترا بسبب الخطاب السياسي المتوتر الذي فقد مصداقيته على جميع المستويات. فالحكومة كما المعارضة مطالبة بالرفع من مستوى خطابها. وعلى المعارضة ان تتيقن ان مهمتها ليست اسقاط الحكومة وانما تصويب خطواتها بلغة قوامها الود والإحترام المتبادل....اي اننا نحتاج الى وضع مدونة سلوك سياسي.
هذا يجرنا الى الحديث عن العنف السياسي الذي بات لا يكاد يفارق منابرنا الإعلامية ليلا نهارا؟
العنف السياسي هو بالفعل خطر محدق بنا. والعدوى لدى التونسيين كبيرة ..والحقيقة اني لم اعد ألوم التونسي الذي لا يحترم الدولة ، فالدولة ذاتها لم تحترم التونسي. صحيح ان الدولة قدمت وعودا وشوهت تاريخ البلاد السابق...الدولة هي تراكم الإنجازات ولذا يوجب ان نصوب الخاطئ من التاريخ المسجل وننمي الإيجابيات. لا بد من التسليم بانه على مدى اكثر من خمسين عاما كان الشعب يعمل ويكد ويجتهد. وبالرغم مما اخذه بن علي وجماعته، فالشعب التونسي كان ينجز وينتج..فلا مجال عندئذ الى اختزال التاريخ التونسي في عهد بن علي ..صحيح هو خان الأمانة ولكن التونسيين كانوا يعملون ابان حكمه ويجتهدون...فصنعوا بذلك بلدا نموذجيا في المنطقة بشهادة رجال اعمال عرب واجانب كبار...
فهذا الشعب بصدد اضاعة ثقته في نفسه والدولة تشوه تاريخه ..صحيح ان امكانيات الحكومة متواضعة كتواضع امكانيات البلد ككل، وليس لديها عصا سحرية ، ولذا وجب ان نوحد خطابنا السياسي اولا وان ننزع عنه صبغة العنف من الطرفين الحكومة والمعارضة. فاذا اردنا ان يساهم كل تونسي من موقعه في تجاوز هذه الفترة الإنتقالية الصعبة، علينا ان نخاطبه بلغة العقل بعيدا عن التشنج والعصبية والتوتر، وان نصارحه بالحقيقة. وعلى المعارضة تغيير خطابها المنفعل والمبالغ في مضامينه والتفكير في المصالح الحيوية لتونس.
وهنا اتذكر الموقف الشهم للإتحاد العام التونسي للشغل عندما ألغى الإضراب العام الذي كان دعا اليه وبذلك تم تغليب المصلحة العامة، وهو موقف نبيل فيه الكثير من الإيثار والتعقل.
كنت سفيرا بليبيا ابان ثورة الليبيين على القذافي، ما الذي ظل في الذاكرة من تلك الأسابيع الرهيبة ؟؟؟
لقد كانت فترة صعبة ومريرة حيث لم يكف القذافي طوال الثورة التونسية عن تحذير الليبيين من التونسيين لأنه كان على قناعة بان ثورتنا ستدمر اركان حكمه وبان الخطر داهم لا محالة. ولكنه كان مثل بن علي ومبارك فلم يستطع ادارة الأزمة وكان خائفا مرعوبا. فهو في البداية اخذ الأمر باستهزاء وتعالى على طلبات شعبه الذي كان يتوق الى التحرر من الدكتاتورية. فخطابه الى شعبه كان مبنيا على الإستهزاء والسخرية والتطاول واحتقار الآخر...وعموما لا يمكن مقارنة الثورتين التونسية والليبية . صحيح ان بن علي والقذافي لم يحسنا التعاطي مع الثورة في بدايتها ...بن علي لم يكن قادرا على معالجة الأزمة ولكن القذافي كان مغرورا اكثر حيث لم ياخذ ثورة شعبه مأخذ الجد فتطورت الأمور الى حد الإستعمال المفرط للقوة والأسلحة الثقيلة كالطائرات والمدافع والدبابات.
فعندما قامت الثورة كانت متمركزة في طرابلس وبنغازي ولما وجه اهتمامه الى العاصمة فحسب، انتهزت بنغازي فرصة انشغال القذافي بطرابلس فتطورت انتفاضة السكان وصارت ثورة بأتم معنى الكلمة، ثم لما تراءى له انه قضى على الثورة في طرابلس وجه سمومه نحو بنغازي وكان ينوي سحقها، وقتها جاء التدخل الأجنبي لتفادي المجازر.
صحيح ان ثورات ما يسمى بالربيع العربي قامت في ظرف كان فيه التغيير وجوبيا على الأنظمة العربية، فلا يعقل ان تتطور كل الدول الا الأمة العربية، لكن بعض الحكام على خلاف الحكام الأفارقة، رفضوا مسايرة التطور. فحتى الآسيويون تطوروا ، الا العالم العربي ظل في مكانه، ومنهم بن علي والقذافي، وهذا الأخير لو لا تدخل الدول الأجنبية لكانت حصيلة ضحاياه بالآلاف وتذكري ما فعله بشعبه في مصراتة وبنغازي.
