نظرت احدى الدوائر الجناحية بمحكمة الاستئناف بتونس يوم الخميس الماضي في قضية اتّهم فيها طبيب جراح بإحداث اضرار بدنية بالغير نتيجة عدم الاحتياط طبق أحكام الفصول 225 من المجلة الجنائية وتضرر منها شاب خضع لعملية جراحية على مستوى يده اليمنى خلفت له آثارا جانبية وعجزا مستمرا. وتعود وقائع هذه القضية الى شهر جانفي 2012 عندما اصيب المتضرر بانتفاخ بيده اليمنى فتوجه الى احد الاطباء لمعرفة سبب العلة وبعد فحصه مكنه الطبيب من ادوية تتمثل في اقراص وحقن. غير ان حالته ازدادت سوءا فعاد لزيارة الطبيب الذي سلمه رسالة ليتصل بطبيب مختص في الجراحة العامة وحال معاينته قرر اجراء عملية جراحية عاجلة لاستئصال ورم فأقام بالمستشفى طيلة خمسة ايام وظل الجرّاح يتابع حالته على مدار اشهر لكن حالته الصحية لم تتحسن بل ان يده اصبحت تعاني من عجز نسبي واعاقة جزئية فقرر اللجوء الى طبيب آخر لاخذ رأيه في الأمر خاصة أنه رجح فرضية الخطا الطبي وقد أكد له الطبيب الذي عاينه ان بعض الأجزاء من يده المصابة اصبحت تفتقر الى مركز العصب الحسي وبناء على ذلك قرر المتضررتتبع المسؤول عن مضّرته أي الطبيب الذي أجرى له العملية فتقدم بشكاية ضده طالبا تتبعه عدليا. واستنادا الى هذه الشكاية تم استدعاء الطبيب الذي أفاد أثناء استنطاقه أن حالة المتضرر كانت قد بلغت درجة متقدمة وأن التعفن بيده أضّر بالجلدة وبالأعصاب وانه سعى جاهدا الى استئصال التعفن وتنظيف الجرح وبعد خضوعه لحصص تدليك طبيعي لاحظ أن إصبع المصاب بدأ في الانكماش وأكد أن أسباب المخلفات التي علقت بيده تعود الى تأخره في اجراء العملية ولاتدخل في اطار مسؤوليته بل أنه انجز مأموريته المنوطة بعهدته بكامل الدقة والأمانة وحاول قصارى جهده ان ينقذ يد المريض. وبعد سماع أقوال المظنون فيه وجهت له تهمة إحداث اضرار بدنية بالغير نتيجة عدم الإحتياط. وبإحالته على انظار إحدى الدوائر الجناحية بابتدائية تونس أذنت المحكمة بعرض المتضرر على لجنة طبية مختصة في جراحة العظام. وبعد معاينة المتضرر بين أعضاء اللجنة في تقريرهم ان الضرر الذي علق بالمدعي خلف له انكماشا في احد الاصابع وعجزا مستمرا على مستوى وظيفته وقدره خمسة في المائة. كما نفى التقرير وجود خطإ طبي. وقد تم عرض المتضرر مجددا على أعضاء مجمع طبي آخر من بينهم طبيب شرعي أكدوا ضمن تقريرهم أن العجز الحاصل يعزى الى التأخر في اجراء العملية ولايوجد خطأ طبي بل ان المشتكى به اتبع القواعد اللازمة, وبناء على ذلك قضت المحكمة حضوريا بعدم سماع الدعوى العامة والتخلي عن الدعوى الخاصة فاستأنفت النيابة العمومية والمتضرر القضية وتمسك دفاعه بضرورة اعادة الاختبار على اعتبار ان مأمورية الاختبار الصادرة عن محكمة البداية للخبراء غير قانونية لكونهم ليسوا أطباء شرعيين إذ أن القانون خصهم دون سواهم لإبداء الرأي الفني في النزاعات المدنية او الجزائية وينسحب نفس الامر بالنسبة للمأمورية الصادرة عن الإختبار الثاني الذي يحتوي على طبيب شرعي واحد وهذا غير كاف ولايضفي على التقرير سلامة المصدر والاختصاص. محكمة الاستئناف بعد المفاوضة قضت بإقرار الحكم الإبتدائي وبعدم سماع الدعوى في حق المشتكى به.