أبو مازن كيف تحصل الدكتور المرزوقي على المرتبة الثانية ومن أنتخبه؟ من منع بابا الباجي من الظفر بالرئاسة منذ الدورة الأولي؟ لماذا اختلفت نتائج الرئاسية على التشريعية؟ هذه أسئلة تداولتها المنابر الاعلامية و تحدث فيها العامة والخاصة بإطناب بعد أن أذهلت نسبة المؤدين للرئيس المتخلي الثورة المضادة والمؤيدين للردة بعد يأس معلن في عديد المناسبات من الثورة و مآلاتها من فوضى و ارهاب وغلاء معيشة كما يدّعون و يروّجون. هذه النهضة كالعادة في قفص الاتهام بعد أن انحازت قواعدها الى المرزوقي بشكل واضح لا لبس فيه فأظهرهم الاعلام وكأنهم خالفوا رأي قيادتهم. تلك مغالطة أولى تتعمد الثورة المضادة اثارتها رغم أن قيادة النهضة لم تمنع منخرطيها من انتخاب مرشح بعينه ولم تؤيد كذلك مرشح آخر في كل الأحوال، ولعل هذا الموقف الحكيم أحرج العديد من السياسيين المحسوبين على اليسار و فلول التجمع المنحل فاعتمدوا المهادنة أيضا قبل موعد الانتخاب و علموا ان الأمر دبر بليل فهو مصيبهم لا محالة. النهضة كما يقول المثل ‘‘كلحمة الكرومة متاكلة و مذمومة‘‘ يطلب ودها العديد ولكن ذلك الود لا يمكن أن يصيب الجميع. النهضة لا تقلق عندما تكون في المعارضة بل كثيرا ما تكون بنّاءة واعية بمشاكل الشعب و داعمة للمطالبة السلمية بالحقوق، النهضة صمدت أمام كل الاهتزازات التي راهن خصومها التقلديين على تهويلها و اغراق الاعلام بأخبارها التي تتساقط بضع مرات في السنة. حتى استقالة حمادي الجبالي الأخيرة و اصراره عليها كانت في صالح النهضة وصالح المرزوقي ولم تستفد منها الثورة المضادة في هذا الظرف العصيب. للنهضة العديد من عديد الأولاد والبنات لترشيحهم ولكنها خيرت استبقاءهم لمراحل لاحقة رأفة بالوضع التونسي و لعدة اعتبارات اقليمية بل راهنت قواعدها على ربيب النهضة ‘‘المرزوقي‘‘ لماضيه الناصع في مجال الحريات والديمقراطية لمّا كان صلدا في وجه الاستبداد ولم يطأطا ليلة الثالث عشر من جانفي فلا يتدارك المخلوع أمره و يفر بعد سويعات. ربيب النهضة رغم علمانيته لم يكنّ العداء للدين و وقف احتراما وتقديرا لشعب متيّم بهويته العربية الاسلامية. ذلك بيت القصيد الذي تحاول العديد من التشكيلات الملتحقة بحملة بابا الباجي ذوات الميولات اليسارية والتي تحصر الهوية في اسلام تونسي على حد قولهم لا نعرف منه سوى التسامح و ايمان القلب وينسون ما يصدّقه العمل. زد على ذلك النزعة الاستبدادية التي لم تغادر قدماء التجمع في المنابر الاعلامية و الاجتماعات الحزبية والمقاهي وحديث الشارع العام حين يلوّحون بالانتقام من الثورة والرجوع الى طرق الاستبداد السياسي والفساد. عديدة هي لتصريحات التي لا تضع أدنى شك من سوء المنقلب لو أطلقت أيدي هذه التشكيلات فاليسار يبحث عن فرض اطروحاته الفكرية وايديولوجياته العقيمة والتجمع المنحل يبحث عن سطوته التي افتقدها و أمواله التي منعت عليه ثلاث سنوات بالتمام والكمال فيطلق يده في جيوب المواطنين ويبيع الوهم كما كان يفعل من قبل. ربيب النهضة رغم عيوبه التي قد يعددها الخصم والصديق معلومة لا تتجاوز شيئا من النرجسية وسرعة مبالغة في التصريحات ولكنّ بابا الباجي الذي أبلى البلاء الحسن في انتخابات 2011 خسر الكثير من تلك الميزات لمّا ناصر المتضررين من انتخابات التأسيسي الذين اغرقوا البلاد في جو من الضغينة والفوضى و ارباك المسار. كانت حظوظهم وافرة لو التزموا المعارضة البناءة فرشّدوا الحكم باسداء النصيحة و الانتصار لقرارت الشعب التي ترجمت في عديد المواقف، ولكنهم حبذوا التزاوج مع التجمع المنحل بعد أن حوتهم جبّة بابا الباجي تلك التي غسّلتها فترة الانتقال الديمقراطي الأولى فجعلتها بيضاء ناصعة من أدران السنوات الأولى للدولة المستقلة. انّ ما بقي من أيام قبل الدور الثاني قد تقلب المعادلة مرات و مرات فيحتفظ هذا الدور بسرّ نتائجه الى آخر لحظة فترتبك سيقما وأخواتها وننتظر الى ساعة متأخرة من الليل النتائج الأولى على لسان شفيق صرصار. انّ تونس مضت الى الأمام و ستبقى على نفس الدرب مهما كانت النتائج المعلنة فما عاشه التونسي من أجواء حرية التعبير و شفافية الانتخاب و حرية اختيار قيادته ليس بالهين حتى يُتخلّى عنه بمجرد تصريح أو تخويف أو تدافع بين مرشحين. انّ تونس برجاحة عقل رجالها ونسائها وتحت غطاء جيشها الباسل وأمنها الفطن لن تصيبها علة الاستبداد من جديد مادامت أعين الناس ترقب الوضع من قريب وتنتصر لمبادئ ثورتها المباركة.