كيف عايشت تعاطي تونس التي لم تستكمل ثورتها بعد في ذلك الوقت مع الثورة الليبية ؟؟؟
معلوم ان معارك شرسة جمعت كتائب القذافي بالثوار الليبيين وخاصة على الحدود التونسية بالأساس، وكان هدف تونس الرئيسي عدم فتح جبهة جديدة وعدم اعطاء فرصة للقذافي كي يفتح جبهة اخرى في بلادنا على خلفية انه كان يخطط لذلك. ثم نحن كان لدينا واجب مساندة اشقائنا الليبيين الذين لم نغلق ابوابنا في وجوههم بعد ان سدت امامهم كل المنافذ ولم تبق لهم سوى تونس كملجإ لاقتناء الغذاء والأدوية والوقود وبقية متطلبات الحياة اليومية. وكانت تونس تساند الثوار في موقف سياسي وشعبي واضح وصريح.. وكانت مستشفياتنا تعج بالجرحى الليبيين.
وللتاريخ اقول انه لولا تونس لما تمكن ثوار الزنتان من طرد القذافي من طرابلس لقد كان ينوي القضاء عليهم الى آخر فرد منهم.
اذن كان اختيار تونس بفتح حدودها مع ليبيا قرارا شجاعا مكن الثورة هناك من اسباب النجاح وفسح المجال الآلاف العمال من غير الليبيين من النجاة من مجازر القذافي حيث اتخذوا من الجنوب التونسي ملجأ لهم. ولا يزال الشعب الليبي يعترف بجميل تونس عليه.
أجل، ابان الثورة اعترف الشعب الليبي بوقوف تونس الى جانبه، ولكن اليوم وحال الحدود على ماهي عليه من تناحر ومعارك يستعمل فيها الرصاص لا تدل على ان الليبيين لا يزالون يقدرون لنا مساندتنا لهم...
لا لا غير صحيح..لا يزال الليبيون يشعرون باهمية تضامننا معهم ابان ثورتهم..ولكن ما يحدث على الحدود من مشاكل خطيرة هي اعمال اجرام تقترفها عصابات التهريب ولا دخل للشعب الليبي فيها..وهذه العصابات لا تمثل الشعب الليبي ولا الشعب التونسي، هي صراع مصالح خاصة ...
وجب رفع اللبس الحاصل في اذهان البعض. فالليبيون الشرفاء محتاجون للتونسيين الشرفاء ولا استغناء لطرف عن الآخر. فالمجتمع الليبي الصحيح يتشابه في اغلب تقاليده وسلوكه مع المجتمع التونسي ،،،فالأمن غير مستتب مائة بالمائة لا في تونس ولا في ليبيا، فكيف يتوفر على الحدود اذن ؟؟؟
ما هو الحل للأزمة التي تعصف بالشعب السوري، وهل يشكل بشار الأسد خطرا على المنطقة ككل ام ان المصالح الغربية والحرص على اضعاف المارد ايران هي وراء محاولات شعبه الإطاحة بحكمه؟؟؟
غلطة النظام السوري انه تحالف مع ايران على حساب دول الخليج، وهو خطأ قاتل. وكانت تصريحات بشار الأسد تجاه بعض القادة الخليجيين جارحة. وهذه القيادات لا تزال تعطي الجانب القيمي في العلاقات اهتماما كبيرا.
ثم ان سوريا اصبحت تمثل مصالح صينية وروسية في المنطقة بالإضافة الى ايران وهو ماجعل الغرب يتحامل عليها ويحاول اسقاط نظامها .اذن دخلت سوريا في بوتقة صراع المصالح، وثورة الشعب السوري كانت في بدايتها عادية مثلما كانت في ليبيا ضد الطغيان والإستبداد، صحيح ان حافظ الأسد في سجله عدد هام من الإنجازات الكبيرة لشعبه ولكنها لم تشمل المجال السياسي بالرغم من اهمية ما انجز في القطاع الإقتصادي والإجتماعي والثقافي ، مع انه كان دكتاتوريا...
اما الموقف العربي كان حقيقة موقفا خاطئا حسب رايي، كان من الأجدر ان يكون موقفا اكثر حيادية واكثر ايجابية ولا يكون معاكسا للنظام القائم في سوريا، لأن كل نظام تعاكسه، يهرب الى الأمام ويزيد في التشدد. فالذي وقع ان الدول العربية اتخذت موقفا صارما ضد بشار الأسد ونظامه منذ البداية. فلو حاول الحكام العرب احتواء الأسد الذي تعوقه التجربة بحكم صغر سنه مقارنة بهم، لما آل الأمر الى هذه الحال. صحيح ان الهياكل السياسية كانت مغلقة ومتحجرة في ظل الأسد الأب والإبن، ولكن احقاقا للحق فبشار كان اكثر انفتاحا خاصة وقد عايشت الأوضاع بوصفي كنت سفيرا لتونس بسوريا عندما اعتلى بشار سدة الحكم، لكن هذا لم يكن كافيا ولم يكن يستجيب لتطلعات الشعب المتعطش للحرية.
