أو تسألني عن الرفاق! اذن دعني أطمنئك، نحن بألف خير، فألف ألف يشكرون، تسألني عن الاهل والخلان والاحباب، العم «سام» كما عهدته، وسع خيره ما بين السماء والارض مازال يزرع البسمة على شفاه الاطفال ويملأ الدنيا فرحا ومرحا، يطعم الافواه الجائعة ويداوي الجرحى ويواسي الثكالى... بل انه قد كثف من اعماله الخيرية فطائراته المحملة بدمى الاطفال وهدايا اعياد الميلاد وباقات الورد والياسمين لا يكاد يهدأ لها بال فهي تجوب اصقاع العالم شرقا وغربا ولان الحاجة ام الاختراع ولان الطلب فاق العرض فقد تغير شكل الدمى والعرائس فاتخذت اشكال صواريخ لطيفة النوع جميلة الشكل زاهية الالوان بهية المظهر... او تسألني عن الرفاق! اذن سجل ان نبوءتك عن الدب الروسي تحققت. فقد اتضح انه كان نمرا من ورق؛ وكما بفعل بعض الاطفال بدماهم ولعبهم في لحظات الغضب، فعل «قوربي» «Gorbatchev» نفس الشيء بما كان يعتقد انه مارد. كتب له «قوربي» وصفة سحرية اسمها البرسترويكا «Perestroïka» فككت اوصاله وحررت الشعوب المكنوب عليها من قمقم التدجيل والنفاق... اتذكر ذاك اللقاء الذي جمعك ذات مرة ب «جون بول سارتر» و «سيمون دي بفوار»؟ سألاك مساءها: «ما هو مشروع ثورتكم؟» لم تفكر كما يفعل محترفو الشعارات الوردية الرنانة وأجبت بتلقائتيك المعهودة لي لغة فرنسية أنيقة وبلكنتك «الاسبتو ارجنتو كوبية» توسعة افاق الممكن «élargir le champ du possible» الممكن ما زال حلما ورديا يراود الرفاق في بلاد يريدها العم «سام» جمهوريات موز وجنس وأفيون وتريدها الشعوب مقبرة لأعداء الشعوب وجنة للفقراء والمحرومين. وعلى ذكر الجنة اتذكر قول رفيقك العربي ذات اجتماع: «لا نريد ان ندخل الجنة ببطون خاوية» حتى الله لا يحب ذلك لعبيده. او تذكر ال «ليبرتادور «El Libertador» سيمون بوليفار. يؤسرني هذا التجانس بينكما. لقد وحد «بوليفار» ثم حكم فينزولا وكولومبيا والاكواتور في ما سمي انذاك بجمهورية كولومبيا الكبرى ثم حكم البيرو واخيرا حكم بوليفيا التي اعطاها اسمه. انت ايضا انطلقت من مسقط رأسك الارجنتين الى الشيلي والبيرو وكولومبيا والاكواتور وباناما لتفعل نفس الشيء لقد جبت امريكا الجنوبية سائحا ثم عدت الى قواتيمالا ثائرا متمرسا ومنها الى المكسيك لتبدأ رحلة ربيع الثورة من سيرا ميسترا «Sierra Maestra» الى «هافانا» حرية الشعوب. رفيق دربك «كاسترو» ذاك العجوز المتعنت، اثقلت كاهله الدسائس والخيانات فأسلم زمام التحدي قاريا «هيجو تشافيز» «Hugo Chavez». لا شك انك تذكر ذاك الطفل الفنزويلي المشاكس «شافيز»، يوم قررت ان ترحل كان شافيز يلعب الكرة مع رفاقه في حي من الاف الاحياء الشعبية التي تشكل أحزمة بارود سوداء تنذر بالانفجار في كل لحظة لتعصف بالاحياء الراقية اياها. «شافيز» كبر واشتد عوده، وصار عتيا كالصخر. فتمرد على طقوس القبيلة التي كانت تريد له ان يكون نجم كرة قدم او زعيم عصابة كوكايين أو... «شافيز» تأبط شره وجمع كل صعاليك الكارييبي وراح يسطو على ثروات الاغنياء ليوزع غنائمها على فقراتها. التمرد والتوق الى الانعتاق سمتان تجمعان الى حد التوحد بين عرب الكرامة وشعوب الكارييبي. او تذكر انك قلت ذلك ذات زيارة للجزائر اثناء حضورك لمؤتمر الدول «الافرو اسيوية»؟ كنت سعيدا انذاك وكنت تشعر ان نظرية البؤر الثورية بدأت تعطي ثمارها... جدار العار الذي اقامه الطغاة للحيولة بين شعوب العالم ان تتحد عصفت به ايادي عمال مناجم ومصانع اوروبا واضحى خرابا... بعض المحسوبين على حكم الفقراء امثال نيكولاي شاو سيسكو «Nicolae Ceausescu» حوّلوا بلدانهم الى «قولاقات» كبرى. «des goulags» وحوّلوا شعوبهم الى قطعان من الاماء والعبيد، واحاطوا عروشهم بأجهزة البوليس والجند المدججين بالسلاح، ولان الطغاة لا يعتبرون من التاريخ فقد نسوا مصائر لويس السادس عشر؛ الذي كنسته ثورة الرعاع الفرنسيين الذين كان الارستقراطيون الفرنسيون يتنذرون بتسميتهم «les sans - culottes» ؛ والقيصر نيكولا الثاني و «الدوتشي بينيتو موسيليني «Benito Mussolini» الذين كانت نهاياتهم في مزابل التاريخ لان الشعب لا يحب الطغاة وانه لحب الخير لشديد وهو على العصف بعروش الظالمين لقدير. كان قدرك ان تجوب امريكا اللاتينية على دراجتك النارية ايام الشباب وصار قدرك ان تصنع الفرح في الجزيرة السعيدة على بعد اميال من كوخ العم سام وقدرك ان تحلم بأن يكون الفرح بندا اساسيا في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وانت القائل وقولك الحق «بعد التجارب التي عايشتها في امريكا اللاتينية، يكفيني القليل لاقتنع بالانخراط في اي ثورة ضد طاغية» وانه «لا حياة خارج الثورة». وقبل ان نفترق صورتك التي التقطت لك بمناسبة العدوان الامبريالي الآثم على الميناء الكوبي الآمن تنتشر في كل مكان، تغيض اعداءك وتفرح رفاقك والمدرسة التي عرفت صعود اخر انفاسك الطاهرة تحولت الى مزار للفلاحين الفقراء؛ وانك كعهدهم بك تستجيب لصلواتهم وتحقق لهم رغباتهم البسيطة التي لم تحققها لهم خلال حياتك. لقد صرت قديس الفقراء والمضطهدين ورمزا خالدا للحرية والانعتاق.