بعد أن كانوا مطاردين في بداية شهر رمضان منْعًا للانتصاب الفوضوي، تمكّن الباعة المتجوّلون في الأيّام الأخيرة من نشر بضاعاتهم المتنوّعة على جنبات الطرق وعلى الأرصفة وأمام عتبات الأبواب، كل شوارع العاصمة تغصُّ بالبضائع والألوان: أحذية جوارب مواعين أدوات مدرسية مفارش سلع من كل القارات (من تركيا والصين وليبيا والجزائر ومن تيوان وتشيكيا) سلع وسلع والشوارع يملؤها الاكتظاظ، ولكن هل هناك حركة بيع وشراء بالحجم المنتظر في مثل هذه المناسبات؟ تجّار الملابس يقولون يا حسرة على عيد زمان، وحضّارة السوق المركزية يشتكون من ركود المبيعات، أمّا بائعو اللحوم الحمراء فيصرخون «وينو الوكّال». في الشوارع المحيطة بالسوق نجد بعض الزحام حول منصّات تبيع أغلفة الكراريس وبعض الأدوات المدرسية كالألواح والأقلام والمباري والمساطر.. مستلزمات يقبل عليها بعض الناس الذين سألنا بعضهم عن سبب عدم شراء كل حاجياتهم من هنا فقالوا انّ المكتبة التي في الحي تبيعهم بالتقسيط لذلك يخيّرون أن يشتروا منها غالبية المستلزمات رغم أنّ السعر قد يكون أعلى في شارع متقاطع مع «شارل ديغول» حيث عادة ما تزدهر حركة بيع ملابس الأطفال للعيد لا شيء هناك يُوحي بحركة كثيفة المحلات فارغة ولا وجود لأولياء مع أطفالهم، استوقفتُ سيدة في باب محلّ أحذية لأسألها عن حال الأسعار فقالت انظري كيف يكون حذاء لابن الرابعة ب 31 دينارا فكيف اشتري حذاءين لابني وابنتي فضلا عن ملابسهما ومصروف رمضان، لقد اكتفت هذه السيدة كما قالت بأشرطة ملوّنة ودبابيس شعر ستُسكن بها لهفة ابنتها ذات السبع سنوات أملاً في أن تنقذ «الشهرية» القادمة أيّام العيد من أزمة تلوّح في الأفق ولكن الحفرات كثيرة فماذا ستردم الشهرية وماذا سنترك. هناك أيضا في الشوارع المكتظة منصّآت تبيع لُعبًا للأطفال مستوردة يعلم اللّه مدى استجابتها لشروط السلامة.. ولكن بعض الأولياء يقتنونها بمنطق أفضل من لاشيء... الزحام، الزحام، أناس تعبر في كل الاتجاهات ولكلّ مُبرّراته في حركة الجيئة والذهاب فمن راغب في تقضية الوقت إلى راغب في الاطلاع على المعروضات قبل الشراء، إلى متلهف لمعرفة الأسعار قبل اضطراره للشراء... إلى متسوّق فعليّ تجدهُ من بين كل عشرة مارّين، الشوارع مزدحمة والسلع متوفرة ولكن المقدرة الشرائية هي الغائب الأبرز.