وبالرغم من كل ما تقدم ما كان يجب التعامل مع نظام الأسد بالعنف منذ الوهلة الأولى، الأفضل التعامل معه بهدوء وترو وهنا خطأ الدول العربية التي عادته دون ان تحاول احتواءه . واليوم دخلت سوريا المرحلة الصعبة بما فيها من مجازر وجرائم واغتيالات والأسد مسؤول عن ذلك بنفس القدر مع المعارضة لأن الخطأ مشترك...وكل من هب ودب يسافر الى سوريا للمشاركة في محاولة اسقاط النظام ويجد السلاح في انتظاره وفي متناوله...
فحتى المصالح الغربية اضحت في مواجهة مع المصالح الصينية والروسية والإيرانية في نفس الفضاء الا وهو الأراضي السورية والحل الوحيد يبقى سياسيا... اي الحوار ولمن يتمسك بعدم جلوس الأسد على طاولة الحوار، اقول له من المهم ان يبقى على كرسي الى جانب بقية الأطراف ولو مؤقتا اي لحين ايجاد حل للأزمة السورية اي الى اجل محدد...
اعتقد ان الأسد لم يعد له مجال للبقاء في سوريا في سدة الحكم بعد ما جرى لشعبه على يدي رجالاته وعليه وجب اعطاؤه ضمانات للخروج السلمي الذي يحفظ له كرامته وكرامة اسرته. وهذا هو دور الدول العربية.
ما الذي تبقى في الذاكرة من الفترة التي قضيتها كديبلوماسي في المملكة السعودية ؟؟؟
عشت في المملكة سبعة اعوام كقنصل عام للبلاد التونسية هناك ثم ثلاثة اعوام كسفير، والحقيقة انه كانت هناك علاقات اخوية مع تونس جد متطورة قوامها الإحترام المتبادل وحرص السعوديين على دعم الأواصر مع بلادنا وقد كانوا رفقة الكويتيين من السباقين للإستثمار في تونس رغبة منهم في دعم اقتصادنا الوطني. صحيح ان حجم الإستثمار السعودي ببلادنا لم يصل الى مستوى الإستثمار الأوروبي وقتها، ولكنني اتفهم ذلك جيدا. فالمملكة لها مصالحها ايضا مع بقية دول العالم وطبيعي ان تكون استثماراتها موجودة حيث تحقق غاياتها خاصة وأنه لرجال الأعمال اولوياتهم التي هم ادرى بها.
كانت علاقات متميزة في عهد الرئيس بورقيبة ولكن أصابتها جفوة في عهد بن علي الذي لم يكن لديه الكياسة اللازمة للتعامل مع القادة العرب ، هم لديهم اريحية وتلقائية وحميمية في العلاقات الا ان بن علي كانت تعوزه المشاعر الأخوية ووسائط التعبير فهو لم يكن يعبر عن فرحته بلقاء الزعماء العرب كما يفعلون هم عندما يزورهم هو ...يعني ان العلاقات التونسية السعودية تراجعت في ظل نظامه، فحتى علاقته بالأمير الراحل نايف لم تكن على درجة من العمق كما يتصور البعض، فالمرحوم كان يزور تونس قبل ان يتعرف حتى على بن علي. وحتى في المرات التي التقيت فيها الأمير الراحل نايف، لم يذكر لي بن علي ولا مرة ...كان دوما يتحدث عن حبه لتونس وكيف انه يشعر براحة نفسية كبيرة هنا.
اليوم لا بد ان يعلم الجميع ان علاقاتنا بالدول الخليجية وخاصة بقطر والسعودية هي علاقات اخوة وتعاون بالدرجة الأولى قوامها الإحترام المتبادل وحرص القيادتين الخليجيتين على دعم مسيرة تونس في هذا الظرف الإنتقالي الصعب. واعتقد ان ما تلوكه بعض وسائل الإعلام عن دور خفي لبعض الدول في السياسة الداخلية لتونس لا اساس له من الصحة وليس في مصلحة بلادنا لأنه قد يسيء لهذه العلاقات التي نريدها متينة وعميقة. كل ما تقوله قلة من الناس التي يسوؤها ان تبلغ علاقاتنا مع الدول الخليجية هذا المستوى الرفيع، عار من الصحة، ويعود بالخزي على قائله. وكل من يتحدث عن العلاقات الخارجية لتونس، وجب ان يدرس المسألة جيدا قبل ان يبدي رأيا في الموضوع والا جانب الصواب.
الى اي مدى يمكن التسليم بان مصر قادرة على تجاوز الأزمة القائمة حاليا بين مؤيدي الرئيس مرسي ومعارضيه؟
اعتقد ان الإخوان المسلمين في مصر ربما ارادوا الإسراع قليلا في الخطوات اكثر من اللزوم، ومصر مشاكلها كثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.